الرئيسية - تحقيقات - أكثر من 1000 طفل وطفلة تم تهريبهم إلى دول الجوار في 2013م
أكثر من 1000 طفل وطفلة تم تهريبهم إلى دول الجوار في 2013م
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تهريب الأطفال مسمى لطيف للغاية إذا ما خضنا بتفاصيل هذه القضية فهم يْخطفون عنوة ويستغلون جنسياٍ والأقبح من ذلك هو تعمد إعاقتهم في حالة عدم وجودها لاسترقاق قلوب الناس وإجبارهم على التسول.. ماذا تعني كلمة تهريب الطفل أمام ما يعانيه هؤلاء الصغار في بلدان الجوار¿ وهل الطفل سلعة تجارية أو بضع حبات من العقاقير المخدرة أم روح طاهرة تدْنس بأيدي أولئك الذئاب الذين انتزعت من قلوبهم كل مشاعر الرحمة ليس المسمى هو ما يجب أن نركز عليه حاليا بل الحلول الممكنة للحد من تفشي هذا الوباء القبيح .. هذا التحقيق في حلقته الثانية .. يشرح أبعاد المشكلة وحلولها من خلال المعنيين بعد أن عرضت في الحلقة الأولى قصص المعاناة التي عاشها أولئك الأطفال وأهاليهم.

هلال الطفل لم يتجاوز عمره العشر سنوات ترك مدرسته لعدم قدرة أسرته على تحمل تكاليفها برغم من أنها حكومية والتسجيل فيها لا يحتاج إلى مبلغ كبير إلا أنها بالنسبة لأسرته أمر شاق الوالد يعمل في إحدى المطاعم الشعبية بمبلغ زهيد يحصل عليه آخر اليوم مع القليل من بقايا الطعام ليقدمه إلى أبنائه هي وجبة واحدة في اليوم كفيلة بسد جوع هذه الأسرة. المسؤولية المبكرة التي يتحملها الأطفال اليافعيون والزواج المبكر بالإضافة إلى شحة الأعمال والفقر والجهل من أهم الأسباب التي تساعد على انتشار مثل هذه الظواهر هذا ما قاله أحمد القرشي رئيس منظمة سياج ويضيف: في الفترة الأخيرة ازداد عدد الأطفال المهربين من هذه الشريحة المستضفعة ومازاد من انتشار هذا العمل هو الضْعف الملموس للمساءلة القانونية والعقوبة الحقيقية لأسر وأولياء هؤلاء الضحايا من الأطفال الأبرياء وغياب مساءلة الحكومة وأبراز هذا الدور الحكومي من قبل الجهات المختصة والتي تنتهي عند قولهم قمنا وأنجزنا تجاه هذه القضية في غالب الأحيان. وهذه القضية الهامة التي تمس أكثر الشرائح الإنسانية في المجتمع بدون رقابة وعقاب. وذكر القرشي أن قرابة 1000 طفل وطفلة تم تهريبهم إلى دول الجوار في العام الماضي حيث أصبح الكثير من الأطفال المهربين من كبار مهربي المخدرات والأسلحة والقات والمواد الخطرة. وأوضح القرشي أن هؤلاء الأطفال المهربين يتعرضون في طريق التهريب لأبشع أنواع الاستغلال والتعذيب النفسي والجسدي والجنسي لأنهم يعيشون في أماكن مهجورة داخل الدول المهربين إليها مع أشخاص يكبرونهم سناٍ ومنهم من يتم استغلالهم في التسول بالاتفاق مع أسرهم والاتفاق على مبلغ معين وقد تصل بينهم مكاتبات بين الأسر والمتاجرين بأبنائهم ولو لاحظنا المناطق التي تغذي هذه المشكلة لوجدناها من أفقر المناطق مثل تهامة وأفلح الشام وأفلح اليمن. حلول أقوى أما بالنسبة للحلول يرى رئيس منظمة سياج أن الضبط الأمني وحده بين اليمن ودول الجوار ليس حلاٍ والاشتغال على برامج بسيطة عبر منظمات المجتمع المدني كذلك لا يعتبر حلاٍ كافياٍ فالقضية ليست بحاجة إلى إغاثة عاجلة في فترات موسمية لأسر تلك المناطق وغيرها بل إلى الوعي بأن هناك حْزمة أسباب لا بد أن نواجهها بحلول ذات مردود ايجابي ملموس.. على المستوى القريب والمتوسط والبعيد ووضع استراتيجية وطنية تنموية مستدامة.. كما يدعو القرشي الجهات المعنية إلى القيام بدورها الرقابي ومحاسبة المنظمات والمؤسسات الحكومية التي تستثمر الألم وتحرص على أن يبقى هذا التهريب على ما هو عليه ليتواصل تدفق الدعم إليها. حقوق الطفل بالرغم من مصادقة اليمن على كافة التشريعات