الرئيسية - الدين والحياة - الإسلام دين قويم يدعو إلى مكارم الأخلاق
الإسلام دين قويم يدعو إلى مكارم الأخلاق
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

> الاهتمام بالعبادات فقط دون الأخلاق ليس من الإسلام في شيء

> د. يوسف الصلاحي: بعثة الرسول الأكرم جاءت لتقويم الأخلاق وإتمام مكارمها

> صاحب الخلق الحسن يحظى بمحبة الله ورسوله والمجتمع

دعانا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكارم الأخلاق وحثنا عليها لتكون من أهم صفات المسلم ومن أساسيات الدعوة المحمدية فقد قال صلى الله عيه وسلم: ((إنما بْعثت لأْتمم مكارم الأخلاق)) حول مفهوم الأخلاق وأهميتها في الإسلام وكيف أصبحت تعاملات المسلمين اليوم وما دور الأخلاق في نشر الإسلام كان لنا اللقاء التالي مع الدكتور يوسف الصلاحي أستاذ اللغة العربية بجامعة الإيمان.

* بداية ما مفهوم الأخلاق وما أهميته في الإسلام¿ – لقد عْنيِ الإسلام بالأخلاق منذ بزوغ فجره وإشراقة شمسه فالقرآن في عهديه المكي والمدني على السواء اعتنى اعتناءٍ كاملاٍ بجانب الأخلاقº مما جعلها تتبوأ مكانة رفيعة بين تعاليمه وتشريعاته حتى إن المتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن الأخلاق تشغل حيزاٍ كبيراٍ منه كما يجد إشارات الشارع الحكيم وتنبيهاته إلى سجايا الأخلاق في كل أوامره ونواهيه وبعثة النبى صلى الله عليه وسلم كانت لتقويم الأخلاق وإتمام مكارمها يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه (إنما بعثتْ لأتمم مكارم الأخلاق). والقرآن قد نوه بذلك أيضٍا في غير آية نحو قوله تعالى(هْوِ الِذي بِعِثِ في الúأْميينِ رِسْولٍا منúهْمú يِتúلْو عِلِيúهمú آيِاته وِيْزِكيهمú وِيْعِلمْهْمْ الúكتِابِ وِالúحكúمِةِ وِإنú كِانْوا منú قِبúلْ لِفي ضِلِالُ مْبين) وتلك مكانة عالية ترتقيها الأخلاق في الإسلام. و مدح الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي اختاره واصطفاه بقوله سبحانه: (وِإنِكِ لِعِلِى خْلْقُ عِظيمُ) ولا يمدح الله نبيه صلى الله عليه وسلم بشيء إلا وله مكانة عظيمة عنده تعالى. حتى مع غير المسلمين * لماذا حث الإسلام على الأخلاق والتعامل الحسن حتى مع غير المسلمين ¿ – لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أكمل المؤمنين إيماناٍ أحسنهم خلقٍا (وأصحاب الخلق الحسن خيار الناس في الإسلام يدل لذلك حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول(إن من خياركم أحسنكم أخلاقٍا). ومما يبين مكانة الأخلاقº دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يحسن خلقه وهو صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاٍ كقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه (اللهم اهدنى لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت) والخلق الحسن مجلبة لمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم (أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقٍا) وفي حديث جابر رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم) إن من أحبكم إليِ وأقربكم مني مجلسٍا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقٍا) وحسن الخلق كالعبادة من صيام وقيام ليل فعن عائشة رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)) وأثقل ما يجد المؤمن في ميزانه يوم القيامة حسن الخلق كما جاء الخبر بذلك فقوله صلى الله عليه وسلم(ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق). وإن حسن الخلق وتقوى الله أكثر ما يدخل الناس الجنة ففيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: (تقوى الله وحسن الخلق ) فجعل حسن الخلق مساوُ للتقوى وأكثر ما يدخل الناس الجنةº بل وقد تبوأ أصحاب الأخلاق معالي الجنة ومعالمها المرموقة يقول صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مْحقٍا وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحٍا وفي أعلى الجنة لمن حسن خلقه). فهم قاصر * لماذا نرى بعض المسلمين ملتزمين بالعبادة غير ملتزمين بالأخلاق ¿ – هذا يدل على عدم فهم القرآن والسنة الفهم الصحيح وقد قال أحد الصالحين قديماٍ (لأن اصحب الرجل الفاجر حسن الخلق خير لي من أن أصحب الرجل العابد الذي لاخلق له). * كيف ترون سلوكيات ومعاملات المسلمين في الوقت الراهن ¿ – إن المشاهد لسلوكيات المسلمين في الوقت الراهن لتصيبه دهشة شديدة مما آل إليه أمر المسلمين حتى لقد انتشرت مقولة: إن في بلاد المسلمين إسلاماٍ بلا مسلمين وفي بلاد الغرب مسلمين بلا إسلام!! وذلك للدلالة على عدم اتصاف المسلمين بأي أخلاق للإسلام في الوقت الذي يتحلى فيه الغربيون بكل صفات الإسلام مع عدم إسلامهم فتجد بعض الناس من المسلمين لا يفتر لسانه عن ذكر الله طوال طريقه فإذا حدثت مشاحنة بسيطة بينه وبين من يقود سيارته بجواره إذا بسيل السباب والشتائم يندفع من لسانه الذي كان يذكر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله كل ذلك أدى لحدوث هذا الانفصام النكد بين الدين والأخلاق أو بين العبادة والسلوك الذي نجده الآن. ومن أمثلة بعد الدين عن السلوك كذلك أننا نجد أحدهم يصلي ويصوم ويجتهد غاية الاجتهاد في العبادة ولكنه لا يصون نفسه عن أكل الحرام ولا لسانه عن الغيبة والنميمة وبعضهم يتحجر تحجراٍ شديداٍ في مسألة من مسائل العبادة يريد أن يتقيد ويلتزم بها تمام التقيد والالتزام ولكنه حين نأتي للسلوك نجد منه تهاوناٍ شديداٍ ومخلاٍ في تطبيق هذا السلوك!! الأخلاق والحضارة * ما دور الأخلاق في نشر الإسلام¿ وهل الأخلاق هي من أهم أسباب مقومات الحضارة ¿ – إن أي حضارة تقوم على دعامتين: علمية وأخلاقية. وهذا ما يؤكد لنا قرب انهيار الحضارة السائدة والمهيمنة على العالم الآن. ولكنه في ذات الوقت لا يبشر بأن تكون أمة الإسلام هي الوارث الطبيعي لهذه الحضارة ذلك أن أخلاقيات أمة الإسلام ما زالت بعيدة عن المستوى الذي يمكن أن تقود به العالم الآن. وسقوط الأمة في إحدى هاتين الدعامتين يؤدي لسقوطها في الأخرى ولا شك ومن ثم انهيارها واندحارها فيما بعد. ولننظر إلى الإسلام وكيف انتشر في أنحاء العالم. كان ذلك بسبب أخلاق التجار الذين حملوا معهم رسالة الإسلام وهم يجوبون العالم شرقاٍ وغرباٍ فأدى ذلك لاعتناق الكثيرين للإسلام ودخولهم في دين الله أفواجا.

