الرئيسية - الدين والحياة - الأمن.. نعمة كبرى والحفاظ عليه مقدم على العبادات
الأمن.. نعمة كبرى والحفاظ عليه مقدم على العبادات
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

*الإسلام وضع الأسس والوسائل لتحقيق الأمن وجعلها من الواجبات الشرعية

ما يدور حولنا من أحداث عنيفة واضطرابات أمنية وجرائم إرهاب وتقطع واختطاف وترويع.. وغير ذلك من الظواهر التي تزعزع أمن واستقرار المجتمع باتت تقض مضاجعنا وتجعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كان من يقوم بتلك الجرائم هم حقا مسلمين أو ينتمون لدين الإسلام الحنيف الذي جعل من نعمة الأمن ودعا للحفاظ عليها وقدمها حتى على الفروض والعبادات. .حول ثمار نعمة الأمن والاستقرار ومكانتها في الإسلام وسبل الحفاظ عليها والأضرار المترتبة على فقدانها التقينا عددا من العلماء والدعاة فكانت الحصيلة التالية:

في البداية يوضح فضيلة الشيخ الدكتور / محمد محمد عويس رئيس بعثة الأزهر الشريف باليمن مكانة نعمه الأمن في الإسلام فيقول: لقد أمر الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين والناس جميعا أن يذكروا نعمه عليهم فقال تعالى مخاطبا المؤمنين ((يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم))وقال ربنا أيضا ((يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم )) سورة فاطر, ومن أعظم نعم الله علينا التي يجب أن نذكرها ونذكر الناس بها بعد توحيد الله تعالى هي ((نعمة الأمن )) أي الأمن على الدين والنفس و الأهل والولد والعرض والمال فهذه النعمة الجليلة والمنة الكبيرة مطلب كل أمة وغاية كل دولة و لا يستغني عنها حاكم ولا محكوم ولا غني ولا فقير ولا ذكر ولا أنثى ولا صغير ولا كبير ولا صحيح ولا سقيم ولا مسافر ولا مقيم حتى الجنين في بطن أمه بحاجة ماسة إلى الأمان ويدل على أهمية نعمة الأمن أنها أعظم وأهم من نعمة الرزق ,ولهذا قدمت نعمة الأمن على الرزق في الآية الكريمة ((وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ))البقرة آية “126” فانظر رعاك الله كيف بدأ بالآية من ((قبل الرزق ))وهذا لسببين: الأول: إن استتباب الأمن سبب للرزق , فإذا شاع الأمن واستتب سعى الناس في الأرض وهذا مما يدر عليهم رزق ربهم وهذا لا يكون ألا مع الأمن . والثاني: إنه لا يطيب طعام ولا ينتفع برزق إذا فقد الأمن وقد يسأل سائل لماذا قدم الرزق على الأمن في سورة “قريش”الجواب إن هذه السورة خطاب للمشركين, وعند مخاطبة هؤلاء يحسن البدء بالقليل قبل الكثير, وباليسير قبل العظيم .. ونعمة “الأمن” يقول عويس أعظم من نعمة “الصحة ” مستدلاٍ بقول الرازي رحمه الله أنه سئل بعض العلماء هل “الأمن ” أفضل أم “الصحة” فقال “الأمن ” أفضل من “الصحة” والدليل على ذلك لو أن شاة انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان ثم في نفس الوقت هي تقبل على الرعي وتأكل ولوان الشاه سليمة ووضعت في موضع وهي مربوطة وكان بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن العلف ولا تتناوله إلى أن تموت خوفا من الذئب وذلك يدل على أن الضرر الحاصل بالخوف اشد من الضرر الحاصل من الم الجسد. ويضيف عويس قائلاٍ : نعمة “الأمن ” مطلب الناس جميعا فإبراهيم “عليه السلام “يدعو الله أن يجعل بلده آمنا قال تعالى ((وإذ قال إبراهيم ربي اجعل هذا البلد ءامنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ))سورة إبراهيم “آية 35” ويوسف عليه السلام يطلب من والديه دخول مصر مخبراٍ إياهم باستتباب الأمن بها.. قال تعالى ((فلما دخلوا على يوسف أوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر أن شاء الله آمنين ))”يوسف آية99″ لأن الأمن أهم شي ولما خاف “موسى “عليه السلام أعلمه ربه بأنه من الآمنين ليهدا روعه وتسكن