الرئيسية - تحقيقات - حقوق البراعم.. والحضور في دستور اليمن الجديد.. هل نطمئن!
حقوق البراعم.. والحضور في دستور اليمن الجديد.. هل نطمئن!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

من الصباح الباكر وعلى مدار اليوم تتلون بشرته السمراء تحت قارس البرد وحر الضحى وهجير الظهيرة وبلا كلل يتردد على نوافذ السيارات التي تقف أمام إشارة المرور تداولاٍ على الأربعة الاتجاهات في جولة القيادة.. هكذا يصارع الطفل “أحمد”-12 ربيعاٍ- الفقر والشمس والإرهاق في مهنة ظاهرها البيع المتجول للماء البارد وباطنها العوز والتسول للحصول على عشرات الريالات من سائقي المركبات والركاب بعد أن يعجز في البيع لهم أغلب الوقت.. الطفل “أحمد” الذي يبتسم فيزداد حزناٍ شروخ وجهه التي تحكي واقعاٍ مؤلماٍ لم يكن ليطيقها إلا جبراٍ.. إنه رواية معاناة تمثل نحو(30,000) طفل يمني متسول.. لكن التسول الذي أصبح مهنة ليس كل مشاكل الطفل اليمني فالدراسات تؤكد أن أكثر من مليوني طفل خارج التعليم ونحو 60% من الأطفال اليمنيين يعانون من توقف النمو ومشكلة التقزْم إضافة إلى أن نحو مائة ألف إلى مائة وخمسين ألف طفل يمني معاق بالشلل الدماغي حسب الإحصائيات الطبية ومشكلات أخرى كالاستغلال والتهريب والتفكك و الضياع الأسري.. بهذا الواقع الصعب الذي لا نستطيع في هذا المقام الإلمام به يظل السؤال الأهم يدور حول مدى ومستويات التشريعات اليمنية في حماية الأطفال وما هو واقعها..¿ وهل انتصرت مخرجات الحوار الوطني لحقوق الطفولة..¿ وإلى أي مدى ستكون هذه المخرجات مدمجة ومستوعبة في دستور اليمن الجديد..¿ وما هي الجهود المجتمعية المبذولة تجاه ذلك… كل هذه الأسئلة سيجيب عنها التحقيق التالي..

التفكك الأسري والجشع وتدني المستوى الاقتصادي وضعف الوازع القيمي لدى بعض الأسر التي صارت تمتهن التسول وثقافة الحصول على المال بدون جهد كلها عوامل وأسباب دفعت بنحو أكثر من 30 ألف طفل يمني متسول تحت سن الثامنة عشرة يتوزعون في (8) مدن يمنية منهم أكثر من(7000) طفل في العاصمة صنعاء .. تسول الأطفال اليمنيين امتد أيضاٍ إلى دول الجوار ولكنه مقرونَ بأبشع صور التهريب والاستغلال من قبل عصابات يمنية ليتم التسول بهم في المملكة فهناك دراسة ميدانية حديثة أظهرت أن حوالي 100 ألف طفل متسول يجوبون شوارع المملكة ومعظمهم من اليمن.. وأظهرت الدراسة أن نحو 3500 طفل يمني يقبض عليهم شهرياٍ من قبل السلطات السعودية المختصة تم تهريبهم إلى أراضي المملكة بطرق غير شرعية بغرض العمالة والتسول. وذكرت الدراسة السعودية التي أجراها د. محمد العجمي بتكليف من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن معظم المتسولين من اليمن وقليل منهم ينتمون إلى البلدان الآسيوية ورغم أنهم يأتون من 18 قطراٍ إلا أن أكبر عدد يأتي من اليمن.. يضاف إلى هذا أن الإحصائيات التي نشرت الأعوام القليلة بعد الألفية أظهرت أن عدد الأطفال العاملين في اليمن وصل إلى 433 ألف طفل منهم 408 آلاف طفل يعملون في المناطق الريفية حيث يعمل 89% منهم في مجال الزراعة والرعي .. وحسب المصادر الرسمية فإن ظاهرة