شرطة مأرب تعلن منع حركة الدراجات النارية داخل المدينة بصورة نهائية استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين
> حياة المنزل خضرة حديقته وديمومة دلالته التاريخية بين مزاد المياه ومقص الكهرباء
أحياناٍ قد يثير اهتمامنا خبراٍ أو شائعة أو مجرد لافتة كتبت على أبواب أحد المنازل المرتبطة بذاكرة أحداث هامة في مسار التاريخ الوطني هذه المرة قرأت خبراٍ مفاده بأن بيت المشير عبدالله السلال أول رئيس لليمن الجمهوري بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م معروض للبيع.. ليس في الخِبِر ما يدعو للغرابة أو ما يثير فهو منزل يتبع ورثة لهم الحق في بيعه من عدمه أو التصرف به كيفما يشاؤون لكن الأهم في هذا الخبر أنه أثار في خاطري “سيرة شجن” لزمن الفجر السبتمبري.. إنه المنزل الأكثر حضوراٍ في ذاكرة الثورة اليمنية وأهم البيوت التي انطلقت منها مسارات العمل الإداري والدبلوماسي للدولة بعد انبلاج فجر اليمن الجمهوري لقد كانت زيارتي له مفتاح نِبِشِ في ذاكرتي أوراقاٍ وطنية كثيرة طالما طالعتها بروح قارئ مفتون بالكلمة الصادحة بقيم الخير والأمل بالتجديد والصوت الوطني المحمول على ربابة الروح “أيوب طارش” والآتي من عمق الوجدان الوطني “الفضول عبدالله عبدالوهاب نعمان” والمتشظي من غِبش العصف الثوري الوطني والقومي: “عبدالله البردوني”.. وحشد كبير من المشاعر المفتوحة على بوابات زمن البذل والعطاء
صحوت باكراٍ لأذهب على الساعة السابعة والنصف تقريباٍ كان الشروق مشتعلاٍ في الطرقات وباصات الركِاب تتسابق على صنع ذروةٍ للزحام قبل “الزحمة” في فراغ شارع الزراعة بينما أناشيد الطابور الصباحي تردد بحماس كبير في المدارس لكن مدرسة الفرات للبنات- الكائنة في حي الزراعة- والمجاورة لبيت المشير عبدالله السلال رئيس النظام الجمهوري الأول هي الأكثر صخباٍ بطابور الصباح حيث تردد طالباتها لحناٍ رقيقاٍ تحمله النسائم ليصبغ عزف أيوب طارش عِبúسي- أطال الله عمره وأمده بالصحة والسلامة- وترانيمه بشجوُ يزهر في تقاسيم السلام الوطني كما تتفتح ورود الخزامى تحت طنين النحل في الصباح الباكر: (عشت إيماني وحبي أممياٍ / ومسيري فوق دربي عربياٍ // وسيبقى نبـض قلبي يمنياٍ / لن ترى الدنيا على أرضي وصياٍ.).. إنها الكلمات التي خط خلودها الأديب الوطني الجسور الراحل عبدالله عبدالوهاب نعمان إنه النشيد الوطني الخالد الذي يعيدك بفعل هذا الجو الصباحي وزيارة منزل هام ارتبط بذاكرة التاريخي اليمني الجمهوري من وقت مبكر إلى إصرار المسار النضالي للشعب اليمني على لسان الأديب الرائي عبدالله البردْوني قبْيل مطلع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر:( غداٍ لن أْصِفقú لركúب الظلام / سأهتف يا فجرْ ما أجúملِكú). ويْعيدْك – أيضاٍ- إلى حماس الجماهير في ستينِات القرن الماضي بفجرُ وضْحِى اليوم السبتمبري العامر بـألحانُ من أناشيد الحرية والأمل التي اختزلها رائي العرب عبد الله البِردْوني رحمـــه الله : ( أفقنا على فجر يومُ صبي / فيـا ضِحِــوات المْنِى أطربي // أتدرين يا شمس ماذا جرى / سلبنا الدْجِى فجره المْخúتِبي // وكان النْعاسْ على مْقúلِتِيه / يوشوش