الرئيسية - تحقيقات - إصابات جسدية بالغة.. وتنمية لثقافة العنف في نفوس الأطفال
إصابات جسدية بالغة.. وتنمية لثقافة العنف في نفوس الأطفال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

*الأسرة مطالبة بتوعية الأطفال بخطورة الألعاب النارية والإشراف على شراء ألعابهم

يحل العيد فتحل معه الفرحة وتعم السعادة إلا أنها في بعض الأحيان سعادة لا تكتمل إذ قد لا تخلو أجواء العيد مما يعكرها.. وتعدْ الألعاب النارية إحدى تلك المعكرات فمع العيد تزداد وتيرة إقبال الأطفال على شراء هذه الألعاب ليكون الشارع مسرحاٍ لفرقعتها ما يضاعف المخاطر الناتجة عن العبث بتلك المواد التي ينتج عنها العديد من الإصابات بالإضافة إلى ما تسببه من إزعاج وإقلاق للسكينة العامة وتشويه لجمال العيد وتبديد لفرحته. يحل العيد فتحل معه الفرحة وتعم السعادة إلا أنها في بعض الأحيان سعادة لا تكتمل إذ قد لا تخلو أجواء العيد مما يعكرها.. وتعدْ الألعاب النارية إحدى تلك المعكرات فمع العيد تزداد وتيرة إقبال الأطفال على شراء هذه الألعاب ليكون الشارع مسرحاٍ لفرقعتها ما يضاعف المخاطر الناتجة عن العبث بتلك المواد التي ينتج عنها العديد من الإصابات بالإضافة إلى ما تسببه من إزعاج وإقلاق للسكينة العامة وتشويه لجمال العيد وتبديد لفرحته.

في كل عام ومع حلول الأعياد تزدهر تجارة الألعاب النارية بجميع أنواعها نتيجة زيادة الطلب عليها وذلك باعتبارها مظهراٍ من مظاهر الفرحة في العيد حيث تعمد الكثير من المحلات إلى توفيرها وبيعها فلا يحتاج الأطفال إلى عناء البحث عنها خاصة مع حصولهم في العيد على مبالغ مالية إما من أسرهم أو من الزائرين لهم بمناسبة العيد وكل ما على الطفل القيام به هو التوجه إلى أقرب بقالة أو محل يبيع هذه الألعاب النارية ليعود محملا بها ويبتهج بالعيد بطريقته ما يتسبب في إصابته أو إصابة من يشاركونه اللعب بها من الأطفال أو أي شخص من المارة حيث تشهد أيام الأعياد الكثير من الحوادث التي يتسبب بها اللعب بهذه الألعاب الخطيرة والمؤذية إذ تستقبل المستشفيات الكثير من هذه الحالات وفي بعضها تكون الإصابات بالغة كفقدان إصبع أو أكثر أو إصابة بالغة في الوجه أو العينين بالإضافة إلى إصابات أقل خطورة كالحروق والتشوهات.

لا تستثني حتى الكبار لم يكن المهندس أمجد اسماعيل يتوقع أن العيد هذه السنة سيحل عليه بمصيبة تمثلت بفقدانه إحدى عينيه جراء عبث الأطفال بالألعاب النارية في الشارع كان أمجد خارجا من منزله قبل العيد بأيام فالتقى الأطفال في الشارع يقيمون كرنفال “القريح” بمناسبة العيد وما إن خطا عدة خطوات باتجاههم حتى فاجأه (صاروخ) ليصيب عينه اليسرى وينفجر عليها مخلفا إصابة بليغة نقل على إثرها إلى المستشفى ليتلقى الإسعافات الأولية ومن ثم يعرض على طبيب العيون في المستشفى الجمهوري والذي أكد له أن انفجار الصاروخ في عينه تسبب في تمزق في شبكية العين وإتلاف أعصاب الرؤية وأنه من غير الممكن علاج عينه لتعود إليها الرؤية. كان كلام طبيب العيون صادما لأمجد إلا أنه لم يكن ليفقد الأمل تماماٍ بل قرر التوجه إلى المستشفيات المتخصصة بالعيون وظل يتنقل من مستشفى مغربي إلى مستشفى ابن الهيثم بل وإلى عيادات أشهر أطباء العيون غير أن جميعهم أكدوا له أن لا فائدة من أي محاولة.