عمالة الأطفال في اليمن تنمو بصورة غير متوقعة وذلك بمتوسط سنوي يصل إلى 3% من إجمالي عدد الأطفال ما دون 12 عاما والذين يشكلون حوالي 40% تقريباٍ من سكان الجمهورية اليمنية البالغ عددهم 21.5 مليون نسمة تقريباٍ.. كما أن 17.2% من الأطفال المنخرطين في سوق العمل في اليمن يتقاضون أجوراٍ شهرية زهيدة لا تزيد عن15 دولاراٍ.. فيما كشفت دراسة ميدانية أجراها اتحاد عمال اليمن إن أكثر من 76% من الأطفال العاملين يعملون من أجل تغطية مصروفات الأسرة و8% من أجل تغطية تكاليف الدراسة.. تقارير غير رسمية أكدت أن حوالي 3 ملايين من الأطفال اليمنيين يعيشون في حالة فقر شديد فيما أشارت الدراسة التي أعدتها وحدة مكافحة عمالة الأطفال بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى إن عدد الأطفال العاملين الذين ينتمون إلى الفئة العمرية (6-14 سنة) وصل إلى أكثر من 423 ألف طفل عامل منهم 60? ذكور و 40? إناث. وأرجعت الدراسة أسباب ارتفاع عدد الأطفال العاملين في اليمن إلى جملة من العوامل أبرزها العوامل الاقتصادية وتفشي الفقر والبطالة مما يؤدي إلى انخراط هؤلاء الأطفال في سوق العمل لكسب المال وزيادة دخل الأسرة والعوامل الاجتماعية التي تتمثل في انخفاض الوعي الثقافي لدى الأسرة وعدم إدراكها للأضرار الناجمة عن عمالة الأطفال جسدياٍ ونفسيا واجتماعياٍ وعلمياٍ إضافة إلى الأسباب التعليمية وقلة المدارس أو بعدها عن منازل ومساكن تلك الأسر.. وعلى صعيد الواقع التعليمي للطفولة فقد أورد البنك الدولي في تقاريره أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس للمرحلة الابتدائية يقدر ب490 ألف طفل منهم 387 ألف من الإناث في حين جاءت تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف ) في صنعاء مطلع مارس الماضي متجاوزة هذا الرقم بكثير فقد حذرت المنظمة من أن أكثر من مليوني طفل من الفئة العمرية بين السادسة والتاسعة خارج المدارس, حيث شملت هذه التقديرات كلاٍ من النازحين والمهمشين والمتضررين بسبب أزمة 2011م والحروب والصراعات الأهلية وقبل ذلك بأشهر كانت المنظمة نفسها أكدت أن نسبة الأطفال اليمنيين الذين يعانون من توقف في النمو ومشكلة التقزم تصل إلى 60 %. جراء سوء التغذية والفقر الشديد على نفس الصعيد ذكرت المنظمة أن 70.000 طفل يمني تحت سن الخامسة يموتون سنوياٍ. لأسباب عديدة رتبتها حسب خطورتها وتتمثل في الإسهال والإلتهاب الرئوي والملاريا والحصبة ونقص الوزن عند الولادة والولادة المبتسرة وتسمم الحمل. وبالنسبة لأكثر من 50% من الوفيات يعتبر سوء التغذية مسبباٍ كامناٍ وعاملاٍ مؤدياٍ إلى استفحالها كما حذرت منظمات من أن تقدير عدد الأطفال ذوي الإعاقة المصابين بالشلل الدماغي يتراوح بين مائة ألف إلى مائة وخمسين ألف طفل 90% منهم ينتمون لأسر فقيرة في حين يتطلب علاجهم وتأهيلهم ودمجهم مع أفراد المجتمع إلى تكاليف باهظة لاتقوى عليها الأسر الميسورة فكيف بالفقيرة.. وعودة إلى التعليم حيث أكدت المنظمة أن حوالي مليوني طفل من أصل 8 ملايين طفل يمني في سن التعليم خارج المدارس كما أن نسبة التسرب من المدارس