الرئيسية - اقتصاد - النفقات الجارية تستحوذ على 84% من إجمالي الاستخدامات العامة
النفقات الجارية تستحوذ على 84% من إجمالي الاستخدامات العامة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

كشفت دراسة حديثة عن استحواذ النفقات الجارية على 84 % من إجمالي الاستخدامات العامة في المتوسط خلال الفترة 2007 – 2013م. وهي اختلالات مزمنة تظهر غلبة النفقات الجارية وكبر حجم الالتزامات الحتمية الأمر الذي يضفي على الموازنة الطابع الإنفاقي غير الرشيد ويحد بصورة كبيرة من الدور الاستثماري والتنموي للموازنة. وهو ما يلاحظ من تدني النفقات الرأسمالية والاستثمارية والتي لا تتجاوز في المتوسط 16 % من إجمالي الاستخدامات العامة للدولة خلال الفترة 2007 – 2013م وطبقاٍ للدراسة التي أعدها الخبير الوطني/ نبيل الطيري والموسومة بعنوان “توجيه الإنفاق على البنية التحتية وآثاره الاقتصادية والاجتماعية” فقد انعكست هذه الاختلالات على ضعف النفقات الرأسمالية والاستثمارية لمشاريع البنية التحتية عند مستويات متدنية تراوحت بين 2 – 8 % من إجمالي الاستخدامات العامة بمتوسط 6 % خلال نفس الفترة وهذه الاختلالات أدت إلى بطء النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستوى الاستثمار العام والخاص على حدُ سواء نتيجة غياب البيئة المواتية للاستثمار وقصور خدمات البنية الأساسية للنشاط الاقتصادي. تراجع الكفاءة وأشارت إلى أن ارتفاع النفقات الجارية يعكس واقع البناء المؤسسي والمالي للدولة من خلال الهياكل المؤسسية لمختلف الوزارات والمؤسسات العامة المتضخمة بالمسميات والمستويات التي تعيق أداء وظيفتها أكثر مما توفر بيئة لإنجاز المهام حيث أدى التضخم المؤسسي إلى زيادة الإنفاق الجاري وخفض كفاءة الإنفاق العام وإهدار المتاح من الموارد العامة وانعكست الاختلالات الهيكلية في النفقات العامة على إعاقة مسيرة التنمية وخاصة انخفاض الإنفاق الاستثماري على البنية التحتية وإهمال الجانب التنموي والإنتاجي. وأضافت: رغم تزايد الإنفاق على الدفاع والأمن والذي بلغ 19 % من الإنفاق العام إلا أن كفاءة القوات المسلحة والأمن وأجهزة الضبط لم تتحسن بصورة تتناسب مع تلك الزيادات في الإنفاق العام لاسيما مع استمرار الاختلالات الأمنية والأعمال التخريبية ونشاط التقطعات والأعمال المخلة باستقرار المجتمع فضلاٍ عن ضعف هيبة الدولة في الكثير من المناطق في الجمهورية. وإذا كانت نفقات الدفاع والأمن تستحوذ على المرتبة الأولى من النفقات العامة للدولة فإن التحدي الكامن في إعادة توجيه جزء من الهدر في الإنفاق على الدفاع والأمن إلى النفقات الرأسمالية والاستثمارية لقطاعات البنية التحتية. حيث يشكل الباب الأول أجور وتعويضات العاملين للدفاع والأمن حوالي 46 % من إجمالي نفقات الأجور والمرتبات للدولة كما يستحوذ على حوالي 78 % من إجمالي نفقات الدفاع والأمن. التهـــريب مؤكدة أن الدعم المقدم للمشتقات النفطية 24 % من الإنفاق العام وهذا يعني أن حوالي ربع المالية العامة للدولة تذهب للدعم الذي يتزايد عاماٍ بعد آخر حيث يذهب جزء كبير منه للتهريب وحصص الجهات الحكومية من المشتقات النفطية وفروعها في المحافظات ولا يستفيد منه إلا حوالي 23 % من المستحقين. وترى الدراسة أن الاختلالات التي يعاني منها الإنفاق العام قد أضعفت الإنفاق الرأسمالي والاستثماري على البنية التحتية كما أن سياسات الإنفاق الاستثماري العام للموازنة اتسمت بجمودها وبالتالي تعارضها مع اتجاهات المتغيرات الكلية. فخلال الفترة 2007 – 2013م تعرض الاقتصاد الوطني لصدمات عدة ومنها أزمة الغذاء العالمية ثم الأزمة المالية العالمية وتلاهما كارثة السيول في محافظتي المهرة وحضرموت وأخيراٍ تداعيات ثورة الشباب عام 2011م وتباعاٍ لذلك واجهت النفقات الاستثمارية أوضاعاٍ حرجة بلغت ذروتها عام 2011م حيث وصل الحد إلى تجميد معظم مشاريع البرنامج الاستثماري العام للدولة. الأمر الذي يؤثر تأثيراٍ سلبياٍ عميقاٍ على وضع التنمية والتخفيف من الفقر وهذا الوضع لا يتسق مع مساعي التحول الديمقراطي في ترسيخ الاستقرار الاقتصادي وتيسير الحصول على خدمات البنية التحتية ومن ثم توفير الحياة المعيشية الكريمة للسكان الأمر الذي يشير إلى ضرورة إعادة النظر في أولويات الإنفاق العام