مركز الملك سلمان ينفذ مشروعاً لمعالجة مشكلة نقص المياه في مديرية ذوباب بتعز اختتام ورشة العمل الخاصة بالعنف القائم على الفتيات بعدن اختتام ورشة تدريبية بسيئون حول تقييم وتحديد الاحتياجات وإعداد وكتابة التقارير البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يواصل برامجه ومبادراته التنموية في مختلف المجالات تأهيل كوادر بمصلحة الجمارك حول الرقابة على السلع الإستراتيجية في قطر شرطة مأرب تعلن منع حركة الدراجات النارية داخل المدينة بصورة نهائية استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية
نقيب المحامين: رفعنا دعوى قضائية بإلغاء القانون أمام الدائرة الدستورية
“فوق الظلم.. ظلم” هذه عبارة أحد الذين رفعوا قضية في محكمة ليأخذ حقه من غريمه الذي اغتصب أرضا دون وجه حق.. كانت هذه إجابته عندما سألته عن الرسوم القضائية.. إجابة لم أستطع إكمال حديثي معه إلا بعد برهة من الزمن لأشاهد على وجهه علامات الأسى والحسرة.
ففي أواخر العام المنصرم صدر القانون رقم (26) لسنة 2013م بشأن الرسوم القضائية وتقرر العمل به منذ تاريخ صدوره والذي اعتبره الكثير عبئا إضافيا يضاف على كاهلهم إضافة إلى رسوم الإعلان القضائي الذي كانت المحاكم تتحمل دفعه لتتحول على المواطنين.. ليقف المواطن أمام عبئين جديدين الرسوم القضائية ورسوم الإعلان القضائي. حميد الروني أحد موظفي وزارة الداخلية ومنتدب في المؤسسة الاقتصادية عند سؤاله برأيه حول الرسوم القضائية فأجابني “فوق الظلم.. ظلم” يكفي ما علينا من ظلم ليضيفوا إلينا ظلما جديدا فقد دفعت 12000 ريال للمحكمة كرسوم لتحريك القضية في المحكمة ولي أكثر من ثماني سنوات وأنا في المحاكم أتابع بعد الأرض التي اغتصبها أحد المتنفذين إلى جانب شروع في القتل حيث أصيبت زوجتي بطلقات نارية من قبل المعتدين والمغتصبين. وأضاف الروني: ألا يكفي أننا نتابع ونخسر تكاليف المحامي وحضور الشهود الذين اضطروا إلى المجيء بهم كل مرة بسبب غياب القاضي أو وكيل النيابة أو العكس.. عندما فرضوا علينا دفع رسوم الإعلان القضائي في الصحف الرسمية قلنا لا بأس بذلك.. أما أن يضيفوا رسوما جديدة كرسوم قضائية فهذا ظلم وعلى الجهات المختصة مراجعة هذا القرار وإلغاءه.. وعليهم تثبيت الحق ومراقبة إجراءات المحاكم والتقاضي بدلا من أن يضيفوا تكاليف جديدة على المواطنين. شخص آخر في أروقة أحد المحاكم بأمانة العاصمة يستجدي أحد الموظفين بعمل تخفيض من الرسوم القضائية المفروضة عليه وهي 15000 ألف ريال.. ليقول له الموظف أنا لا أستطيع الأمر ليس بيدي عليك برئيس المحكمة.. فما كان من المواطن المسكين إلا أن رفع يده إلى السماء ويفوض أمره إلى الله ويخرج عائدا أدراجه إلى منزله. نتيجة لأن المحاكم شرعت في تطبيق أحكام ذلك القانون وأصبح من المتعذر قبول أي دعوى ما لم يؤد رافعها الرسم المنصوص عليه بين جنبات أحكام ذلك القانون . الوهلة الأولى يقول المحامي خالد أحمد الصالحي: قد بدت مساوئ القانون وتكشفت منذ الوهلة الأولى لتطبيقه وغدت تلك المساوئ واضحة للعيان وملموسة على أرض الواقع إذ أجبر طارقو أبواب القضاء أن يبوؤوا خائبين دونما أن تقيد دعاواهم وحيل بينهم وبين مطالباتهم بأخذ حقوقهم على الوجه المأذون شرعا وكان الحائل بينهم وبين ذلك رسوما فرضت لم يقدروا على أدائها وأصبح عجزهم عن السداد سببا أوصدت لأجله أبواب العدالة في وجوههم ذلك لأن الوصول إلى ساحة العدالة لن يتأتى لمن ينشدها إلا بعد المرور من بوابتها الأولى والتي وْضع أمامها عقبة كؤود لا يجتازها إلا أولو القوة ممن تسمح لهم إمكانياتهم اجتيازها . وأضاف المحامي الصالحي: بات ناشدو