قبل الصف الثامن (14 عاما) تصل إلى أكثر من 40 % عند الفتيات وأكثر من 25 % لدى الفتيان… كما تشير بعض الدراسات أن الفقر يتسبب في حرمان 15% من الأطفال في سن التعليم من الالتحاق بالمدارس.. أما على صعيد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال كالتحرش الجنسي والاختطاف والنزوح بسب الحروب والصراعات السياسية التي عاشتها اليمن خلال نصف قرن من الزمن فهي كثيرة ولا يتسع المقام لشرحها.. وتجدر الاشارة هنا فقط إلى ما تتعرض له الفتاة اليمنية حديثة الولادة من انتهاك صارخ وجرح شخصي يرافقها طوال حياتها وهو ختان الفتيات حيث أشارت الدراسات إلى أن عملية ختان الإناث تنتشر بشكل كبير في ست محافظات هي المهرة 92% الحديدة 49% إب40% حجة 9.2% ولحج 5%. تأصيل قانوني للبيئة التشريعية رغم أن اليمن وافق على اتفاقية حقوق الأطفال في 1991م إلا أن الجمهورية اليمنية من تلك الفترة لم تحقق أي شيء يذكر على صعيد إدماج حقوق الطفولة في الدساتير المعدلة منذ ذلك التاريخ…. فحسب دراسة شاملة أعدت من قبل المنظمات الاجتماعية المدنية والرسمية في اليمن بالتعاون والتنسيق مع منتدى الأخوات العرب لحقوق الإنسان في السنوات السابقة كان وما يزال الوضع التشريعي في اليمن شبه منعدم وإن وجد فليس نافذاٍ بالرغم من أن المادة (6) من الدستور اليمني تقول أن اليمن ملتزمة بتنفيذ أي اتفاقية تم التوقيع عليها إلا أنها لا تفرضها وتنفذها كما ينبغي.. وأوضحت تلك الدراسة أن المادة (30) من الدستور اليمني تقول إن واجب الدولة حماية الأم بالتبني والأطفال والشباب وإن قانون حقوق الطفل رقم (45) لا يتضمن العديد من أوجه الاتفاقية إلا أنه قد حدد سن الأحداث ما بين 7 – 15 سنه وهذا لا يوجد في القانون المدني.. كما أن قانون مقاضاة المجرمين رقم(13) لعام 1994 يتعامل مع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 -15 كأحداث ويقاضيهم وفقاٍ لذلك حيث أن العقوبات المفروضة عليهم لا تتجاوز 3/1 العقوبة المحددة في قانون الجرائم أما بالنسبة لأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 -18 عام فإنه يفرض عليهم نصف العقوبة فإذا كان الحكم بالإعدام فيحكم عليهم بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات وهذا مناقض للمادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل حيث أنها تقول إن الطفل هو أي إنسان تحت عمر 18 سنة وهو مناقض للبند رقم (50) من قانون الأحوال المدنية الذي يقول إن سن البلوغ هو 15 عام. وقد شددت الدراسة على وجوب تعديل قانون الأحوال الاجتماعية رقم (24) المادة رقم (1) لعام 1999م والتي تعطي الحق للولي في تزويج الفتاه في سن مبكر (10 سنوات ) خاصة في الأرياف.. وكذلك تعديل القانون الخاص بالأحداث رقم (24)من المادة (11ب) لعام 1992 م الذي يسمح باعتقال الأحداث الذين بلغ سنهم 12 عام ووضعهم في الإصلاحية وهذا يتعارض مع المادة (37:ب) من الاتفاقية.. إن قانون الأحوال الشخصية رقم (6) لعام 1990يمنع انتقال الجنسية إلى الزوج الأجنبي أو إلى الابن إذا لم يكن أبوه يمني ولا يحق له المطالبة بها إلا إذا كان