الرئيسية - دنيا الإعلام - على اللقاء المشترك أن يحدد موقفه من وجود الميليشات الدينية
على اللقاء المشترك أن يحدد موقفه من وجود الميليشات الدينية
الساعة 12:00 صباحاً البديلخاصبكر احمد
كان قيام ما يقارب ثلاثمائة مراهق هم قوام اللجنة المنظمة مع رئيس جامعة الإيمان  بتنظيم اجتماع في قاعة أبوللو والتي كانت أشبه ما تكون بحفلة زار صاخبة والتي تم بها  الإعلان عن المؤتمر الأول للفضيلة بمشاركة واسعة من رجال الدين وبعض المشائخ القبليين الباحثيين عن نفوذا ما وبحراسة  رسمية من المؤسسة الأمنية ، هذا الاجتماع وطريقة إدارته واختيار قادته ونوعية الشعارات التي رفعت وحالات التشنج التي رافقته ، كلها أشياء تدل على أنه ثمة مصيبة قادمة لا محالة ستصيب الوطن والمواطن خاصة والجميع يعرف أن الزنداني لا يجروء على القيام بأية خطوة ما لم يكن الرئيس قد وافق عليها ولو ضمنيا  ، كما أن خطورة هذا الاجتماع مع أكثر الناس غلاة وتطرفا في اليمن هو تزامنها مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والتي قد تفهم على أنها مقايضة بين الرئيس وبين الزنداني على أن يقف الأخير كعادته خلف رئيسة ليصدر له  الفتاوى ويمتدحه ويجعله من الأخيار ، والأخطر من هذا كله أن هذه الهيئة وفي أول مؤتمراتها طالبت النظام بالحسم العسكري في صعدة خارجة بذلك عن مهامها التي طالما حاولت أن تعلن عنها بأنها ستكون أكثر لطفا ونصيحة ، فأختلط الأمر علينا عن ما هية وظيفة هذه الهيئة ، هل هي اجتماعية أم دينية أم سياسية أم عسكرية ؟  حاول الكثيرون أن يدافعوا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنسختها اليمنية ، إلا أن أصحاب الفكرة أنفسهم هم مصدر الخوف والريبة ، ففي الاجتماع الأول يعلن الذارحي بأن الانترنت حرام مثله مثل شرب الخمر ، وهذا يعني أن مقاهي الانترنت كلها ستكون أحد أهم أهداف تلك الهيئة لإغلاقها رغم أنها لا تبيع إلا معرفة وتواصل وتقنية وعلوم يمكن الحصول عليها من تلك المقاهي ، مما قد يعطي رسالة بأن الفضيلة هي ضد تلك المعارف ، وأن الرجل الفاضل الذي تريد أن تخلقه تلك الهيئة عليه أن يكون أمي يسمع ويطيع وأن جُلد ظهره ، فتلك الهيئة لا توجد لديها كما يبدوا لنا خطوط أو فواصل في فكرتها ، وهم أكثر تشنجا مع الآخرين ومع من يرفض فكرتهم ولا يتورعون إطلاقا عن تأثيم وتجهيل كل من يرفض وجود هذه الهيئة على اعتبار أن من يفعل ذلك هو داعية للرذيلة المناقضة لمسمى هيئتهم المزمع إقامتها ، متناسين عن عمد بأننا دولة دستورية مرجعنا الدستور ونحتكم عبر المؤسسات القائمة ، ومن حق أي إنسان أن يرفض أن يسلط عليه رقيب في الشارع يتتبع زلاته حتى يقوم بتطبيق حكمه عليه لمجرد الشبهة  . كان من السخف أن يكتب البعض _ وأنا منهم _ ممن رفض وجود هذه المليشيات الدينية مطالبا الزنداني والذارحي بفضيلة الوقوف أمام المظالم المنتشرة في البلاد ، لأنهم وبكل سهولة ما هم إلا علماء السلطة التي تغني على ليلى النظام وتهتف وتمجد باسمه وفي آخر النهار تصلها المعونة كما ينبغي ، و علينا أن نتوقف من تكرار ذات الأسطوانة كلما خرج الزنداني بتقليعة ليستفيد من قربه من النظام محاولين إحراجه بأنه يتملق ويدعم نظاما فاسدا حتى أذنيه ، لأنه وعلى ما يبدوا لا يجد غضاضة من وقوفه خلف هذا النظام ، كما علينا أن نتوقف عن اعتبار الزنداني ومجموعته الدينية شيء منفصل عن المؤتمر الشعبي العام والرئيس الذي حكم ثلاثون عاما دون أن يحقق شيء يذكر ، فالزنداني هو المؤتمر والمؤتمر هو الرئيس والرئيس هو الزنداني ، أنهم كتلة واحدة وفريق واحد يعمل بتناغم ويتلاعب بالوتر الديني حينا وبالوتر الوطني حينا آخر .