نفسه قال تعالى ((وأن الق عصاك فلما راءاها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى اقبل ولا تخف انك من الآمنين )) “سورة القصص آية 31” كما ان العبادات في الإسلام لا يتأتى القيام بها على الوجه الأكمل إلا في ظل الأمن فالصلاة قال الله عنها ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا الله قانتين فإن خفتم فرجا لا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ))”البقرة 238 ,239″ وقال تعالى ((فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأنيتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ))”النساء 103″ ومن شروط وجوب الحج الأمن فإذا وجد الإنسان نفقة الحج ولم يكن الطريق آمنا فلا يجب عليه قولا واحدا قال تعالى ((فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي )) “البقرة 196” ولما اخبر الله نبيه وحبيبه ومصطفاة “محمد” صلى الله عليه وسلم بأنهم سيدخلون البيت الحرام ويؤدون نسكهم بعد ما صدهم المشركون عنه قرن ذلك بالأمن قال تعالى ((لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ))”سورة الفتح 27″ .

حرمة ترويع الآمنين أما فضيلة الشيخ جبري إبراهيم حسن فيشير إلى أن مما يدل على أهمية نعمة الأمن أن الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم امتن على عباده بنعمة الأمن قال تعالى ((أولم نمكن لهم حرماٍ أمنا يجب إليه ثمرات كل شي))”القصص57″ وقال تعالى (( أولم يروا أنا جعلنا حرماٍ آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون )) “العنكبوت 67” وامتن الله على أصحاب نبينا “محمد” صلى الله عليه وسلم بنعمة ” الأمن” فقال سبحانه وتعالى (( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصر ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون )) ” الأنفال 26″ ومن الله على قوم “سبا ” أنهم كانوا يسرون في أسفارهم سالمين امنين ,قال تعالى ((سيروا فيها ليالي وأياماٍ امنين ))”سبأ 18″ ويضيف جبري : وضد الأمن : الخوف قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة )) “البقرة 208″فعبر مولانا عن الإسلام بالسلم , ودعا المؤمنين لدخول فيه ومن أسماء الله تعالى ((السلام)) قال تعلى (( الملك القدوس السلام )) “الحشر23” ومن أسماء الجنة “السلام “قال تعالى ((لهم دار السلام عند ربهم)) “الأنعام127″ وتحية المسلمين في الجنة ” السلام “قال تعلى ((وتحيتهم فيها سلام ))” يونس 9″ وقال تعلى ((تحيتهم يوم يلقونه سلام))” الأحزاب 44″ وتحية المسلمين في الدنيا وكذا في الآخرة السلام وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ولله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله ¿ قال : من لايأمن جاره بوائقه ” بوائقه : أي شروره , فرفع صلى الله عليه وسلم الإيمان أو كمال الإيمان عند الذي لا يأمن جاره أذاه وسوءاته وشروره .. وحرم صلى الله عليه وسلم ترويع الآمنين بأي سبب من الأسباب حتى ولو على سبيل المزاح والمداعبة ,ففي غزوة من الغزوات , خفق أحد ألصحابه على راحلته , أي أخذته غفوة من النوم فأراد احد الصحابة أن يمازحه , وكان معه كنانة فيها سهام , فأخذ سهما من كنانته في هدؤ وخفيه ففزع الرجل من النوم , ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفزعة فقال ((لا يحل لرجل أن يروع مسلماٍ)) روه احمد ويختتم جبري بقوله : لم يكتف الإسلام بهذا بل إنه حرم ترويع غير المسلم الذي لم يحاربنا قال صلى الله عليه وسلم (( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده , والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم )) رواه الترمذي فانظر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “امن الناس ” أي كل الناس , مهما كان دينهم أو أصلهم .