العدالة يجرون أذيال الخيبة وأصبح القضاء بالنسبة لهم سلعة غالية الثمن لا يقدر على شرائها إلا القادر على دفع ثمنها وطفق معظمهم بأفكار مشتتة يبحثون من خلالها عن وسائل تؤدي إلى استيفاء حقوقهم التي تعذر استردادها عبر القضاء ويقول المحامي الصالحي: يتبوأ القضاء في الإسلام مكانة رفيعة ولسمو قدرها ورفعة مكانتها فقد اعتبر القضاء أهم الواجبات الملقاة على عاتق ولي الأمر قال تعالى “إن الله يأمر بالعدل والإحسان” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا قدست أمة لا يحكم فيها بالحق” ويعتبر القضاء هو ميزان الله الذي تعتدل عليه أحوال الناس في الأرض وبإقامة العدل تصلح أحوال الرعية وتؤمن به السبل وينتصف المظلوم من ظالمه ويأخذ الناس حقوقهم وتحسن المعيشة.. وفي سبيل تحقيق تلك الغاية فقد جعل الإسلام مبدأ مجانية القضاء أهم المبادئ التي يرتكز عليها نظام الحكم القضائي في الإسلام وأوجب الإنفاق على مرفق القضاء من بيت المال ولا يستقيم بأي حال من الأحوال أن يأمر ولي الأمر رعيته بأن يدفعوا أموالا مقابل أن يلجأوا إلى شرع الله ولم يروى قط عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو خلفائه من بعده أو التابعين ومن تبعهم أن فرض أحد منهم رسما على القضاء أيا كان نوعه نسبيا أو ثابتا ذلك لأن الأصل في أبواب القضاء أن تفتح على مصراعيها أمام العامة لأن مرتاديها يمارسون حقا شرعيا أوجبه الله على ولي الأمر حفاظا على أمن المجتمع واستقراره وبث روح العدل فيه. آثار سلبية وحول الآثار السلبية يقول المحامي: إن خلق الحواجز والعراقيل أمام الناس بما يحول دون استيفاء حقوقهم بالطرق المكفولة شرعا بما في ذلك عدم قبول الدعوى ما لم يؤد الرسم المفروض عليها يعد تعسيرا وإرهاقا ينفر الناس من اللجوء إلى القضاء كما يعد مشقة أتى بها موردها وهي جميعا أمور تأباها الشريعة الإسلامية. وحول التعذر بالحد من الدعاوى الكيدية يقول الصالحي: وأما بالنسبة لعذر الحد من الدعاوى الكيدية فلو سلمنا جدلا بصحته فإن في مقدور القضاة وضع حد له من خلال تغريم الكائد عند الحكم ومعاملته بنقيض قصده أضف إلى ذلك فإن الأخذ بهذا العذر يعد أمرا لا يستقيم شرعا ولا قانونا إذ أن الأصل في مبدأ التقاضي حسن النية وعدم الكيد ولو وجد كائدون فهم قليل ولا يجوز معاقبة العامة بفعل الخاصة بمعنى يؤكد أن هناك مفسدتين اجتمعتا وينبغي درء أشدهما ضررا إعمالا للمبدأ الفقهي إذا اجتمعت مفسدتان وجب أن تدرأ أشدهما ضررا. مآخذ قانونية ويرى المحامي الصالحي أن هناك مآخذ قانونية على قانون الرسوم القضائية حيث يقول: ما أشارت إليه المادة “30” التي اعتبرت موظفي القضاء أشبه بتابعي السلطة التنفيذية من خلال منحهم نسبة تؤول إليهم من الإيرادات المتحصلة ولا نجد من وصف يمكن أن يضفى على تلكم المنحة سوى أنها مكافأة تشجيعية من السلطة التنفيذية تبتغي من ورائها تحفيز القائمين على تحصيلها بجباية أكبر قدر ممكن من المال ذلك لأن لهم نصيبا مفروضا يؤول إليهم من تلكم الإيرادات ولسان حال تلكم المادة كمن يقول كلما زادت الإيرادات عن طريقكم زادت المبالغ في رصيدكم. قضية دستورية وقد رفعت مؤخرا نقابة المحامين اليمنيين دعوى عدم دستورية القانون رقم (26) لسنة2013م بشأن الرسوم القضائية لدى المحكمة العليا الدائرة الدستورية حيث تضمنت الدعوى عدم دستورية المواد (4 5 6 7 8 9 10 11 12 15 16 18 23 33 34) من القانون رقم (26) لسنة2013م بشأن الرسوم القضائية. ويظل الفقراء من المظلومين الباحثين عن العدالة يجوبون أروقة المحاكمة حتى يعاد النظر في قانون الرسوم القضائية باعتباره عبئا جديدا عليهم.. وبقيام نقابة