أبواه مطلقين أو أبوه متوفى أو مفقود أو غير معروف أو مختل عقلياٍ أما إذا بلغ عمر الطفل الثامنة عشرة ولم يصدر عنه أي جريمة جنائية فإن لديه الحق بالمطالبة بها وهذا يتعارض مع المادتين (78) من اتفاقية حقوق الطفل التي تتضمن أن للأطفال الحق في اكتساب الجنسية كما تتعارض مع المبدأ الثالث من إعلان حقوق الطفل والمادتين (1516) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما لاحظت الدراسة المذكورة أنه لم يتم الاتفاق بين القوانين في تحديد سن الطفولة حيث أن قانون الأحداث حددها بـ 15 سنة وحددها القانون المدني بـ 18 سنة كذلك حددها قانون الانتخابات بـ18 سنة. لقد أخترق قانون الأحوال الاجتماعية الاتفاقية في السماح للولي بتزويج الفتاه في سن مبكر حيث أن الولي قد يكون عم أو اخو البنت و يعتبر تزويجها في صالحه وذلك للتقليل من المسؤوليات المالية ويضمن عدم جلبها العار لأسرته.. كما أن قانون الجرائم ينص على أن الأطفال يجب عليهم تحمل مسؤولية أعمالهم عند بلوغهم سن السابعة وتكون العقوبة هنا مخفضة… وفي تأصيلها لعلاقة الطفل بالحريات والحقوق المدنية قالت الدراسة المفصلة: نصت المادة(45 39 38 37) من القانون المدني على أن تعريف الهوية تبدأ عند ولادة الشخص وتنتهي بموته وهذا التصريح يعد إقراراٍ بحقوق الأطفال في اكتساب الهوية لكن في حقيقة الأمر أن الطفل وما يملك ملك لأبيه كما نص عليها القانون الاجتماعي.. وحول معاملة الطفل قالت الدراسة المؤصلة للواقع التشريعي لحقوق الطفولة في اليمن: إن نظام دعم الدور العائلي غير موجود في اليمن ولكن هناك بعض النشاطات التي تقوم بها بعض المنظمات وهي نادرة.. وأنه لا توجد منظمات ترعى الأطفال المعزولين.. ولكن يوجد بعض المراكز لرعاية الأيتام مثل مركز الرحاب لرعاية الفتيات الأيتام وجمعية الإصلاح التي ترعى قرابة 18000 يتيم وهي من أكبر المنظمات في اليمن ويْعد 59% من الأيتام إناث.. وحول حقوق الأطفال المعاقين في الصحة والترفيه قالت الدراسة: هناك العديد من القرارات والقوانين التي صدرت فيما يتعلق بالمعاقين حركياٍ مثل القرار الجمهوري رقم(5) الذي أمر بتشكيل لجنة وطنية عليا لرعاية المعاقين والقانون (61) الذي صدر عام1999م الذي صرح بدعم الجمعيات التي ترعى المعاقين وكذلك القانون رقم (2) لعام 2002م الذي أمر بتشكيل اعتماد لدعم المعاقين و بالرغم من ذلك إلا أن الدعم لا يزال محدوداٍ.. كما أن النظام التعليمي لا يوجد في الجمهورية اليمنية نظام يفرض التعليم ويجعله مجانياٍ وإنما على العكس فهو يفرض رسوماٍ سنوية تختلف من مرحلة إلى أخرى بالإضافة إلى رسوم الكتب والزي المدرسي والاختبارات والوسائل التعليمية الأخرى وهذا يْعد مخالفاٍ للمادة 28 وهذا ما يجعل الآباء يرسلون أولادهم إلى أسواق العمل ويتركون التعليم ويبلغ عدد القوى العاملة الغير متعلمة 66.2%.. الإشارة الأهم في ختام هذا التأصيل القانوني هو ما استنكرته الدراسة من غياب مبادئ حقوق الإنسان في المنهج المدرسي وهذا ما يجعل الطالب غير واع بها بالرغم من تحديث المناهج في السنوات الخمس الماضية وهذا خرق للمادة (42) من