وسائل تحقيق الأمن أما فضيلة الشيخ الدكتور الباز محمد الدميري نائب رئيس بعثة الأزهر الشريف باليمن فيؤكد أن الإسلام قد وضع الأسس والقواعد والمبادئ والتشريعات التي تحقق الأمن للجميع حتى يأمن الناس على حياتهم وأموالهم وأعراضهم, ويطمئنوا إلى حاضرهم ومستقبلهم , ويستطيعوا أن ينهضوا بحياتهم , وينتقلوا بها من حال إلى حال أفضل في مجالات الحياة المختلفة .. فعقيدة الإيمان الصحيحة هي التي تجعل المسلم يراقب الله في جميع أعماله وكافة أحواله .. وقد ورد الرابط بين الإيمان والأمن في القرآن الكريم قال تعالى (( الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )) والإنسان بدون الإيمان خطر على نفسه وأهلة ووطنه ومجتمعة . كما أن العمل الصالح ليس بمعناه المحدود القاصر على أداء الشعائر والطاعات والعبادات , وإنما بمعناه الجامع الشامل لكل ما يصلح من شأن الإنسان في الدنيا والآخرة فبناء المصانع مثلان لا يقل ثواباٍ عن بناء المسجد كما لايق أثرا في تحقيق الأمن للمجتمع وكلا الأمرين دعاء إليه الإسلام قرأناٍ وسنة. ويضيف الباز : كما أن مبدأ السمع والطاعة هو من بين اهم وسائل الحفاظ على نعمة الأمن حيث دعا الإسلام إلى طاعات متنوعة , لها أعظم الأثر في تحقيق الأمن من جهة وتماسك المجتمع ووحدته وقوته من جهة أخرى من هذة الطاعات : طاعة الله , وطاعة رسوله , وطاعة أولى الأمر , وطاعة المعلم , وطاعة القائد , وطاعة رئيس العمل , وطاعة الوالدين , وطاعة الزوج وغياب هذه الطاعات تهز استقرار البيوت والمؤسسات المدنية أو العسكرية وبالتالي تؤثر سلبياٍ على أمن المجتمع ولذلك كان شعار المؤمنين ((سمعنا وأطعنا)). وكذلك يشير الباز إلى أن من وسائل الحفاظ على نعمة الأمن هو الحرص على الكسب الحلال , فالكل في الإسلام يعمل المحتاج وغير المحتاج – المحتاج يعمل ليسد حاجة أهل بيته وهو بذالك مجاهد في سبيل الله, وغير المحتاج يعمل ليسهم في زيادات الإنتاج ونفع المجتمع وتحقيق الرخاء المادي الأمر الذي يؤدي إلى تقليل حدوث الجريمة ويساعد على تحقيق الأمن للبلاد . كما ان التكافل الاجتماعي بحسب الباز هو واحد من هذه الوسائل وللإسلام في هذا تشريعات متعددة منها : الزكوات ,و الصدقات والكفارات والأضاحي ولعقيقه والنذر والوصية بالجار , والوصية بالمسكين واليتيم والأسير والحث على الإنفاق في كافة وجوه الخير . ومن هذه الوسائل يقول الدميري العناية بالشباب وذلك بالأخذ بأيديهم نحو الإيمان الصحيح –بالله تعالى – وتحذيرهم من التيارات الفكرية الهدامة , وتوعيته بالمفاهيم الإسلامية الصحيحة ودعوتهم إلى التفاؤل والمشاركة الإيجابية في قضيا المجتمع ,ووضع الخطط والبرامج لحل مشاكل كل ذلك له أطيب الأثر في توفير الأمن والاستقرار . كما ينبغي الحذر من الشائعات لمالها من أثر سيئ في إثارة الفتن والاضطرابات داخل المجتمع قال تعالى ((يأيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ))وفي الحديث ((كفى بالمر إثماٍ أن يحدث بكل ما سمع )) . ويختتم الدميري بقوله انه من الواجب تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام لمالها من خطر عظيم على أمن المجتمع ومنها اعتقاد أن للإنسان الحق أن يباشر القصاص بنفسه .. وهي دعوة إلى الفوضى واللاأمن .. وكذلك الجهل بفقه الحرب في الإسلام , فقرار الحرب مثلاٍ يملكه ولاة أمر البلاد , ومن العبث أن تباشر أية جماعة أو فئة تحت أية ظروف .