كان من الغريب أن يستغرق الأمر معنا  كل هذا الوقت حتى نفهم هذه اللعبة التي انطلت علينا كثيرا ، لكن العزاء هو لطبيعة الإنسان اليمني الذي يثق برجل الدين ولا يعتقد فيه أبدا أنه قد يكون فاسدا أو داعما لنظام مستبد ، هذه الطبيعة السهلة هي من جعلت أصحاب اللحى يستفيدون أكثر مما كانوا يتخيلوا وظلوا مجاهدين على الحفاظ على نمطية اليمني حتى لا يتغير وحتى تزيد فوائدهم ، وإلا ماذا يعني أن نرى الزنداني يزداد قربا من النظام ويزداد نفوذه كلما علت نبرته الدينية ، وهذه النبرة لا تكون ذات معنى أن لم يكن لديه طرف آخر هو " كافر " أو " شيوعي " أو " علماني " أو أخيرا " رافضا هيئته لتنمية الفضيلة " . إلا أنه ورغم ما قلناه بأن الزنداني بحقيقته هو جزء لا يتجزأ من منظومة الفساد الحاكمة لكنه وحسب ما هو متعارف عليه وكما يعلن هو بنفسه مازال عضوا في تنظيم الإصلاح المعارض بل وفي منصب قيادي مهم ، وأنه حين يقوم بتلك الأعمال الموالية للنظام فهو يخرج وعلانية عن خط سير حزبه المتعارف عليه  مما يصيبنا بشيء من الارتباك حيال هذا الأمر ، وان وسكوت حزبه حتى الآن عن إنشاء تنظيم ديني جديد في ظاهرة يدعوا للفضيلة وفي جوهرة هو ذراع للنظام بها شيء من الدلالة على الموافقة على مثل هذه الأعمال ، فالسكوت في الغالب يدل على الرضا ، وبما أن الإصلاح هو ملتزم بخط سير تكتل الأحزاب المعارضة المسمى " باللقاء المشترك " والذي من الواضح جدا أن تلك الهيئة ستستهدف الناصريين والاشتراكيين وستجد ذريعة للنفوذ نحو حياتهم الخاصة  لتدعوهم للفضيلة ، فهنا اللقاء المشترك مطالب ببيان واضح وصريح يبين لنا موفقه من هذه الهيئة حتى نستضيء الرؤية ونفهم إلى أي مدى تسير هذه اللعبة . ثمة احتمال أن ينحاز الإصلاح كتنظيم إسلامي وحتى لا يخسر أهم قوة يمتلكها إلا وهي الخطاب الديني إلى هذه الهيئة ، وفي حالة مثل هذه ، هل سيتبع الاشتراكي والناصري موقف الإصلاح  حتى وأن كان مخالف لأدبياتهم ، لأنه وأن فعل هذا فهو دلالة واضحة على قصور وعي تلك الأحزاب وهشاشة إيديولوجيتها وضعف شخصية قادتها ، وأن اعترضت على هذا الموقف ، فهي ستبدأ مرحلة جديدة من الانقسام الذي سيعمل عليه النظام ويبنى خططه المستقبلية حتى يقضي على هذا التحالف نهائيا وهو الذي طالما عزف على نوتة التضاد الفكري الذي يجمع بين  أحزاب اللقاء المشترك  .لذا ومن نافلة القول أن الأمر مناط وبالشكل الأساسي إلى تنظيم الإصلاح، والأمر برمته متوقف عليه وعلي ما سيتخذه ، فخطوات الزنداني متسارعة وسهلة وتمضي بمرونة ، بينما الآخرون وحتى اللحظة كأنهم غير معنيون بالأمر رغم خطورته على الحياة بشكل عام ، أنها وبكل سهولة وأن تم وخرجت هذه المليشيات الدينية إلى واقع التطبيق ستكون نكسة من الصعب جدا في وقت لاحق تغيرها .  [email protected]