الاتفاقية العالمية التي صادقت اليمن عليها والتي تنص على تعهد الدول الأطراف بنشر مبادئ الاتفاقية وأحكامها على نطاق واسع بالوسائل الملائمة والفعالة بين الكبار والأطفال على السواء. إشكالات الدستور السابق وممكنات الحلول الدستور السابق للجمهورية اليمن كان مشوباٍ بغموض كبير فيما يتعلق بحقوق الطفولة بصفة عامة فحسب تقرير الفريق الوطني لمراجعة التشريعات الوطنية المتعلقة بالطفولة أن الإشكال يتمثل في أن الدستور لم يبين مدى القيمة الإلزامية للمعاهدات الدولية التي تصادق عليها اليمن وخاصة اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها بالمقارنة مع نفاذ التشريعات الوطنية مما يفتح باب الاجتهاد في تأويل قيمة هذه المعاهدات فيما لو تضاربت نصوصها مع نصوص التشريعات الوطنية وأيهما يسمو على الآخر ويكون واجب التطبيق أمام القضاء الوطني وكذلك خلا الدستور من بعض الأحكام الضامنة لحقوق الطفل والتي انتهجت الدساتير الحديثة إدراجها للتأكيد على أهميتها كضرورة وضع نصوص في الدستور تمثل المبادئ العامة والأساسية لحقوق الطفل من مدنية وسياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وكذلك حقوق الأطفال في الحماية خاصة من العنف والاستغلال والتجنيد.. وكذلك فصلهم عن البالغين في حال احتجازهم وأن اللجوء لاحتجازهم هو ملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة… وقال تقرير الفريق الوطني لمراجعة التشريعات المتعلقة بالطفولة: إنه لحل هذا الإشكال يمكن إضافة نص في الدستور بضمان تمتع الأطفال في الدولة بالحقوق المعترف بها دوليا وفقا لاتفاقية حقوق الطفل والمواثيق التي وقعت عليها الدولة كالنص الوارد في المادة 32/5 من الدستور السوداني الانتقالي لسنة 2005م وكذلك النص الوارد في دستور تيمور الشرقية الفقرة 2 من المادة 18 والذي جاء فيه ( يتمتع الأطفال بالحقوق المعترف بها دوليا والحقوق المنصوص عليها في الكتب المقدسة والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها جمهورية تيمور الشرقية).. وأضاف كما يمكن إضافة نص يحمي كرامة الأطفال في خلاف مع القانون كالنص الوارد في دستور جنوب أفريقيا المادتين 12 و35 والنص الوارد في القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 والوارد في المادة 29 منه بأن لا يحتجز إلا لأقصر مدة ممكنة وبعد استنفاذ كافة التدابير الأخرى.. وفي هذه الحالة يكون له الحق في أن يحتجز في مكان منفصل عن البالغين فوق سن 18 سنة وأن يعامل بطريق تستهدف إصلاحه وتتناسب مع عمره وأن يكون له محاميا للدفاع عنه وأيضا يمكن الأخذ بتعريف للطفل بأنه كل إنسان لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر كما ورد في نص المادة 32 من دستور جنوب افريقيا كما يمكن الأخذ ببعض النصوص التي تحمي الطفل من الاستغلال والعنف والإشراك في النزاعات المسلحة والضرب والإيذاء داخل الأسرة كالنصوص الواردة في المواد 12 32 من دستور جنوب إفريقيا والمادة 29 من القانون الأساسي الفلسطيني خاصة أن الجمهورية اليمنية على أعتاب دستور جديد ينطلق من تعزيز الحقوق والحريات العامة في الجمهورية وينظم سلطات الجمهورية بما يستجيب لطموح الشعب اليمني وتطلعاته المستقبلية. باتجاه الدستور بعد هذا العرض التأصيلي للمسار التشريعي لحقوق الطفولة اليمنية في القوانين والدساتير السابقة صار من الجلي أن مهمة إثارة الاهتمام المؤسسي الرسمي والمدني وكذلك المجتمعي والأسري بحقوق الطفل الطبيعية والمكفولة في المواثيق الدولية وصياغة تشريعات دستورية وقانونية منصفة تضمن للطفولة حقوقها في الأمان والتعليم والشعور بكونها جزءاٍ هاماٍ من المجتمع فلا تستغل البراءة ويتاجر بها تحت أي ظرف من الظروف.. هذا ما لفت إليه الأستاذ عادل دبوان الشرعبي-مدير عام الدفاع الاجتماعي- بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل- عضو الفريق الوطني لمراجعة التشريعات الوطنية المتعلقة بالطفولة مؤكداٍ أنها مهمة جديرة بحشد كل الجهود المجتمعية والرقابية والإعلامية والتوعوية في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ المجتمع اليمني ليس لخلق وعي مجتمعي بضرورة الاهتمام بالطفل وحقوقه وحمايته من كافة أشكال العنف والإهمال, وليس لأن الأطفال يمثلون شريحة واسعة من أفراد المجتمع كما يمثلون المستقبل لأي مجتمع…فحسب º بل ولأن هذه المرحلة مفصلية على طريق صياغة الدستور الجديد حتى لا تغيب الطفولة كما جرى في الدساتير السابقة وباعتبار أن مخرجات وثيقة الحوار الوطني قد ركزت في العديد من موادها على الاهتمام بالطفل وحقوقه الثقافية والاجتماعية والاقتصادية… وأوضح دبوان أن الفريق الوطني لمراجعة التشريعات الوطنية المتعلقة بالطفولة بذل جهوداٍ كبيرة في هذا الاتجاه من خلال تقديم رؤى تفصيلية تضمنت مشروع التعديلات القانونية للدستور وقانون حقوق الطفل وقانون رعاية الأحداث وقانون الجرائم والعقوبات وتم طرح كل ذلك على طاولة الجهات المعنية… وعن المعالجات والتوصيات التي اقترحها الفريق الوطني لمراجعة التشريعات المتعلقة بالطفولة قال دبوان : اقترحنا وضع نصوص في الدستور اليمني الجديد تعالج حقوق الطفل وتنهي الإشكالات السابقة بحيث تضمن ( رعاية الأمومة والطفولة كواجب وطني وتمتع الأطفال بالحقوق المعترف بها دوليا والحقوق الواردة في الشريعة الإسلامية والاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية وعلى وجه الخصوص اتفاقية حقوق الطفل).. كما أن للأطفال ذكوراٍ وإناثا الحق في الحماية من الإيذاء والمعاملة القاسية ولهم حق الرعاية الشاملة وعدم الاستغلال لأي غرض كان وأن لا يسمح لهم بالقيام بعمل يلحق ضرراٍ بسلامتهـم أو بصحتهم أو بتعليمهم.. كما يحرم القانون تعريضهم للضرب والمعاملة القاسيتين من قبل ذويهم أو متولي رعايتهم أو تعليمهم أو إيوائهم… وأن لا يتم اللجوء إلى احتجاز الأطفال في خلاف مع القانون إلا كملاذ أخير بعد استنفاذ كافة التدابير الأخرى وأن يفصلوا إذا تم احتجازهم أو حكم عليهم بعقوبة سالبة للحرية عن البالغين وأن يعاملوا بطريقة تستهدف إصلاحهم وتتناسب مع أعمارهم وأن يكون لهم محام للدفاع عنهم في كافة إجراءات ومراحل المحاكمة.. وأن لا يجندوا أو يتم إشراكهم بشكل مباشر في النزاعات المسلحة