الدولية المعنية بحقوق الطفل ومنع المتاجرة بهذه الشريحة إلا أن القوانين لا تعالج على نحو خاص قضايا بيع الأطفال ولا المتاجرة الجنسية بهم.. هذا ما أكدته منظمة اليونسيف وقالت في تقرير حديث إن مفهوم تجارة الأطفال لم يتم تعريفه بصورة شاملة في القوانين اليمنية.. وأوصي التقرير بتشجيع التعاون بين الدول المعنية لتحسين الأداء الأمني لمحاربة تجارة الأطفال والاستغلال وإبرام اتفاقية تعاون بين اليمن والدول المقصورة بالهجرة كشرط مسبق لإعادة ترحيل الأطفال والشروع بإعادة النظر في القوانين الوطنية المتعلقة بحقوق الطفل لمواءمتها مع معايير التشريعات الدولية وإجراء إصلاحات قضائية من شأنها أن تدرج موضوع المتاجرة بالأطفال في القانون الجنائي لمواجهة محترفي تجارة الأطفال وعائلاتهم بالعقوبات التي نصت عليها القوانين الدولية ودعم برامج التنمية الاقتصادية والاعتراف بأن التعليم هو الإجراء الوقائي الأساسي من خطر المتاجرة بالأطفال وإيلاء أهمية قصوى لبناء المهارات والتدريب المهني وتأسيس هيئات متنوعة الاختصاص بين مختلف الوزارات كآلية أساسية للتنسيق من أجل التعامل مع المشكلة بعيداٍ عن وجهها الأمني وتخصيص المبالغ اللازمة لبرامجها الأمنية وتأسيس هيئات ومراكز لاستقبال الأطفال وترحيلهم من أجل تأمين معاملة لائقة للضحايا.. أما السلطة المحلية في أمانة العاصمة صنعاء تقول إن حملات التصدي لجرائم تهريب الأطفال أفلحت في تخفيض عمليات تهريبهم من 20 ألف حالة تهريب إلى حوالي 900 حالة سْجلت العام الماضي .. إلا أن التقارير الدولية ومنها تقرير الخارجية الأميركية تؤكد أن الظاهرة لا تزال عند 200 طفل أسبوعياٍ جمعيهم يهربون عبر الحدود إلى الأراضي المجاورة. أجهزة أمنية طرحنا القضية على محمد أحمد الصباري مدير عام العلاقات بالبحث الجنائي مسؤول إدارة مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية.. والذي بدوره أفادنا بالقول: وزارة الداخلية منذْ عام 2001م بدأت خطواتها الأولى في ضبط وكشف عصابات تهريب الأطفال هذه الجريمة التي تزداد بشكل خطير ومخيف حتى استباحت حقوق هؤلاء الأطفال الأبرياء بكل ما تعنية الكلمة من مرارة وألم ووحشية انتهجها هؤلاء المهربون ولهذا حرصنا في منتدى الدوحة الدولي لمكافحة الاتجار بالشبر ومن خلال مشاركتنا المتتالية بحث الحلول والتقليل من ظاهرة التهريب بالتنسيق مع الوفد السعودي الحكومي المشارك وارتفع مستوى التنسيق مع المملكة بهدف الكشف عن عصابات التهريب وترحيل هؤلاء الضحايا إلى وطنهم وبالتعاون مع الانتربول الدولي ووزارة الداخلية. ولفت الصباري إلى عدم وجود نصوص تشريعية تْجرم هذه القضية ومن يقفون وراءها والأسر المتورطة في الزج بأبنائها في هذا الطريق الوحشي بكل انتهاكاته وقال لو اجتهد القضاء مثلما اجتهدت الأجهزة الأمنية في ضبط المتورطين لما عادوا إلى جرمهم وتوسيع نشاطاتهم وإعادة استغلال هؤلاء الأطفال المعاقين والمتاجرة بهم مجدداٍ. جرم الآباء لم يخف مسؤول إدارة مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية أسفه الشديد من أولئك الآباء الذين يتعمدون إعاقة أطفالهم ليتم المتاجرة بهم وتهريبهم للعمل في التسول بالاتفاق مع أطراف حيث يخلطون مادة الأسيد مع المرق وبعض المواد الخطيرة ويرشونها على أجزاء مختلفة من أجساد أبنائهم حتى يكونوا سلعة وتتم المتاجرة بها. وحول ذات القضية تحدث الصباري عن خطوة إيجابية اتخذتها الحكومة مؤخراٍ قامت من خلالها بإصدار قرار بالإعداد لمشروع قانون الاتجار بالبشر لتحريم ظاهرة تهريب الأطفال واعتبارها من صنف الاتجار بالبشر الذين لا يملكون حماية أسرية ولا مجتمعية وحمل القرار الصادر