الرئيسية - تحقيقات - النخبة المعنية باتخاذ القرار بين طريقين لا ثالث لهما
النخبة المعنية باتخاذ القرار بين طريقين لا ثالث لهما
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

■ الناس لا يجمعون على باطل أبداٍ والمبادرة الخليجية جاءت كمخرج سياسي يستدعي التغيير أولاٍ وثانياٍ وثالثاٍ ■ كلما تم الإسراع في تطبيق مرئيات نظام الأقاليم ووضع الدستور أصبح الطريق سالكاٍ لحلحلة و بقية المشاكل التفصيلية ■ ليس من العقل والمنطق والمقبول أن يبرر أي متضرر سلوكه المشين ضد كل الناس بكونه صاحب مظلمة

تحدث بصراحة عن أهم الانزياحات القيمية في التعامل المجتمعي مع مقتضيات الحقوق والواجبات مؤكداٍ أنه ليس من العقل والمنطق والمقبول أن يبرر أي متضرر سلوكه المشين ضد كل الناس بكونه صاحب مظلمة.. كما قدم- في حوارُ شبه شامل- توصيفاٍ دقيقاٍ وقراءة موضوعية للراهن اليمني منطلقاٍ من مرحلة استثنائية -مر بها اليمنيون- تقاطعت فيها الإرادة الشعبية السلمية مع الذاكرة السياسية الجمعية رابطاٍ ذلك بمعطيات تاريخية تفضي لاستجلاء ملامح حاضر وواقع التسوية السياسية اليمنية…. المراقب والسياسي والمفكر الدكتور عمر عبدالعزيز إلى جانب ذلك تطرق في حوار لـصحيفة الثورة إلى معظم الملفات اليمنية الشائكة.. لكن البداية كانت من تحديد موقع النخب اليمنية المعنية من مسار وعتبات التسوية السياسية.. إلى تفاصيل الحلقة الأولى.. هذا الحوار.. * بداية دكتور عمر كيف تقرأ دور النخب السياسية اليمنية في الأحوال الراهنة وهل ما زالت إلى جانب المبادرة للخروج من عنق الزجاجة والاتجاه صوب (الدولتية).. ¿ وما أخطر ما تعانيه الدولة.. ¿ – الفرق بين النخب وعامة الناس فرق نسبي وحتى إذا افترضنا أن النخبة تتميز بالثقافة العالمة فإن من يمكن ان يلتحقوا بعامة الناس لهم الحظ الكافي من تلك الثقافة وتبعاٍ لذلك تصبح ميزة كل طرف من الطرفين الافتراضيين ميزة نسبية بكل ما في الكلمة من معنى.. لكنني هنا بصدد الحديث عن النخبة المسؤولة في ظل أوضاع استثنائية مما يقتضي أن تكون ذات همة ونظر مترافقين مع التحديات الماثلة وخاصة تلك التي لا تقبل التأجيل والتمديد واللزوجة. ولعل أخطر ما تواجهه الدولة المخطوفة – رغماٍ عنها- يتمثِل في عنجهية بعض القبائليين الذين يناجزون المؤسسة ويستفزون مشاعر الأمة بأعمالهم غير المقبولة عقلاٍ ومنطقاٍ وأخلاقاٍ وقانوناٍ وعْرفاٍ فمن كانت لديه شكوى أو يزعم بأنه متضرر عليه أن يلجأ إلى الطرق الشرعية في متابعة مظلمته.. أما أن يبرر سلوكه المشين ضد كل الناس بكونه صاحب مظلمة فذلك أمر غير مقبول. * في ظل هذا الانزياح القيمي في المجتمع.. ما تعريفك لمن يقطع الطرق ويفجر أنابيب النفط ويعتدي على خطوط التيار الكهربائي كتوصيف موضوعي لمن يرتكب ذلك تحت ذريعة المظالم.. ¿ وما واجب الجهات المختصة تجاهه.. ¿ – قاطع الطرق ومفجر وأنابيب النفط والمعتدون على خطوط التيار الكهربائي مجرمون دون أدنى ريب وعلى الجهات المختصة اتخاذ أقسى التدابير وأسرعها إذا كنا نريد وطناٍ سوياٍ ذلك أن استمرار هذه الحالة تقتضي من النخبة السياسية المعنية بالقرار مواجهة الحقيقة السافرة أو التخلي عن مواقعها لقوى الشر والعدوان. هذه حالة لا يْسكت عنها واستمرارها يعني أننا لسنا مؤهلين لمغادرة الماضي البائس ويعني أيضاٍ أننا دولة من ورق وجيوش من كراتين اعتيادية وقياديين مخطوفين عن ذواتهم.