من صفات النبي الأكرم * أخيراٍ كيف كانت أخلاق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ¿ – سْئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خلقه القرآن) ومعنى ذلك أنه كان يطبق كل أوامر القرآن ونواهيه ويعمل بكل أحكامه ووعده ووعيده. فهكذا يكون خلق المرء القرآن. وفي الصحيحين أن أعرابياٍ جذب رداء النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثرت حاشيته في عاتقه صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا محمد مْر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء. وكان إذا آذاه قومه قال: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وعن أبي سعيد الخدري قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه دينا كان عليه فاشتد عليه حتى قال له: أْحرج عليك إلا قضيتني فانتهره أصحابه وقالوا: ويحك! تدري من تكلم¿ قال: إني أطلب حقي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلا مع صاحب الحق كنتم¿ ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها: إن كان عندك تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمرنا فنقضيك. فقالت: نعم بأبي أنت يا رسول الله! قال: فأقرضته فقضى الأعرابي وأطعمه فقال: أوفيت أوفى الله لك. فقال: أولئك خيار الناس إنه لا قْدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع ( أي: من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه ) وعن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاٍ إلا أعطاه. قال: فجاءه رجل فأعطاه غنماٍ بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم اسلموا فإن محمداٍ يعطي عطاءٍ لا يخشى الفاقة. كل هذه المواقف تنبئك كيف كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم في تعاملاته مع الناس. وهذا ما وعاه الصحابة رضوان الله عليهم جيداٍ فمضوا على طريقه فشادوا حضارة ظلت تحكم العالم دهراٍ طويلاٍ.