مخاطر عديدة تتنوع الإصابات التي تتسبب بها الألعاب النارية حيث تستقبل المستشفيات والعيادات الكثير من تلك الحالات.. يقول الدكتور علي نعمان طبيب جراحة: إن الألعاب النارية تسبب إصابات جسدية بالغة كالإصابة بالحروق والتشوهات المختلفة ويعتبر الوجه واليدين من أكثر المناطق في جسد الأطفال تعرضاٍ للإصابة بالحروق بسبب اللعب بهذه الألعاب غير أن أخطر تلك الإصابات تتمثل في انفجار تلك الألعاب في العين إذ قد تتسبب أحيانا بفقدان الرؤية كلياٍ بهذه العين أيضا هناك بعض الألعاب النارية إذا ما انفجرت في يد الطفل فإنها تؤدي إلى جروح شديدة وقد تتسبب في بتر إصبع أو أكثر . ويضيف الدكتور نعمان: غير أن أضرار الألعاب النارية لا تنحصر في ما تسببه من إصابات فإذا ما نظرنا إلى أن الأطفال هم من يستخدمونها ونتيجة لما لأجسامهم من حساسية كبيرة فإن أضرار هذه المواد التي هي في الأساس مواد متفجرة تدخل في تركيبها مواد سامة حيث تبدأ هذه الأضرار والمخاطر من أصواتها فهناك أنواع من الألعاب النارية تنفجر محدثة أصواتا مدوية وبالتالي فإن انفجارها قرب أذن الطفل قد يؤدي إلى تضرر طبلة الأذن مما يؤثر على حاسة السمع عند هذا الطفل.. أما بالنسبة للرماد الناتج عن انفجار هذه الألعاب فإنه قد يحدث أضرارا في الأجزاء الحساسة من جسم الطفل ولا سيما العينين بالإضافة إلى ما قد يحدثه دخان هذه الألعاب من أضرار تصيب الجهاز التنفسي للطفل نظرا لحساسيته الشديدة.

تنمي العنف لدى الأطفال محمد صالح الفقيه باحث اجتماعي أكد أن هذه الألعاب ليست من ثقافة مجتمعنا في شيء فبالإضافة إلى خطورتها لما تحدثه من إصابات وما تخلفه من مآسُ وتحول الأفراح إلى أتراح وأحزان فإنها تنمي ثقافة العنف لدى الأطفال وتؤثر على سلوكهم وتحوله نحو العدائية مما يكون له بالغ الأثر على شخصية الطفل مستقبلاٍ والذي يمكن أن نلمسه من خلال العنف الذي تكرسه هذه الألعاب لدى الأطفال. ويضيف الفقيه: بالإضافة إلى ما تتحمله الجهات الحكومة من مسؤولية مكافحة ظاهرة الألعاب النارية عبر منع استيرادها ومكافحة طرق التهريب التي تدخل بها إلى بلادنا وملاحقة وضبط من يقومون بالاتجار بها فإنه لا يمكن أن نعفي الأسرة من المسئولية عن ما تحدثه الألعاب النارية بأطفالها أو غيرهم من الناس إذ يجب على الآباء والأمهات توعية أطفالهم بخطورة هذه الألعاب وأنها لا تقدم لهم أي فائدة أو تنمي لديهم أي مهارة وأن يحرصوا الآباء والأمهات عند شراء الألعاب لأطفالهم على تجنب أي ألعاب تتسبب في إلحاق الأذى بهم أو بالآخرين وتابع بالقول :لآننا في أيام عيد ولا بد أن يحصل الأطفال على المزيد من النقود من خلال ما يعطى لهم بهذه المناسبة “عسب العيد” فعلى الأسرة أن تتابع أطفالها وتعرف ماذا سيشترون بهذه النقود بل والإشراف عليهم وتوجيههم بشراء ألعاب تفيدهم وتنمي مهاراتهم و لا تعود عليهم بأي مخاطر.