تكامل عناصر الحل * في حوار سابق نشر في الثورة أضأتم من خلاله عتماٍ كثيفة كانت تلفْ كثيراٍ من الملفات اليمنية الشائكة وبتفاؤل كبير..¿ فهلا قدمت قراءة ذات بعد فلسفي وتاريخي للراهن اليمني..¿ – لاحظ علماء التاريخ أن الانتقالات الكبيرة في المجتمعات البشرية ترتبط بثنائية السبب والنتيجة لكن هذه الثنائية التي تبدو منطقية تتجاوز في الغالب المنطق لتنجز وعداٍ كان بعيداٍ وحقيقةٍ لم تدر بخِلد أحد وقد درج الفلاسفة على تجيير المفاجآت والغرائب في تطور المجتمعات البشرية لقانون الصدفة النابع من الضرورة وتلك حالة تم رصدها في عديد المتغيرات العاصفة والتي حاقت بالبشرية حتى إن علم التوقْع التاريخي تراجع أمام العاصفة الصاعقة للمتغيرات التراجيدية غير المألوفة. وعند علماء الجدل الفلسفي قانون آخر هو قانون التراكم الكمي الذي يؤدي إلى تحوْل نوعي وهذا القانون الجدلي المستمد من الطبيعة هو الضابط لما سمي في علم الديالكتيك المادي قانون “نفي النفي” ومؤداه أن الجديد يخرج من أحشاء القديم على قاعدة “نفي ما كان والإبقاء على ما سيكون”.. لكن المتوالية لن تقف عند هذا الحد فكل جديد سيصبح قديماٍ لا محالة وتبعاٍ لذلك سينتفي ذلك الجيد الطارئ كما انتفى سابقه ضمن متوالية للترقي في التطور من جهة والتدمير المؤكد من جهة أْخرى.. ولعل نيتشه وداروين وابن خلدون وغيرهم من علماء التاريخ الفلسفي والبيولوجي والانتربولوجي اعتمدوا أيضاٍ على مثل هذه المقولات التي اتِسعت لتشمل مختلف المناحي. بهذا المعنى تحدث الطفرات غير المتوقعة والانتقالات الحادة في تاريخ المجتمعات البشرية ولعل مثالي روسيا والصومال القريبين من الأذهان خير شاهد على ما نذهب إليه مما يستحق بياناٍ واضحاٍ. في الحالة الروسية جاء انهيار الاتحاد السوفيتي خارج نطاق كل التوقْعات حتى بدا كما لو أنه سقوطَ حرَ لحجرة اندفعت من علياء شاهق كبير فاستقرت في وادُ سحيق.. ثم جاءت لحظة التفكك الحْر أيضاٍ لتلك المنظومة الكونية الهائلة لنشهد انبثاق روسيا الضعيفة الواهنة من مخاض التحول والتفكك وخلال أيام المْتطير الكبير (يلتسن) كادت روسيا أن تنقرض كيانياٍ ونهش في جسدها الفساد المافيوي والنهب الكبير حتى جاءت لحظة انتقال غير متوقعة أيضاٍ وتمثِلت في ذلك التسليم الناعم للسلطة من قبل يلتسن للشاب الفتي بوتين الخارج من رحم المؤسسة العسكرية والأمنية السوفيتية العتيدة وخلال عقد من الزمان لم تتعافِ روسيا فحسب بل استعادت منعة الاتحاد السوفيتي القديم مضافاٍ لها تطلعَ لدور مركزي في العالم المعاصر. هذه الحالة نجد لها مقابلاٍ تاريخياٍ في أفق ما فانهيار نظام سياد بري في الصومال بدا مفارقاٍ تماماٍ لأي انهيارات محتملة في تلك الأيام فلم يسقط النظام بانقلاب عسكري كما كان يجري على عهد الحرب الباردة ولم يكن يفتقد البنية المؤسسية العسكرية والأمنية ولم يكن يفتقد الولاءات الكفيلة بسحق أية محاولة للتغيير لكن سبباٍ واهياٍ كان بمثابة المقدمة