المحامين اليمنيين برفع قضية دستورية بعدم بطلان القرار يعود الأمل مجددا أمام المتضررين من هذا القانون إلى حين تجاوب المحكمة والنطق بعدم دستوريته. وبحسب نقيب المحامين عبدالله راحج فإن هذا القرار نوقش كمشروع ومقترح دستوري وقانوني في مجلس النواب نهاية عام 2010م وتم رفعه إلى رئيس الجمهورية بداية عام 2011م حتى تم تجويده وإصداره نهاية العام الماضي 2013م. وسيساهم هذا القرار في رجوع القبيلة والفوضى ولجوء المتخاصمين إلى المشايخ والقوى القبلية كما يقول نقيب المحامين كون الكثير من المواطنين عاجزين عن مقاضاة خصومهم في ظل ذلك القانون الذي يفرض دفع نسبة 1.5% من قيمة الدعوى.. مشيرا إلى أن هذا القانون مضر بالحياة بشكل عام والاستثمار على وجه الخصوص وطارد للعدالة والأمن والسكينة العامة وعائق بين المظلومين والمتضررين والمعتدى عليهم وبين استعادة حقهم من خصومهم عبر الجهاز القضائي. وكشف الأستاذ عبدالله راجح عن انخفاض وعزوف ما يقارب 80% من القضايا والمتخاصمين مقارنة بعدد القضايا الواردة إلى محاكم الجمهورية قبل صدور قانون الرسوم القضائية كونه السبب الرئيسي والوحيد في هذا العزوف وذلك لعدم قدرة الناس دفع الرسوم حين يلجأوا إلى المحاكم والنيابات.. منوها بأن القانون يلغي ويغتال ما يسمى بالمواطنة المتساوية وحق الرجوع إلى القضاء باعتبار بعض المظلومين واللاجئين للقضاء لا يستطيعون دفع الرسوم بينما هناك من يستطيع دفع الرسوم. ووصف نقيب المحامين قانون الرسوم القضائية بـ(الكارثة المستقبلية) لما سيحدثه من فوضى وأخذ واسترداد الحقوق بالقوة عبر القبيلة والسلاح والابتعاد عن الجهاز القضائي الذي يحقق العدالة لكل مواطن والمسؤولة عن توفيره ومجانيته الدولة. أمام الدائرة الدستورية وحول الدعوى الدستورية التي رفعتها النقابة إلى الدائرة الدستورية يقول راجح: رفعنا دعوى دستورية إلى الدائرة الدستورية طالبنا من خلالها بإلغاء قانون الرسوم القضائية الذي يعتبر مجحفا ومجهضا للعدالة والنظام ونحن على يقين أنها ستستجيب وتتفاعل مع مطالبنا التي تمثل مطالب كل يمني يحب ويريد العدالة والأمن والاستقرار يسود الوطن. وناشد نقيب المحامين رئيس الجمهورية أن ينظر ويعمل من منطلق واجباته وسلطته في إلغاء هذا القانون باعتبار إلغائه يحقق العدالة والمساواة للجميع وبقائه يؤثر على العمل القضائي والنظام بشكل عام. في السياق ذاته أشار قاضي الأحوال الشخصية بمحكمة بني الحارث بأمانة العاصمة أن قانون الرسوم القضائي الصادر برقم 26 لعام 2013م كبديل عن القانون رقم 43 لسنة1991م بفارق مالي مهولا للرسوم القضائية كون القانون السابق أو القديم حدد الرسوم القضائية بمبلغ زهيد جدا لا تزيد عن 300 ريال على كل دعوى حتى وإن كانت قيمتها مئات الملايين والآلاف بينما القانون الحديث حدد رسوم الدعوى التي لم يتجاوز قيمتها عشرة ملايين ريال بنسبة 1.5% من قيمة الدعوى كرسوم قضائية و1% فيما زاد على عشرة ملايين ولم يتجاوز مائة مليون وكذا دفع 0.75% فيما زاد عن مائة مليون ولم يتجاوز 200 مليون ودفع 0.5% إذا كان قيمة الدعوى تزيد عن الـ200 مليون ولا يتجاوز الـ300 مليون ريال و0.25% فيما زاد عن ذلك. واعتبر القاضي العميسي قانون الرسوم القضائية الحديث أحد الأدوات التي تقف حائلا بين المواطن وحقه في التقاضي المجاني إذ إن العدالة من أهم ما يمكن ويفترض على الدولة تقديمها لمواطنيها مجانا أو برسوم رمزية.. منوها بأن القانون حد كثيرا من الدعاوى الكيدية وبنسبة كبيرة جدا ولكنه بالمقابل حال بين كثير من أصحاب الدعاوى الجدية وبين القضاء بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم.