المولد النبوي وجرائم الحوثي
الساعة 08:31 مساءً
  • مدير مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة

حوّلت مليشيات الحوثي مناسبة المولد النبوي التي تحتل مكانة عالية ورفيعة في قلوب اليمنيين منذ القدم, إلى مناسبة يملؤها الرعب والقلق والخوف والتوجس لما ينتظرهم من تعسفات وانتهاكات, فهي عصابة اجرامية ترتكب القتل والبطش والنهب والاختطافات وفرض مبالغ مالية على المؤسسات والشركات والتجار وأصحاب المحلات التجارية الكبيرة والصغيرة, لتحقيق غاياتها السياسية والعسكرية ولثراء عناصرها, وتمويل حربها ضد ابناء اليمن. 
عبدالباري الكرمدي شاب في صنعاء, رفض أن يزين جدار منزله باللون الاخضر, فكان الموت ورصاصات الغدر التي اخترقت جسده الطاهر وقتله بدم بارد, هو الرد العملي والمصير الذي ينتظر كل من يرفض هذه الجماعة وخرافاتها, ومثل هذه الانتهاكات والجرائم غير مستغربة، نتيجة للسلوك الاجرامي لهذه الجماعة الارهابية, التي تفرض معتقداتها بقوة السلاح والنار والحديد, وفي الوقت نفسه تعد مؤشراً للحالة الهشة التي تعيشها الجماعة, والضعف الذي يعتريها وشعورها باقتراب مصيرها المحتوم الذي ينتظره كل يمني حر.
لم تغب عنا تلك المشاهد التي تناولتها مواقع السوشيال ميديا, والتعامل مع المواطنين وأصحاب المحلات وإجبارهم على دفع أتاوات ومبالغ مالية غير قانونية للاحتفال بالمولد, ولم يقتصر الأمر على التهديد بل وصل إلى الضرب بصورة وحشية والاختطافات التعسفية والقتل,  الأمر الذي يزيد ابناء اليمن إصراراً على مواصلة النضال وضرورة مواجهة هذه الجماعة الارهابية التي تمن في جرائمها بحق اليمنيين. 
يعيش المواطنون مناخاً غير آمن في المناسبات الخاصة بالحوثيين, يقول أحد المواطنين وهو يحترق ألماً  "لا امتلك ثمن طعام الغداء لأولادي لكني مضطر أن استدين مبلغاً من المال وأقطع المسافات الطويلة لحضور فعالية المولد النبوي حتى لا أتعرض لأذى,  وكي لا تشملني الدائرة الحمراء حسب قوله", وهي صورة تعبر عن عشرات الآلاف من المقهورين والنماذج كثيرة جداً.
تستغل جماعة الحوثي المناسبات الدينية والطائفية لتحقيق مكاسب سياسية بحتة, فهي تعتقد انها من خلال إجبار المواطنين والموظفين ومختلف فئات المجتمع حضور فعالياتها الطائفية بأنها استطاعت اقناعهم بنظرية التمييز العنصري التي ترتكز على الأحقية الإلهية في الحكم وتفوقها العرقي, كبديل للديمقراطية والمواطنة المتساوية والحق في حرية الرأي والتعبير, وهو مايرفضه ابناء اليمن حملة وتفصيلاً حتي من يشاركونهم فعالياتهم.
تحاول جماعة الحوثي من خلال إقامة فعالياتها العمل على خلق أجواء زائفة ومهرجانات متعددة تحشد فيها الآلاف رجالاَ ونساء لتلتقطها عدسات الكاميرات, لتمنح نفسها نوعاً من المشروعية السياسية التي تفتقد اليها محلياً ودولياً,  بطرق وأساليب التهديد والوعيد والترهيب والترغيب,  وهي تدرك الرفض الشعبي الواسع لمشروعها التدميري الذي اوصلت إليه البلاد. 
تنفق المليشيات الملايين من الدولات في هذه المناسبات خاصة في المولد النبوي, ومشاركون ينظرون الى الألعاب النارية التي تطلق في السماء بعشرات الملايين من الريالات,  ثم يتحسسون جيوبهم الفارغة,  ويتذكرون بيوتهم الخاوية, ومرتباتهم المصادرة, وأموال الدولة المنهوبة, ومستقبلهم وأطفالهم يمضي نحو المجهول, فيتمتمون بعبارات ودعوات بأن تتخلص اليمن من هذه الجماعة التي ارهقت الوطن.
ومن الناحية العسكرية, تجد مليشيات الحوثي هذه المناسبات أبلغ فرصة لحشد الأطفال والشباب, عبر مكاتب التربية ومديري المدارس وأيضا المشائخ وعقال الحارات وتذهب بهم للمشاركة في عملياتها العسكرية والزج بهم إلى جبهات القتال.
يدرك أبناء اليمن قاطبة الخطر الكبير الذي يهدد حاضر ومستقبل اليمن اذا استمرت هذه الجماعة العنصرية في محاولاتها لتجريف الهوية الوطنية والدينية للمجتمع, واستمرارها في مواصلة الحرب ورفض السلام, مايحتم على مختلف المكونات السياسية والأحزاب والفعاليات الوطنية والجمهورية رص صفوفهم , وتوحيد جهودهم لمواجهة المشروع الايراني في اليمن, واستعادة اليمن والجمهورية والتعايش السلمي وتحقيق السلام والعدالة.