الغرائبية لانهيار النظام على حين غفلة من تاريخ المنطق والتفسير ومن عجائب الأيام أن الرئيس الصومالي الأسبق “سياد بري” كان قد بادر بإعلان التعددية السياسية في لحظة فارقة من تاريخ التطور السياسي في البلدان النامية.. وربما أراد بذلك الإعلان الخطابي استرضاء الغرب السياسي بعد أن فقد الحليف السوفيتي جراء مغامرة حرب إقليم “أوجادين” لكن النظام وجد نفسه على موعد مع سقوط مفاجئ مريع أمام حفنة من المقاتلين الشباب المسلحين برشاشات الكلاشنكوف فيما سلم الجيش معسكراته وسلاحه الثقيل وكأن قياداته تعيش حالة من التنويم المغناطيسي. هاتان التجربتان تؤكدان لنا أن قانون التاريخ لا يفهم المنطقين الشكلي والعقلي وهو أمر كان له حضور وافر في معادلة التسوية السياسية اليمنية التي أفضت إلى تكامل عناصر الحل الداخلي والإقليمي والدولي لتستشرف اليمن عهداٍ جديداٍ ولتتخطِى حواجز الماضي الثقيلة….. * من هذه الزاوية بالذات كيف تقرأون المتغير في المشهد اليمني وباتجاه الدولة الاتحادية.. ¿ – من هذه الزاوية بالذات يمكن قراءة المتغير الهام في المشهد السياسي اليمني… فعلى خط متصل بمؤتمر الحوار الوطنيº يرى المراقبون أنه كلما تم الإسراع في تطبيق مرئيات نظام الأقاليم ووضع الدستور أصبح الطريق سالكاٍ لحلحلة وحل بقية المشاكل التفصيلية وبهذه المناسبة أرى أن لجنة بناء الدولة وصياغة الدستور تحتل مكانة مركزية في معادلة التغيير الهيكلي المرصود في أساس الدستور وبنية الدولة.. ومن المؤكد وبهذه المناسبة أيضاٍ أن وجهات النظر تتباين حول خيار الدولة القادمة لكن الجميع على يقين بأن الخيار الاتحادي الفدرالي المتناسب مع اليمن وخصوصياته سيكون خيار الحكمة والعقل الذي لا بديل عنه وعندما نتحدث عن هذا الخيار لا نعني بحال من الأحوال مجرد موديل يْستورد من هذه التجربة أو تلك بل نعني تحديداٍ توسيع ملعب المشاركة وتنويع التنمية وتعظيم الأفضليات النسبية أينما وْجدت وترسيخ الوحدة الوطنية من خلال الشعور العام بأن الجميع شركاء وأن الوطن يتسع لمبادراتهم الحرة وأنه لا فرق بين مواطن وآخر. نعرف جميعاٍ أن مثل هذه القيم الرفيعة كانت مسطورة في أدبيات الدولة اليمنية لكنها كانت معلقة في جدران الرافضين للحق والحقيقية ممن تسببوا في الحال القائم. اليوم لا مفر من القبض على جمرة الاستحقاق بحيث تتحول معسكرات المدن إلى حدائق ومْتنزهات لعامة الناس وتتحرر سواحلها الجميلة من بيوت الخفافيش التي أراد أصحابها المخالفون للقانون احتكارها لأنانيتهم المكشوفة.. ولا بد أيضاٍ من تفعيل أنظمة التعاون الزراعي الذي ستفضي إلى الزراعات الاستراتيجية وبالقدر نفسه يجدر بالحكومة منح صلاحيات ناجزة للمحافظات على أن تباشر سن الأنظمة والقوانين المتناسبة مع المصلحة العامة كالحد من زراعة وبيع القات يومياٍ وعلى سبيل المثال لا الحصر… مثل هذه التدابير التوافقية ستتم بسرعة هنا وهناك وحينها سيعرف الناس ما يخدمهم ويرتقي بهم.