الآثار السلبية للإخلال بالأمن فضيلة الشيخ الدكتور أيمن عبد العزيز حشيش .. عضو البعثة الأزهرية تحدث قائلاٍ :لو انفرط عقد الأمن ساعة لانتشرت الفوضى وعمت البلوى ..والباحث عن الآثار السلبية للإخلال بالأمن فهي أكر من أن تعد أو تحصى منها ما يلي:- أولاٍ :- ذهاب الدين بذهاب الجماعة , إذ يتسلط الأشرار على الأخيار, ويقوى أهل الفساد والباطل على أهل الصلاح والحق ثانياٍ :- تعطل الناس في أمور حياتهم, فالأسواق المشرعة تقفل والمدارس المفتوحة لتعليم الصغار والكبار تهجر وتعطل الأعمال , وتكسر التجارات . ثالثاٍ :- اختلال نفسي , قد يؤدي إلى الجنون أو الانتحار أو الوقوع فريسة الأمراض النفسية المستعصية وهذا من الضنك الذي يعرض المرء نفسه إليه بتركه لشرع الله يقول سبحانه ((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاٍ ونحشره يوم القيامة أعنى )) رابعاٍ :- الوقوع في الفتنة قال تعالى ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم))والفتنة هنا فتنة الشهوات وفتنة الشبهات . خامساٍ :- تظهر صور الخوف المقابلة للأمن بأنواعه فيختل نظام الأمن السياسي والاقتصادي , والبيئي والاجتماعي , والصحي , والفكري , والنفسي …. إلى آخر تلك الأنواع وما يقابلها من الخوف في كل نوع وهذا يقود إلى الهلاك . سادساٍ :- الاستهتار بالأنفس , فيقتل المقتول ولا يدري لم قتل, ويقتل القاتل ولايدري لم قتل فعن أبي موسى قال :قال رسول الله صلى الله عليه والسلام ” إن بين يدي الساعة أياماٍ يرفع فيها العلم وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج , والمرج والقتل ” أخرجه البخاري سابعاٍ :- ينتشر الظلم في الأرض ولا يؤخذ على يد الظالم فيدعو خيارنا فلا يستجاب لنا بسبب كثرة الخبث فعن حذيفة أن النبي صلى الله علية وسلم قال((والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المكر ,أو ليبعثن عليكم قوماٍ ,تم تدعونه فلا يستجاب لكم )) مسند احمد والترمذي ثامناٍ:- تدمير الاقتصاد لا شك أنه إذا انعدم الأمن كان سبباٍ في انخفاض الاستقرار و انتشار الفقر فكثير من الدول لا ترغب في التعامل مع البلد التي يكثر فيها القلق والاضطراب , وبذلك تقل الاقتصادية لتلك البلد . ويختتم حشيش بقوله : آثار اختلال الأمن كثيرة جداٍ وكلها أثار سلبية فيجب علينا جميعاٍ أن نبذل في سبيل الحصول والحفاظ على هذه القيمة العظيمة قيمة الأمن كل رخيص ونفيس..