الرئيسية - السياسية - الدولة المدنية .. بين حلم التطبيق وإشكالية المجتمع القبلي
الدولة المدنية .. بين حلم التطبيق وإشكالية المجتمع القبلي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يتطلع الكثير من المواطنين اليمنيين إلى تحقيق وإقامة دولة مدنية حديثة فيها من الأهداف ما يلبي طموحات وآمال الشعب .. لكن هذا الأمر يحتاج إلى توافر شروط ومقومات أساسية للنهوض بها وفرضها على أرض الواقع . في الاستطلاع التالي نستعرض آراء عدد من السياسيين والكتاب عن الدولة المدنية وهل من الممكن إقامتها في ظل الوضع الراهن .. إلى التفاصيل :

ثقافة شعبية الكاتب والناشط السياسي المعروف الدكتور / محمد جميح يقول: أمنيتي إقامة دولة مدنية حديثة دولة يسود فيها حكم القانون وقيم الحرية والعدالة والمساواة .. لكن هذه الأمنية أي إقامة الدولة المدنية لا يمكن أن تتحقق في اليمن إلا شريطة أن نعترف بواقعنا اليمني دون أن نطبق نسخة جاهزة أو قالباٍ معيناٍ. وقال : ربما كان مصطلح الدولة المدنية أو الـ civil State جديداٍ على ثقافتنا لكن جوهر هذا المصطلح موجود في صميم ثقافتنا العربية الإسلامية والجوهر إنساني عالمي لا غبار عليه. غير أن التهيئة للدولة المدنية تكون بتسهيل شروط قيامها ببناء مؤسسات هذه الدولة ووضع شرائح المجتمع المختلفة ضمن سياق هذه الدولة وكذلك التشريعات والقوانين اللازمة لصيانة مبادئ وقيم التعايش المدني والحفاظ على التنوع في إطار السلم الاجتماعي. وأشار جميح إلى إمكانية إقامة دولة مدنية وتهيئة حياة سياسية سليمة من خلال ضمان حرية الشعب في انتخاب ومساءلة حكامه والعمل بمبدأ فصل السلطات. غير أن الدولة لا تقوم فقط على الأبعاد السياسية ولكن تتطلب المسألة ثقافة شعبية عامة تؤمن بقيم التعايش السلمي بين كافة شرائح المجتمع وتنبذ اللجوء للعنف وتحتكم للقوانين بالإضافة إلى ضمان سيطرة السلطات المنتخبة شعبياٍ على مؤسسات الجيش والأمن وليس العكس. واستقلالية القضاء وحرية الكلمة المسئولة وغير ذلك من القيم التي عرفتها الديمقراطيات المعاصرة.

حماية الحريات من جانبه يقول الباحث والناشط عبد الله العلفي : كلنا مع إقامة دولة مدنية حديثة يسودها القانون والمساواة والتنوع والحرية الفكرية والدينية والسياسية وحقوق الإنسان … دولة مدنية تعتمد على المؤسسات في تسيير أعمالها وعلى الإبداع في إدارتها . مؤكداٍ أن المجتمع اليمني لا يختلف عن أي مجتمع إنساني آخر فاليمني إذا عاش في أي دولة مدنية خارج اليمن لا بد أن يتكيف وينخرط في قوانينها وأنظمتها وثقافتها .. واليوم المجتمع اليمني في حاجة ماسة لدولة مدنية تذوب فيها الاختلافات الدينية والمناطقية والطبقية ويصبح الجميع مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. وقال : هناك من يخشى الجماعات الدينية باعتبارها الأكثر رفضا لفصل السياسة عن الحكم .. لكن الصراعات التي تطحن أقطاب الصراع الديني ستقود الجميع للسلام من خلال نظام مدني يستوعب الكل كما حدث في لبنان … كما أن وثيقة أنصار الله المقدمة للحوار الوطني باتت تؤمن بأن الدولة المدنية هي الحل الأسلم للجميع . وأشار إلى أن الثقافة الدينية السنية والشيعية كانت ومازالت حتى يومنا هذا عائقا كبيرا حال دون القدرة على إقامة دولة مدنية . لافتا إلى أن الحرب والصراع الإعلامي بين الطرفين أفضى إلى ضرورة وجود نظام يستوعب الكل بسلام دون تمييز .. وتطرق العلفي في سياق حديثة إلى الخطوات الأساسية التي من خلالها يمكن تحقيق دولة مدنية وذلك من خلال إقامة حوار إسلامي تشارك فيه الجماعات الدينية والعلمانية بمختلف أطيافها .. ورموزها الدينية .. إلى جانب ضرورة قيام الدولة بتكثيف البرامج الثقافية لتوعية المجتمع بماهية الدولة المدنية مبينة بأن فصل الدين عن الدولة لا يعني الكفر إنما يعني الحكم بقوانين يتفق عليها الناس وقابلة للتطوير والتغيير وإن وظيفة الدولة حماية الحريات الدينية فالشيعي حر بأن يكون شيعياٍ ولكن لا يحق له أن يفرض بالقوة المذهب الشيعي والعكس بالعكس .. كما تتطلب الدولة المدنية مؤسسات أمن قوية تحمي الحريات وتفرض العدالة بالقوة وكذلك مؤسسات قضائية قوية وفاعلة يلمسها المواطن إذا لجأ إليها ولا يفضل غيرها في فض النزاعات والصراعات

تمدين النظام والمجتمع بدوره يقول الكاتب سام الغباري : من يجرؤ على رفض “المدنية ” كإطار للنظام اليمني أو غيره من الأنظمة إنما الحديث عن هذه المفردة “الفضفاضة” يأتي في سياق المكايدة السياسية لدغدغة المشاعر الشعبية وفي هذا المساق يكون الأحرى هو “تمدين” النظام والمجتمع بالوعي . أي السعي لذلك الهدف الجميل. وقال: إن المدنية تعني القانون وتركز السلطة في يد مؤسسات الدولة دون غيرها ومجرد الادعاء بأن تحقيق ذلك في الوضع اليمني خلال المستقبل المنظور كذبة بلهاء فإذا قارنا بين مدينتين: تعز و ذمار .. الأولى رمز “سابق” للمدنية والثانية مجتمع يتسم بالطابع الريفي . الأولى انفرط عقدها الأمني مع أول سقوط معنوي للنظام والثانية تماسكت وحافظت على هدوئها العام في حدوده الدنيا . وذلك لأن مدنية تعز لم يكن لها بديل في حال انهيار الدولة سوى العصابات أو المليشيات بينما ذمار تماسكت لأن مجتمع “الشيخ” مازال هو الحاكم في قضايا الفصل والخلافات داخل المجتمع. ليس بصورة كاملة ولكنه كان كذلك بالفعل وبمجرد انهيار النظام وكراهية الجيش والأمن فليس ثمة بديل يحكم الأمن العام سوى المليشيا .. وهنا كانت مدنية “تعز” مدنية ناقصة وعياٍ وسلوكاٍ .. وهذه إحدى أخطر المدنية الكاملة التي يجب أن تنتبه لها الأجيال القادمة .