استعادة قيمية * منذ التسليم السلمي للسلطة في اليمن من رئيس سابق إلى رئيس جديد توافقي حظي بقبول شعبي وبأغلبية انتخابية كيف تقرأ معاني الإنجاز والتعثر بين هذين البعدين الزمنيين.. ¿ وما المعاني القادمة والأجمل ..¿ – منذ النقطة الزمنية التي تم فيها تسليم السلطة بدا جلياٍ أن ذلك الحدث الاستثنائي كان تتويجاٍ رائعاٍ للملحمة الكفاحية الشعبية السلمية التي تقاطعت أيضاٍ مع الذاكرة السياسية الجمعية اليمانية الحكيمة.. وإلى اليوم ندرك أن التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا على مدى عقود من المعاناة والمظالم تؤتي ثمارها وندرك أن الناس لا يجتمعون على باطل أبداٍ. وكما كانت جماهيرنا بالأمس القريب في مستوى التحدي الكبير والانتصار العظيم لمنطق الحق والسلم والتضامن ها هي مجدداٍ تؤكد هذه الحقيقة وتْحاصر الأصوات المغردة خارج السرب العام. تلك التي تبدو كما لو أنها بقعة داكنة في ثوب ناصع البياض. الزمن اليماني الجديد يتسع لمعنى المواطنة العصرية.. للنظام والقانون الذي سيحكم العقد الاجتماعي المْتجدد للأمة.. للمشاركة الواسعة عطفاٍ على آلية دولة اتحادية عصرية تغْادر الماضي السلبي غير مأسوف عليه.. للمؤتمر الوطني الشامل الذي اتسع لكل أبناء الوطن من خلال ممثليهم الرائين لمعنى التطور والنماء.. للدستور الجديد الذي سيؤصل معنى القانون بوصفه المرجعية الكبرى في مْناجزة التحديات. لقد كان فبراير 2012م موعد التتويج الكبير للمسيرة الشعبية الشبابية السلمية كما كان رافعة أمل وانطلاق مؤكدة لأيام قادمة ستكون حافلة بالعطاء والنماء. أقولها وأنا على ثقة ويقين بأن مْقدمات هذا النماء كامن في جغرافيا المكان والزمان فاليمن النابع من ثقافة عمل تاريخية يشهد لها القاصي والداني يتمتع أيضاٍ بمقدمات تنمية أفقية راسخة مداها المساحة الجغرافية التي تصل إلى 555 ألف كيلومتر مربع بتنويعات بحارها وسهولها ووديانها وجبالها وجزرها بالإضافة إلى تنوعها المناخي الفريد وما يكمن في باطن أرضها من معادن تتحرق شوقاٍ لمن يبحث عنها ويْجليها. أما العمق الديمغرافي فإنه الحاضن الأكبر لتأمين سوق عمل وتصريف وإعادة إنتاج حيوي تفتح الباب لتنمية حقيقية مستدامة وأيضاٍ وليس آخراٍ الحضور المهجري الكبير الذي يتمدد بإمكانياته الاستثمارية والعلمية والعملية مما يضعنا في المحصلة أمام منظومة واسعة من منصات الانطلاق المتين نحو تنمية مستدامة تْغالب الماضي البائس وتضعنا في طريق الألف ميل السالك. لكن هذه الآمال العريضة والتباشير النائرة دونها العمل الصبور الدؤوب والمثابر لبناء دولة عصرية تعتمد نظاماٍ اتحادياٍ صافياٍ ونقياٍ كالبللور نظاماٍ يْخرسن التجربة ويحقق الأحلام الألفية الواعدة رغماٍ عن العواصف والأنواء. * فكرياٍ.. ما قراءتكم للمشهد السياسي والمجتمعي اليوم بعد هذا المسار الزمني انطلاقاٍ من تداخل مناطق الزمن الثلاث.. ¿ – لقراءة المشهد السياسي والمجتمعي الماثل بمنطق موضوعي تاريخي وابستمولوجي لا بد من التخلي الحْر عن الفكر الانطباعي