الرئيسية - تحقيقات - مواطنون يفضلون الواتس لأنه يختصر المسافات.. وآخرون يرون الرسائل أقل إنسانية
مواطنون يفضلون الواتس لأنه يختصر المسافات.. وآخرون يرون الرسائل أقل إنسانية
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

> علم الاجتماع: تواصل الناس عبر الواتس آب تقلل من الروابط الاجتماعية وتزيد من العزلة

> دعاة: الرسائل لا تغني عن زيارة الأقارب خاصة في الأعياد والمناسبات الدينية لأن الزيارة واجب ديني

وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية قربت المسافات بين أفراد المجتمع والأسرة الواحدة وجعلتهم على اتصال دائم, ولكن هل بالإمكان أن تغني تلك الرسائل القصيرة عن زيارة الأرحام والاطمئنان على حالهم ومصافحتهم وتقبيل رؤوسهم خاصة في الأعياد والمناسبات المهمة..¿ الواتس آب طريقة تواصل رخيصة الثمن ومتوفرة بيد الكثير من أفراد المجتمع ومن خلالها يستطيع الفرد معايدة أقاربه بأسرع ما يمكن صوت وصورة بدلاٍ من قطع مسافات طويلة متنقلاٍ من منزل لآخر.. “الثورة” ترصد رأي الناس حول التواصل عبر الواتس آب واستخدامه في المعايدة وآراء المختصين في ذلك.

الهدف من زيارة العيد هو الاطمئنان على الأرحام ومعايدتهم ..هذا ما استهل به المهندس أبو بكر عبدالفتاح حديثه.. وأضاف: الواتس آب يفي بغرض الزيارة عبر رسائل العيد وهذا ما أفعله أنا شخصياٍ بعد أن أذهب لزيارة والدي ووالدتي, فلو قررت أن أزور شخصاٍ آخر غيرهم لوجب عليِ زيارة باقي الأقارب وهم كثيرون في العاصمة وهذا سيرهقني كثيراٍ وسيمنعني من استقبال ضيوفي. استخدام الواتس آب كبديل مناسب لزيارة الأقارب هو ما ترفضه كريمة القباطي معلمة وتقول: لا يوجد بديل عن زيارة الأقارب بالطريقة المعتادة في الأعياد فحين يأتي أخوتي وزوجاتهم وأبي لزيارتي بالعيد أشعر بسعادة بالغة تغمرني وتلازمني طوال اليوم وكأنهم يقولون لي (أنتي ما زلتي منا ولا نستطيع الاستغناء عنك ولا يمكن أن يمر العيد بدون تقبيل رأسك).. وتختتم حديثها بالقول الواتس آب يقتل تلك الفرحة فما تعنيه رسالة عبر الجوال تقول كل عام وأنت بخير¿¿ بالتأكيد لا شيء. صعوبة التنقل محمد جار الله له نظرته الخاصة فأمامه مشكلة لا يعاني منها هو فقط بل الكثير من أفراد المجتمع اليمني خاصة في الفترة الأخيرة. جار الله يرى أن الذهاب لزيارة الأقارب في هذه الأيام لم يعد سهلاٍ كما كان في السابق ويضيف: لدي أقارب يسكنون في المطار وفي حزيز وأنا أسكن أمام مستشفى الثورة العام وإذا قررت الذهاب إليهم فهذا سيكلفني الكثير من المال خاصة وأن أسعار التاكسي ترتفع إلى الضعف والمواصلات العامة لا تسعفني في أيام الأعياد للذهاب من طرف العاصمة إلى طرفها الآخر لذا فأنا أرى أن المعايدة برسائل الواتس آب تغني عن كل ذلك الجهد الذي لا يمكن أن نبذله في ظل هذه الظروف الصعبة. لم يختلف معه صديقه محمد منصر كثيراٍ في الرأي ولكن السبب الذي دفع منصر إلى موافقة جار الله على الاكتفاء برسائل الواتس آب في العيد هو انعدام البنزين ويقول: منذ الثاني والعشرين من رمضان وسيارتي متوقفة أمام البيت ولا يوجد فيها بنزين وإذا أردت تعبئتها بالوقود لا بد لي أن آخذ إجازة من عملي وأذهب إلى محطة البنزين وهذا يستغرق يوماٍ كاملاٍ وهذا يعني عدم ذهابي للدوام, وفي الوقت الراهن لا أستطيع فعل ذلك لذا فرسائل الواتس آب تفي بالغرض خاصة وأن هناك مجموعة تخصص للعائلات وأنا مشترك معهم ورسالة واحدة تكفي لتصل إلى الجميع.