للدولة والحد من الاختلالات بما يضمن توجيه حصة أكبر منه نحو النفقات الرأسمالية والاستثمارية اللازمة للبنية التحتية. إختـــــلال تمثل النفقات على المرتبات والأجور نسبة كبيرة من النفقات الجارية والتي تصل في المتوسط إلى أكثر من 32 % من إجمالي النفقات العامة وما يقرب من 50 % من النفقات الجارية. ورغم هذه النسبة الكبيرة للنفقات على القوى البشرية فإنها لا تشير إلى تحسن في مستوى الخدمات العامة والحماية الأمنية ويرجع ذلك إلى عددُ من الأسباب لعل من أهمها: 1) التضخم الكبير في حجم القوى البشرية سواءٍ منها تلك التي تعمل في الأجهزة المدنية أو تلك التي تعمل في الأجهزة العسكرية والأمنية إذ يقدر عدد العاملين في تلك الأجهزة بحوالي 1.4 مليون شخص ولا زال هذا العدد في تصاعد مستمر. وربما يشير ذلك إلى أن الالتحاق بالوظيفة العامة لا يتم وفقاٍ للاحتياج الفعلي وإنما يتم بهدف استيعاب أكبر عدد من المنتمين للقوى السياسية سواءٍ الحزبية منها أو القبلية أو غيرها وقد ترتب على ذلك وجود عدد كبير من هؤلاء لا يعملون فعلاٍ إما لأنهم متنفذون أو أنهم متهربون من الخدمة أو أنهم لا توجد لهم وظائف محددة. ومن الواضح أن نسبة هؤلاء كبيرة جداٍ والتي قد تصل إلى ما يزيد عن 20% من حجم القوى العامة في البلاد. 2) الازدواج الوظيفي على أكثر من وظيفة وفي أكثر من جهة. وتفيد العديد من التقديرات أن عدد هؤلاء يزيد عن 15 % من حجم القوى العامة وهناك ازدواج وظيفي أكبر بين الوظائف العامة والوظائف الخاصة وربما تبلغ نسبة الازدواج هذه أكثر من 50 % من إجمالي العاملين في الوظائف العامة. وبينت دراسة أن تصحيح ومعالجة هذا التشوه والاختلال سوف يسهم في إعادة توجيه جزء من هذه النفقات إلى النفقات الرأسمالية لمشاريع البنية التحتية ويعزز الجوانب الأساسية للتوجه نحو نظام اقتصاد السوق الاجتماعي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. ذلك أن أهمية مشاريع البنية التحتية لا تقتصر على أنها توفر الخدمات الأساسية بل يمكن أن تكون مصدراٍ فورياٍ لفرص العمل كما أن الاستثمار في البنية التحتية يمكن أن يوفر ملايين فرص العمل. المـــــوارد وبحسب الخبير البطلي فقد ارتبط الإنفاق الاستثماري لقطاعات البنية التحتية بالموارد العامة للدولة حيث يلاحظ أن تزايد أو انخفاض الموارد العامة للدولة يقابله تزايد أو انخفاض النفقات الرأسمالية لقطاعات البنية التحتية وبالتالي فإن توفر التمويل الكافي للمشاريع الرأسمالية والاستثمارية للبنية التحتية يعتمد على الموارد العامة للدولة. وقال إن توفر الموارد المالية الكافية يْعتبر محدداٍ أساسياٍ لتمويل المشاريع الاستثمارية للبنية التحتية كون اختلالات الموارد العامة تنعكس في شكل سلسلة من الآثار السلبية على مختلف مشاريع البنية التحتية. وبطبيعة الحال يتوقف حجم ومستوى واتجاه التأثير على حجم وطريقة تمويل المشاريع الاستثمارية للبنية التحتية. فقد كان الإنفاق الاستثماري على البنية التحتية ضعيفاٍ في اليمن التي تمتلك عدداٍ أقل من الموارد المالية التي تنفق منها كما أن العواقب الاقتصادية لتراجع إنتاج النفط في اليمن إلى جانب الصعوبات المالية أعادت التركيز على كبح الموازنة المالية الضعيفة مما أدى إلى خفض مستويات الإنفاق الاستثماري على البنية التحتية. لقد ارتبطت استراتيجية الإنفاق الاستثماري ارتباطاٍ وثيقاٍ بمدى توفر الإيرادات خاصة النفطية مما أدى إلى تدهور مستويات الإنفاق الاستثماري على البنية التحتية عند تدهور مستوى توفر الإيرادات وعند تراجع إنتاج النفط والموارد النفطية فإن التأثير المباشر هو خفض المخصصات الاستثمارية كما حدث في العام 2009م. الضــــرائب تعاني اليمن من شحة وندرة مواردها وتظل الإيرادات الضريبية متواضعة رغم أهميتها كمكون أساسي في هيكل الموازنة العامة ومساهمتها في توفير الخدمات الأساسي للمجتمع حيث مثلت الحصيلة الضريبية السنوية خلال الفترة 2007 – 2013م نسبة 21 % من إجمالي الموارد العامة ونسبة 1.6 % من الناتج المحلي الإجمالي ومثلت الحصيلة الضريبية ما نسبته 18.6 % من إجمالي الإنفاق العام وقد انعكست محدودية الإيرادات الضريبية سلباٍ على تمويل المشاريع الاستثمارية لقطاعات البنية التحتية حيث انخفضت الأهمية بالنسبة للإنفاق الاستثماري.