الرئيسية - السياسية - حتــى إشـــعار آخر
حتــى إشـــعار آخر
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

وقد صرنا إلى ما بعد مؤتمر الحوار لا يزال الهم لكل المكونات ينحصر في السياسة. الجدل هنا وهناك حول النتائج والضمانات والمعرقلين وفي الاثناء يظهر قرار لمجلس الأمن ضمن البند السابع لينعش من جديد حلقة الجدل والتناولات والاهتمامات للأحزاب للقوى السياسية وحتى للمنظمات الجماهيرية. لم تفلح الأحزاب في تقديم تصور إيجابي عن التجربة الحزبية لدى الشارع اليمني بسبب هذا الانصراف الكلي إلى الهموم السياسية وإهمال القضايا الاجتماعية والمعيشية ذات الارتباط بحياة المواطن. حتى منظمات المجتمع المدني ساهمت في تكوين هذه النظرة السلبية وندواتها تغرق في النقاشات السياسية فضلا عن كونها لا تتجاوز حدود المكان الذي تقيم فيه الفعالية فلا تشكل أي ضغط على الأحزاب والقوى السياسية في اتجاه إحداث أي تغيير إيجابي في نمط معيشة المواطن. يذهب البعض في تبريرهم عدم قيام المنظمات المدنية بدورها الإنمائي لكونها في الغالب تنتمي لمكونات سياسية في الساحة وبالتالي فإن ما تقوم به إنما هو داعم أو مكمل لما تقوم به الجهات الداعمة لها من هذه المكونات. لا يمكن بأي حال القول بأن التجربة الحزبية اليمنية لا تزال في المهد فمرور أكثر من عقدين من الزمن ينفي عنها أي مبرر يمكن أن تتحجج به في عدم قيامها بالدور الذي يجعل منها عامل انمائي مؤثر بشكل مباشر في حياة الناس.. فالاشكالات التي شهدتها السنوات الماضية بين القوى السياسية والسلطة كان دائما طابعه سياسيا ولا يبدو هناك أي مؤشر تفاؤلي لتغير هذه الآلية من الممارسة الحزبية في اليمن القادم وأظن بأن العلاقات ستظل في مربع المناكفات وصراع الإيديولوجيات والمصالح .. خصوصا وأن قانون الأحزاب لا يبدو مهتما بصياغة هذه العلاقات وفق مقتضيات العملية الديمقراطية سواء علاقات المكونات ببعضها أو علاقتها بالوطن أو بالسلطة. التحلل من أي قيود قانونية لا يؤدي فقط إلى ممارسة عشوائية لكنه يسهم في تأخر التجربة عن النضوج وبالتالي تصير العملية بهذا الشكل من الممارسة “ثقافة” لأي مكونات وليده تأتي لتمارس نفس الدور عينها على السلطة وهدفها الوصول إلى السلطة وكأن بهذا الأمر هو الوظيفة الوحدية التي وجدت لأجله هذه المكونات. للأسف تبدو تجربتنا كسيحة وستظل كذلك إذا ظل مفهوم الحزبية بهذا القصور في الرؤية. تقبل الكثير نتائج مؤتمر الحوار الوطني رغم ما اتسمت به بعضها من شطحات تقفز على طبيعة وواقع اليمن وهو ما تدركه أيضا كثير من المكونات والقوى المشاركة في المؤتمر لكنها حتى الآن تقف عند الحد الأدنى من الفعل المترجم لهذا الإدراك وهذه التحديات وبالتالي يبقى العمل الحزبي دائما في مربع الاتهام بعدم إيضاح المفهوم الإنمائي الديمقراطي ورفعها للشعارات الرنانة بالدولة المدنية الحديثة ودولة المؤسسات والعدالة والمواطنة المتساوية لن يسقط عنها هذا التصور السلبي خصوصا وأنها من أول ظهورها كانت عامل دعم لتوتير أجواء التعايش ولم تكن دافعا أو ضاغطا لخلق تحولات في اتجاه خلق حالة من التطابق أو شبه التطابق بين هذا الفعل ومترجماته على الواقع وبين تلك الشعارات. بطبيعة الحال لا يمكن الحديث عن ديمقراطية دون تعددية حزبية إنما يمكن القول: إن هناك ديمقراطية على الأقل في الدستور وتجربة حزبية متعثرة لم تعمل حتى على توعية المواطن بمثالب التحايل على الديمقراطية.. لذلك اليوم من هو في الشارع يردد بأن الحزب الفلاني علماني والآخر متشدد والثالث له علاقات خارجية إلخ وهذه النتيجة لا تقوم على فراغ وإنما عن معايشة لنتائج العمل الحزبي بالشكل الذي كان ولا يزال عليه في ساحة الفعل السياسي اليمني.