قتل التواصل ياسر حمزة محاسب لم يخف استياءه الشديد من الواتس آب ويعتبره وسيلة قتلت التواصل والمحبة والزيارات بين الأصدقاء والأسرة. ويضيف: أصبح الكثير ممن اشتركوا في الواتس آب لا يزورون أهلهم ولا يزورون مرضاهم ويكتفي بإرسال رسالة للقيام بالواجب وفي الآونة الأخيرة أصبح أفراد الأسرة الواحدة يتواصلون عبر هذه الوسيلة من غرفة إلى غرفة داخل المنزل الواحد وهذا ما شتت شمل الأسرة وجعلهم بعيدين عن بعض رغم أن الفاصل بينهم جدار واحد لا غير. ويتساءل ياسر: كيف سيكون العيد خاصة بعد انتشار الواتس آب¿ لم يكن قتل التواصل الذاتي بين الناس سبب غضب ياسر فقط فأحمد السقاف (تاجر) يؤيد كلام ياسر ويضيف: مرضت قبل شهر وكنت في المستشفى فكان البعض يرسل لي صور باقات ورد وآخرون صور لفواكه وبعدها رسالة اطمئنان على حالي ضحكت حينها وتألمت مما وصل إليه المجتمع, وهذا ما دعاني للخوف من أن يأتي اليوم وأشاهد الناس قد قطعوا أرحامهم وكفوا عن زيارتهم حتى في الأعياد بسبب ما يسمى “الواتس آب”.

عزلة الناس فيما يتفق علماء الاجتماع على أن تواصل الناس عبر شبكات التواصل الاجتماعية المتاحة حالياٍ و منها الواتس آب خاصة في الأعياد تزيد من عزلة الناس وتقلل من الروابط الاجتماعية في ما بينهم وتجعل المواطنين أقل إنسانية في تواصلهم مع أقاربهم وأهلهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي الالكترونية .. وهذه الشبكات ليست عالماٍ إنسانياٍ حقيقياٍ .. رغم بعض الإيجابيات التي تحملها.

الزيارة أولى من جانبه تحدث الداعية أبو زيد الحداء عن هذه الظاهرة قائلاٍ: زيارة الأرحام هي ما دعانا الله تعالى إليها وديننا الحنيف شدد عليها لأنه يدعو دائماٍ للتآلف والتقارب, وأنا من ناحيتي لا أجد بديلاٍ عن ذهاب الفرد مع أبنائه لزيارة أرحامه وتقبيل رؤوسهم وإلقاء التحية عليهم وإعطائهم ما تيسر من المال أو الهدايا. وما يحدث هذه الأيام من تواصل عبر ما يطلق عليها رسائل التواصل الاجتماعي لا تغني أبداٍ عن زيارة الأقارب خاصة في الأعياد والمناسبات الدينية. وتابع بالقول: ولكن إن لم يستطع الفرد الذهاب إلى أرحامه لبعد المسافة أو المرض فديننا الإسلامي سمح ويسر فلا باس من استخدم هذه الوسائل للاطمئنان ومعايدة الأقارب فهذا أفضل من أن لا يسأل عليهم ويقاطعهم, وإذا كان بمقدوره أن يذهب إلى زيارتهم فلا بد له من القيام بذلك فهذا خير له وأبقى عند الله تعالى.

تصوير/عادل حويس