وردود الأفعال المشفوعة بالغنائية والتقديرات الاستنسابية فالماضي لا يمكنه أن يتراجع بين عشية وضحاها ومنطق التاريخ يقتضي الإقرار بأن التعايش بين الماضي والمستقبل مرجعه الحاضر الذي يدفع ثمن المخاض العسير. ومن هذه الزاوية بالذات لا مفر من الإقرار بأننا لن نترك الماضي بين ظاهرانينا في يوم أو شهر أو سنة لكن حضوره الكسيف سيومئ ضمناٍ وجوهراٍ لمعنى التغيير فالتغيير على عسره وصعوبته يمثل أصلاٍ موضوعياٍ تقاطع مع إرادة جماهيرية وسياسية مؤكدة وخطاب اليوم يختلف عن خطاب الأمس القريب ولا أحد بوسعه اليوم أن يتوهم أنه سيكون الحاضر الغائب الذي لا شبيه له أو مثال.. هذا ما حدث في عدة بلدان عربية عصفت بالزعيم المْطلق وبالمقابل أبانت مْخاتلة وزيف الذين أسهموا في عمúلقة ذلك الزعيم واعتباره وحيد ذاته وفريد عصره.. وفي بلادنا وبالرغم من الأيام القصيرة التي مضت منذ الانتقال السلمي ظاهراٍ الجبري جوهراٍ ترجماناٍ لقول الحكيم القائل: المرء في الظاهر ذو اختيار/ والجبر باطناٍ عليه جاري وكان من عجائب الجبـــــــــار/ أن يْجبر العبد بالاختيار فمنذ ذلك اليوم الفلكي الفريد 21 فبراير 2012 لانتقال السلطة أفقياٍ على المسار الجماهيري في الاقتراع والاختيار التوافقي للرئيس هادي تغيرت الأحوال على مستويات متعددة لكن الكوابح والعوائق ماثلة وشاخصة أكثر من أي وقت مضى.. هذه الحقائق تجعلنا مْطالبين بالتمسك بالأمل والتفاؤل وملزمين بقراءة التراجيديا المتنقلة على خط المدن والمحافظات المختلفة.. قراءةٍ تسمح لنا باستجلاء ما وراء الآكام والهضاب من حقائق مسحوبة على كآبات الماضي القريب الذي لن يطاول التاريخ ونواميسه ولن ينحسر أيضاٍ خارج نطاق القوانين الموضوعية لهذه النواميس…

ضمانات التغيير * ما الضمانات الكفيلة بالتغيير الخادم لدفع الركب اليماني باتجاه هذه المعاني الأجمل في سرب طموحات المجتمع اليمني التي ذكرت سابقاٍ.. ¿ – نعلم جميعاٍ أنه بالتوافق على المبادرة الخليجية في نسختها الأخيرة المعدلة للمرة الخامسة ثم تشكيل حكومة الوفاق الوطني فالانتخابات الرئاسية التوافقية وبهذا تكون اليمن قد وضعت خْطاها على طريق الألف ميل.. طريق الإصلاح والتغيير الذي لا يبدأ بتطبيق عتبات المرئيات الأولى للمبادرة بل يتواصل مع كامل المفردات الأساسية ابتداءٍ من الدستور الجديد فالذهاب مباشرة إلى الدولة الاتحادية بالتكامل مع تطبيق نتائج مشروع الحوار الوطني لطيوف الألوان السياسية وممثلي القوى الاجتماعية وحتى إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية بتنويعات مهامها وأشكالها. المهام البادية للعيان جسيمة وتتطلب قدراٍ كبيراٍ من الدأب والإصرار على التنفيذ الواضح غير المْخاتل والشاهد أن ما حدث ما كان له أن يحدث لولا الإخفاقات الجسيمة والخلل الهيكلي في بْنية الدولة وحتى سوء التدبير والتقدير الذي حول النجاحات المْمكنة إلى إخفاقات مؤكدة مما لسنا بصدد إعادة تناول كآباتها هنا. * حتى اللحظة يعد المراقبون أن الضمان الأكثر فاعلية في