تجارة ممنوعة ظاهرة العبث بالألعاب النارية تلك الظاهرة السلبية يعاني منها المجتمع ويكثر الإقبال عليها في الأعياد ومع تزايد ضحاياها كل عام وتكرر الدعوات لمكافحتها عبر منع استيراد هذه المواد المتفجرة وما يبذل من جهود في سبيل منع استيرادها والاتجار بها إلا أن شيئا من تلك الدعوات لم يتحقق فما تزال عملية الاتجار بها مستمرة بل وفي ازدهار مستمر وبرغم منع الحكومة استيرادها لما لها من تداعيات على سلامة الأطفال والمواطنين عموما إلا أنها بطريقة أو بأخرى لا تزال تجد الطريق لدخول البلاد حيث تحدثت الأخبار خلال الأسابيع الماضية عن ضبط كميات كبيرة من الألعاب النارية في أنحاء متعددة من البلاد دخلت عن طريق التهريب وكانت في طريقها إلى الأسواق إذ يزداد الطلب عليها في مواسم الأعياد بالذات الأمر الذي يقابله ارتفاع هامش الربح الذي يجنيه المتجرون بها. وزارة الداخلية ورغم جهودها وتوجهاتها المتكررة لوضع حد لظاهرة إطلاق الألعاب النارية إلا أن تلك التوجهات والجهود لم تفلح في الحد من هذه الظاهرة حيث لا تزال هذه الألعاب تباع في الأسواق ولدى تجار جملة معروفون ولها موزعون وتجار تجزئة.. يقول وليد فرحان صاحب بقالة: أبيع هذه الألعاب للأطفال نظرا لزيادة الطلب عليها وخصوصا في موسم الأعياد حيث أني أحصل منها على أرباح أكثر من غيرها من الألعاب وفي الأخير أنا تاجر وأريد أن أربح وإذا لم يحصل الأطفال على هذه الألعاب عندي فبالتأكيد سيحصلون عليها لدى تاجر آخر. وعن الطريقة التي يحصل بها وليد على هذه الألعاب يقول: أشتري هذه الألعاب من تجار جملة يبيعونها في صنعاء القديمة وباب اليمن ومع أن هناك موزعون أعرفهم إلا أنني أعتمد على تجار الجملة لكي أضمن ربح أكبر مما لو اعتمدت على موزع.

غياب القانون ويرجع بدر حيدرة أكاديمي وباحث في المجال الحقوقي ورجل أمن عدم نجاح جهود وزارة الداخلية في مكافحة الاتجار بالألعاب النارية وتداولها إلى عدم وجود نص قانوني يجرم تداولها والاتجار بها حيث أن أي حملات تفتيش تقوم بها قوات الأمن ويتم من خلالها ضبط كميات من هذه المواد والمتاجرين بها لن تكون ذات جدوى فحتى وإن وصلت القضية إلى المحكمة فإن القاضي لن يجد نصا قانونياٍ يستند عليه في إصدار حكم يتضمن عقوبة مهما كان نوعها في هذا الأمر فقد يضطر إلى الإفراج عن التجار والكميات أيضاٍ. ويؤكد الباحث بدر حيدرة على ضرورة سن قانون رادع يجرم استيراد هذه الألعاب والاتجار بها ومن ثم اتخاذ إجراءات صارمة في مكافحة هذه الألعاب بناء على ذلك القانون. غياب الرقابة.. انتهازية التجار.. ضعف دور الأسرة.. عدم وجود قانون رادع جميعها عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار في مواجهة ظاهرة رواج الألعاب النارية بما تخلفه من مخاطر تحول الأفراح إلى أتراح ويكون ضحيتها الأطفال في حين قد لا يسلم منها حتى الكبار.