الرئيسية - كــتب - الهجرات اليمنية إلى الهند..تاريخ غامض
الهجرات اليمنية إلى الهند..تاريخ غامض
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

كرس الدكتور جمال النظاري أكثر من أربع سنوات مشتغلاٍ باحثاٍ عن المهاجرين اليمنيين في الهند…تاريخهم..نتاجهم الثقافي والفني ..أحوالهم وكل ما يتصل بهم وبحياتهم في المهجر..جامعاٍ المئات من الوثائق التي تعتبر شهادة تاريخية حية على قدرة المهاجر اليمني صنع المعجزات..كل ذلك أصدره مؤخراٍ في كتاب حمل عنوان (الهجرات الحضرمية إلى الهند خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر) وذلك عن وزارة الثقافة.. ويكتسب الإصدار أهميته من موضوعه المتفرد عن الهجرة الحضرمية الى الهند خلال القرن التاسع عشر والتي امتدت حتى منتصف القرن العشرين ووفقاٍ للمعلومات التي توافرت للباحث فربما تكون هذه الدراسة (الإصدار) الأولى من نوعها في دراسة الأوضاع العامة للمهاجرين الحضارمة في الهند . والتي هدف من خلالها إلى الوقوف على مسألة هجرة أبناء حضرموت الى الهند وتأثيراتهم و تقويم الآثار وإبرازها ودرجة اندماج المهاجرين في مجتمعهم الجديد كما ناقش أشكال التكيف والاندماج الثقافي المتبادل والتوافق الاجتماعي والسياسي والاقتصادي من وجهة نظر تاريخية . امتدادات الإصدار احتوى الإصدار على (5) فصول.. توزعت على أكثر من (12) مبحثا .. تناولت ظاهرة الهجرات اليمنية وخاصة الحضرمية في مراحلها المختلفة خلال القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين إلى الهند ..إلى جانب تناولها مراحل الهجرات منذ بداية العصور الحديثة فضلاٍ عن الإشارة بشيء من الإيجاز عن المقدمات الأولى للهجرة.. علاقات يمنية هندية وتناول الدكتور جمال النظاري في الفصل الأول في مبحثه الأول.. الخلفية التاريخية وبواكير العلاقات الحضرمية الهندية..وفي المبحث الثاني الخلفية التاريخية لكل من الهند واليمن..وفيه استعرض .. الخلفية التاريخية للهند وحيدر اباد الدكن والخلفية التاريخية لليمن وحضرموت..في المبحث الثالث..تناول بواكير النشاط البحري الحضرمي في المحيط الهندي وتطور العلاقات الحضرمية الهندية..أما الفصل الثاني فتضمن شرحا تفصيليا عن الهجرات الحضرمية-مفهومها-أسبابها-آثارها وجذورها التاريخية حتى منتصف القرن العشرين..في المبحث الأول تناول أسباب الهجرات الحضرمية وفصلها إلى اقتصادية واجتماعية وسياسية وإلخ.. و تطرق إلى أثر الهجرات الحضرمية والتي منها الذاتية والموضوعية..تناول في المبحث الثاني موضوع الهجرات الحضرمية وجذورها التاريخية حتى أوائل القرن التاسع عشر ..وعدد تلكم المواضيع ..وفي ختام الفصل الثاني قدم توثيقا لمحطات استقرار الحضارمة في الهند ما يدل على الجهد الكبير الذي بذله المؤلف في تقديم نماذج لشخصيات حضرمية برزت في الهند خلال القرن السادس عشر والتي منها ..الشيخ محمد بن عمر يحرق 869-930هـ الموافق 1465-1524م وعبد المعطي باكثير 905-989هـ الموافق 1499-1581م وأكثر من (22) شخصية ثقافية تاريخية يمنية أخرى تركت أثرا ثقافيا كبيراٍ في الهند..في المبحث الثالث تناول مسألة الهجرات الحضرمية منذ القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين ..ابتداء من وصول القبطين إلى الهند ودورهم ومرورا بوصول العولقي إلى الهند ودوره فيها ووصول أسرة الكثيري إلى الهند ودورها وحياة العيدروس في حيدر أباد وتدفق الحضارمة نحو حيدر أباد في القرن التاسع عشر وأخيرا تطرق بأسلوب سردي إلى تاريخ انتشار الحضارمة في الجنوب الغربي من شبه القارة الهندية تأثيرات اليمن العسكرية على الهند تناول المؤلف في الفصل الثالث من إصداره المميز التأثيرات العسكرية والقضائية والسياسية للحضارمة في الهند وقسمه إلى ثلاث مباحث..المبحث الأول.. الآثار العسكرية..المبحث الثاني.. اثر الخلافات الحضرمية في ما بينهم ومع غيرهم..المبحث الثالث..