الدفع باليمنيين لاستكمال محطات استحقاق التغيير هو المبادرة الخليجية.. ما هو تعليقكم على هذه الرؤى انطلاقاٍ مما تم إنجازه من المبادرة وأفق ما تبقى من بنودها.. ¿ – لقد جاءت المبادرة كمخرج سياسي يستدعي التغيير أولاٍ وثانياٍ وثالثاٍ وكان قيام الشعب بالتصويت لصالح الرئيس التوافقي تعبيراٍ مؤكداٍ عن رغبة عارمة في إصلاح الحال ولهذا السبب لا بد للمعنيين في أجهزة الدولة اليمنية من المبادرة العاجلة بإصلاح الحال فما لا يْدرك كْلهú لا يْترك جْلهú كما يقول حكماء العرب وقد تعلمنا من فقه الاعتزال الزيدي التاريخي معنى” المنزلة بين المنزلتين”.. تلك المقولة الحكيمة التي تقتضي العمل على تحقيق الممكن توطئةٍ لتحقيق الضروري الشامل وقد تداعى هذا الفقه الوسطي الذي لا يختلف جوهرياٍ عن وسطية الأشاعرة الشافعيين اليمنيين.. تداعى مع فقه الخروج المؤكد على الحاكم الظالم المْفارق لنواميس المذهب واشتراطاته الواضحة لجهة الكفاءة الدينية والأخلاقية والعقلية والجسدية. من هذه الزاوية بالذات نستوعب معنى الخروج المقرون بمدافعة الظلم والخراب ولا نفهم بالمقابل ذلك الخروج الممسوس بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء في استنطاق عقيم لكلمة حق يْراد بها باطل. نحن اليوم أمام حقيقة واضحة البيان والمعالم.. المطلوب انتقاله فورية للإصلاح تنعكس على كل أوجه الحياة. وأرى شخصياٍ بعين اليقين أن الشروع في الإصلاحات الجزئية على مستوى المحافظات اليمنية المختلفة سيمثل منصة انطلاق وتعمير للحوار الوطني والتدابير الإجرائية النابعة من مرئيات المبادرة الخليجية فليس هناك تناقض بين ما سيتبلور لاحقاٍ وما يمكن أن يْشكل عتبات انطلاق لذات المرئيات.. * في هذا الأفق المستقبلي القريب أو الآني.. ما أولويات تلك الإجراءات من وجهة نظر برجماتية.. ¿ – في هذا الأفق يمكن أن أضع بعض الإجراءات القابلة للتحقيق دونما مساس بالحوار ومستقبل الدولة وهذ الإجراءات من شأنها أن تنعكس إيجاباٍ على اقتصاد البلاد ومنها على سبيل المثال: تحرير الأجواء للطيران المحلي والدولي بالترافق مع تحرير إطلاق شركات نقل جوية يمنية وفق المعايير الدولية المْعتمدة.. وكذلك إصلاح خطوط الضغط العالي لنقل التيار الكهربائي إلى المدن الرئيسية بالترافق مع تحرير خدمة الطاقة الكهربائية من خلال المحافظات بحيث يتم تأمين التيار الكهربائي للوحدات المدنية والريفية المختلفة وحتى لا يظل التيار الكهربائي رهناٍ للمركزية القاتمة. إضافةٍ إلى تحرير النقل البري الجماعي بالترافق مع استحداث نقل بحري فعال انطلاقاٍ من كون اليمن يتمتع بسواحل تمتد إلى خليج عدن والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج الهندي ويصل طول سواحلها البرية الإجمالي إلى 2500 كم. مثل هذه التدابير العاجلة سوف تنعكس حتماٍ على الاقتصاد اليمني وستكون بمثابة رد ضمني على ثقافة الإحباط والتنافي والحيرة والمطلوب عدم تأجيل مثل هذه التدابير بعد أن ثبت فشل وبطلان ماعرفناه خلال سنوات المركزية المْتجهمة…