من رئاسة الوزراء الرقم 46 للعام 2012م وحالياٍ تدرس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر إنشاء قانون رادع لكل المتورطين بهذه الجريمة. أين القانون¿ المشكلة موجودة حتى في القوانين الأخرى فلا يوجد نص خاص يحرم تهريب الأطفال رغم أنه تم إدراج نص ضمن مشروع تعديلات قانون الجرائم والعقوبات لكن مجلس النواب منذ ست سنوات لم يقر تلك التعديلات حسب تأكيد المحامي خالد الغيثي ولكن يتم معالجة الجريمة حسب الواقعة فالتهريب إذا كان بدون رضا ولي أمر الطفل أو بالحيلة أو بالإكراه تكون جريمة اختطاف كون الطفل لايعتد بإرادته وهنا وهنا يعاقب عليها القانون وفقاٍ للمادة 2 من قانون مكافحة جرائم الاختطاف والتقطع والتي نصت على عقوبة مختطف الطفل بالسجن 20 عاماٍ وإذا ما كان تهريب الطفل بموافقة الأب هنا يعاقب القانون الأب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات وفقاٍ للمادة 155 الفقرة 1 من قانون حقوق الطفل وإذا تصرف المهرب بالطفل بأن قام ببيعة أو استغلاله والتصرف به فيعتبر ذلك جريمة رق ويعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تقل عن 10 أعوام ولا تزيد عن 15 عاماٍ وفقاٍ لنص المادة 164 من قانون حقوق الطفل. حلول على ورق ويفيد تقرير وزارة حقوق الإنسان بأن الأرقام التي حصلت عليها الوزارة من وزارتي الداخلية والشئون الاجتماعية والعمل بأن معظم الفئات العمرية للأطفال المهربين الواقعة بين 6-12 عاماٍ 85% منهم ذكور و15% من الإناث وأوصي التقرير بمعالجة مشكلة الفقر وتفر فرص الحياة الشريفة في تلك المناطق التي تعاني من ظاهرة التهريب والتنسيق بين الجهات المعنية بالطفولة للتعامل مع المشكلات التي يعاني منها الطفل وتقديم الحلول المناسبة لها وإنشاء مركز وطني لحماية الأطفال وتأهيلهم والنص صراحة على عقوبة صارمة في حق كل من يسعى إلى ارتكاب جريمة تهريب الأطفال والمتواطئ معهم واعداد حملات توعية عامة موجهة إلى جميع محافظات الجمهورية وإجراء بحوث علمية تقود إلى معرفة واعية وواقعية بحجم المشكلات والخطورة التي يعاني منها الأطفال للحد منها ومعالجتها. مخاطر نفسية عيش الأطفال بعيداٍ عن أهلهم وتعرضهم للاعتداء الجسدي والنفسي كل هذا يهدد توازنهم النفسي والاجتماعي هذا ما أوضحته الدكتورة آمنة باسلم اختصاص علم النفس التي تقول إن الإعاقة النفسية هي الأشد تأثيراٍ على حياة الأطفال وصعوبة قدرتهم على إعادة التأقلم مع الحياة التي تتمتع بالصحة النفسية تحت فئة آثار ما بعد الصدمة تلك التي تأخذ أشكالاٍ متعددة ودرجات مختلفة من الشدة أبرزها الإحساس بالإحباط والقلق والخوف والاضطراب في الشخصية والانطواء والانعزال والتبول اللاإرادي والسلوك العدواني ودوافع الانتقام مستقبلاٍ وصور مؤلمة تحفر في ذاكرتهم ولن يستطيعوا نسيانها على المدى الطويل خاصة وهم يشاهدونها أمامهم صور حية تمثل بشاعة الاعتداء والاستغلال باقسى صورها خاصة لو طال الموت أحدهم في طريق التهريب. انعدام الوعي الدكتورة عفاف الحيمي اخصائية علم الاجتماع بجامعة صنعاء عزت تفشي هذه الظاهرة إلى عدة أسباب أهمها الفقر في بعض المحافظات وخاصة الحدودية مع دول الجوار إضافة إلى غياب القانون وتفشي الأمية والفهم المغلوط عند بعض الأسر بأن واجب الولد أن يساعد أسرته وأن ثقافة حب العمل تأتي في الصدارة. ودعت الحيمي بدورها أجهزة الدولة كافة إلى تحمل مسؤولياتها وتوفير الخدمات من التعليم والصحة في هذه المناطق إضافة إلى وضع معالجات قانونية وتشريعية رادعة لمن يرتكبون مثل هذه الجرائم وضرورة التوعية العامة عبر وسائل الإعلام المختلفة بأضرار ومخاطر هذه الظاهرة على النشء والآباء.