الحضارمة وتأثيراتهم القضائية والسياسية.. “مثل الوجود الحضرمي في الهند الهيبة التي كان يفتقر لها كثير من أمراء الهنود المسلمين والهندوس الذين ذهبوا إلى اتخاذ عرب حضرموت جنوداٍ لديهم بعد أن لفتت أنظارهم صلابتهم وأمانتهم واعتزازهم بأنفسهم فعمدوا الى استجلاب المزيد منهم للعمل لديهم جنوداٍ في حراسة القصور والقلاع والخزائن وكانوا يحصلون مقابل ذلك على كثير من الأموال بل وكانت تمنح لهم الإقطاعيات الزراعية الواسعة فأصبحوا خلال القرن التاسع عشر من أثرياء الهند عموماٍ وحيدر آباد بشكل خاص بل وحققوا مراتب عسكرية رفيعة ومراكز اقتصادية ومراتب علمية مرموقة في وقت وصلوا الى الهند وهم لا يملكون من حطام الدنيا شيئاٍ” . اقتصاد يمني في الهند تناول في الفصل الرابع من كتابه .. التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للحضارمة في الهند والتي منها العائلة وطرق الزواج واللباس والزينة والقهوة والأطعمة والأهازيج والرقص الشعبي الحضرمي وتأثيراته في الهند الآثار الثقافية لعل ما اكسب الإصدار بهاءٍ تناوله في الفصل الخامس والأخير الآثار الثقافية للحضارمة في الهند وابرز شخصياتها في مبحثين.. الأول الآثار الثقافية للحضارمة في الهند والثاني الأدب الحضرمي وابرز شخصياته في الهند”كان للحضارمة ومنذ العصر الإسلامي دور واضح المعالم في نشر الثقافة العربية الإسلامية في الهند وقد اخذ في التنامي منذ فجر العصر الحديث وتطور بشكل كبير حيث اشتهر كثير من عرب حضرموت في الهند وإن كان التأثير الحضرمي خصوصا واليمني بشكل عام قد بدأ في الهند متأخرا عنه في المنطقة العربية لاسيما في مجال التأليف إلا أنه أخذ يتدرج في المحاكاة والتقليد إلى أن بلغ موقعا متقدما في الأصالة والابتكار ص57″ “وعندما نحاول الحديث عن آثار الثقافة الحضرمية في المهجر بشكل عام والهند بشكل خاص فإن أول ما يلاحظ أن الحضارمة أسهموا بشكل واضح في بناء الحضارة العربية الإسلامية في مجتمع يشكل أغلبية هندوسية فضلا عن عدد كبير من مختلف الديانات الوثنية ولذلك كان من السهل أن ندرك مدى إسهام عرب حضرموت في نشر الثقافة العربية الإسلامية وبروزها في كثير من الولايات الهندية من خلال المعاهد والمدارس العلمية والجامعات الإسلامية التي انتشرت هناك وتخرج منها أغلب علماء الهند المسلمين الذين بصماتهم واضحة المعالم صـ66 “ أدباء المهجر وعن أدباء المهجر ذكر الدكتور الذي يعتبر بحثه عن المهاجرين اليمنيين في الهند وثيقة تاريخية بالغة الأهمية ” بأنه اشتهر بالهند عدد كبير من رجال حضرموت الأدباء..لقد برز كثير من شعراء المهجر عموماٍ وفي الهند خصوصاٍ وكان منهم الأمير حسين بن عبد الله القعيطي الذي تحدث عن مرارة المنفى إلى جانب صلاح الأحمدي الذي كانت أشعاره ترانيم عن الوطن الأصل كما عبر عن رفضه للمعاهدات التي عقدتها الدولتان القعيطية والكثيرية مع بريطانيا في حضرموت وسنستعرض ذلك في ترجمته صـ78″. شعراء المهجر شهدت الهند خلال الفترة 1750-1900م بروز العديد من شعراء وأدباء المهجر اليمنيين ومن ابرز تلك الأسماء الأديب شيخ الجفري الذي ولد 1137-1725 بحضرموت وتوفي في الهند 1222هـ-1808م ..قدم الشيخ الجفري إبداعات ثقافية وأدبية في الهند منها .. ديوان شعر و”البراهين الكسبية والأسرار الوهيبية الغيبية”..و “الكوكب الدري في نسب السادة آل الجفري وعدد من مؤلفات المقام” ..من أدباء مهجر الهند الأديب فضل بن علوي ولد 1240-1308 هـ 1824-1900م )..من أشهر أعماله ” إيضاح الأسرار العلوية ومنهاج السادة العلوية و” تحفة الأخبار في ركوب العار و” عْدة الأمراء والحكام” اما الأديب والمؤرخ عبدالله العمادي والذي ولد في الهند في قرية من إقليم ” جوب بور ” (1295-1366هـ/1878-1946م) فيعد من مشاهير عصره إذ إلى جانب اشتغالاته عمل كصحفي فقد تولى تحرير جريدة ” الوكيل “..من أشهر أعماله “أشعار بالعربية والأوردية والفارسية” ونقل ” الخمسة الأجزاء الأولى بين ثمانية أجزاء ( الطبقات الكبرى ) لأبو عبد الله محمد بن سعد البصري ختاميات يختم المؤلف إصداره بالتأكيد “ألا إن ما يؤسف له أن الحضارمة لم يمنحوا حقهم إذ كاد التاريخ أن ينساهم لولا اهتمام البعض من خلال التلويح بإشارات عن نشاطهم وتواجدهم في الهند خلال بعض الكتب الأجنبية واستطاع في محاولته الاسترشاد ببعض الوثائق الهندية تأكيد الشذرات التي أوردتها المصادر الأجنبية التي كانت -أي الوثائق والمصادر الأخرى الهندية -خير معين له بل ودافع للخوض في غمار مغامرة نتائجها غير معروفة. الإصدار محاولة جادة لإحياء تاريخ المهاجرين الحضارم في الهند الذي كاد أن يندثر ويتم نسيانهم ولعل من شأن هذه المحاولة أن تكون إضاءة للبحث والدراسة ومزيداٍ من التقصي والاهتمام بالمهاجرين اليمنيين في أصقاع العالم المختلفة ودراسة أوضاعهم دراسة تاريخية وخصوصا مدى تأثيراتهم وتأثرهم .