وأن يتمتعوا بالحماية في أوقات النزاعات المسلحة والكوارث وحالات الطوارئ… إضافة إلى أنه يجب أن تكون لمصالح الطفل الفضلى أهمية تسمو على ما عداها من اعتبارات في كل ما يخص الطفل.. وتحديده بأنه الإنسان الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره).. التعليم.. كأسـاس لكل الحلول ونظراٍ لكون المشكلة تتصل بغياب التعليم وتغاضي المجتمع عن أساس التكوين الاجتماعي في عالم تتقدم به المعرفة.. كان لا بد من طرح قضية ممكنات النهوض بالوعي المجتمعي تجاه التعليم على الباحثين والتربويين.. وفي هذا الاتجاه تؤكد الباحثة الأكاديمية في الشأن الاجتماعي – منى علي منصور احمد- على ضرورة إدخال نصوص جديدة على قانون التعليم الأساسي يقتضي أن تكون هناك مكافأة مالية لكل سنة دراسية يكملها الطفل ابتداء من الصف الثالث ابتدائي إلى الصف التاسع أساسي وتضاعف المكافأة لمن أكملوا الصف التاسع أساسي” وكذلك إدخال نصوص جديدة على قانون الرعاية الاجتماعية يقتضي أن تكون مشاريع الأسرة خالية من تشغيل الأطفال وتحرم الأسر من استلام المساعدة المالية إذا تبين أنها تستفيد من تشغيل أطفالها.. من جانبها تؤكد التربوية خديجة عليوة مدير عام المرأة بجهاز محو الأمية وعضو هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار أن الحافز الاجتماعي الأكبر لرفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية التعليم يتمثل في أن الحوار الوطني أكد على مجانية التعليم بكل مستوياته الأساسي والثانوي والجامعي.. مؤكدةٍ أن هذه المخرجات ستحل كثيراٍ من المشكلات ذات الصلة بالوضع الاقتصادي للمجتمع لكن هذه المخرجات لن تكون بالقوة التشريعية المطلوبة لتوسيع خارطة الوعي الاجتماعي بالتعليم كضرورة وكحل أساس لكثير من المشكلات الاجتماعية ما لم يكن لها أساس في الدستور اليمني الجديد وبنصوص صريحة وواضحة جداٍ. وأوضحت عليوة في ردها على تساؤلنا عن دور الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ المخرجات في الحرص على إدماج هذه المخرجات في الدستور الجديد أن الهيئة ستعمل جاهدةٍ وفق الحدود القانونية التي حددها قرار إنشاء الهيئة مؤكدة أن التفاعل المجتمعي متاح لكل يمني وأن منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام تتحمِل قدراٍ كبيراٍ من المسؤولية في مساندة الهيئة وفي مساندة لجنة صياغة الدستور موضحة أن المخرجات التي تتعلق بحقوق الطفولة اليمنية سيتضمنها الدستور فهو في مجمله مرتكز على ما تضمنته وثيقة الحوار الوطني الشامل. هـــوامــــش * – من دراسة شاملة تمت ترجمتها من قبل مركز تيم للترجمة صنعاء خاص بمركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث. وشاركت في تنفيذه أكثر من 22 منظمة يمنية من كيانات المجتمع المدني. * – http://www.aljazeera-online.net/index.php?t=11&id=23 * – http://wefaqpress.net/nprint.php?sid=9298&lng=arabic * – عمالة الأطفال في الجمهورية اليمنية – دراسة اجتماعية ميدانية عن واقع عمالة الأطفال في مدينة عدن- رسالة ماجستير أ / منى علي منصور أحمد – جامعة عدن 2009م..v