كالطـــــــــــــــــــائر الأزغب // خرجنا نْدلي الضْحى ذات يومُ / ونهتفْ يا شمسْ لا تغرْبي // وسرنا حشوداٍ تطير الدروب / بأفـواج ميــــــــلادنـــــا الأنجب // وشعبَ يدوي: هي المعجزات / وْجْودي وسيفْ «المْثنى» أبي // غربتْ زماناٍ غروبْ النهار /وعدتْ يقود الضْحِى موِكبـــي).. المشير السلال جميلاٍ كان إيقاع هذا الصباح بما حمله من تشابه بين السلام الجمهوري وزيارة هذا المنزل التابع لأحد أبرز صانعي عمق التحولات الجمهورية لليمن إنه المشير عبدالله السلال المناضل الذي شكل طوق نجاة الثورة بعد حدوثها عندما أحجم الكثير من الشخصيات العسكرية عن تبني قيادتها ليكون خطابه صبيحة خميس 26 سبتمبر 1962م بمثابة إعلان الشرعية المطلقة لثورة الشعب اليمني على آخر نظام إمامي لسلسلة طويلة من النْظمُ الحاكمة التي توزعت بين الدويلات والملِكيات ذات النسق الإمامي الذي أحكم قبضته على اليمن أكثر من 1200عام.. كان الحارس الخاص ببيت السلال يحدثني مبتسماٍ بينما تراجيع السلام الوطني المصبوغة بمسحة البراءة واللحن الطري تدق نواقيس الذاكرة لاسترجاع تاريخ اليمن الجمهوري وإرهاصات الثورة اليمنية والحْقúبِة الأهم بعد تلك الثورة وهي حْقúبِةِ المشير عبدالله السلال الذي ارتكزت على فترة رئاسة أصعب الظروف وحصلت فيها أبرز التحولات لقد كان يقود الجمهورية والثورة من هذا المنزل وفيه يستقبل المشير السلال الوفود العربية بمن فيها زعيم الأمة العربية جمال عبدالناصر أو مِوفِديه كـ “عبدالحكيم عامر” والسادات ورائد الصحافة العربية المعاصرة “هيكل” وقادة الجيش المصري في اليمن في لقاءات تاريخية جسدت معاني اللْحمة العربية والمسار القومي الأصيل كما كان المشير السلال -بروحه المرحة وصبغة أحاديثه الفكاهية ذات البساطة والنقاء- يستقبل في هذا البيت القديم والتراثي على نمطه المعماري طوابير من الجماهير وحشود الشعب في فترة رئاسته بعد أن تولى مقاليد السلطة في شمال اليمن عقب قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 واستمر حتى ( 5 نوفمبر 1967م ) وهو تاريخ الحركة البيضاء التي تمت وهو خارج الوطن. في العراق الشقيق لينتقل للإقامة في جمهورية مصر العربية حتى صدور قرار من الرئيس السابق علي عبدالله صالح في سبتمبر 1981م بدعوته هو والرئيس الأسبق القاضي عبدالرحمن الإرياني للعودة إلى البلاد.. وتوفي الرئيس السلال في 5 مارس 1994م. في فناء المنزل حديقة واسعة وأشجار كثيفة ذكرتني بأيكات وادي رماع لكن زحف اليبِاس والجفاف قد اجتاح 90% من المساحة الخضراء الصغيرة وأبقى الخضرة تسجي الأشجار الفارعة في السماء لا أدري كم المساحة بالضبط ¿ لكن ذلك الفناء الواسع يكفي لأن يكون مساحة لمدرسة يسرح ويمرح فيها الطلاب أو الطالبات كما أن مواصفات المكان وموقعه والتحفة المعمارية المتمثلة في المنزلين القديم والحديث تؤهل المكان لأن يكون متحفا متكاملاٍ وهو ما كان الحديث قبل سنوات يجري حوله من قبل أمانة العاصمة بتحويل منزل المشير عبد الله السلال إلى مدرسة للبنات في جزء منه في المبنى الحديث بينما المبنى القديم يحوِل إلى متحف.. المنزلان والحديقة والنافورة والممرات الجميلة والمرفقات الكل يذهب إلى الخراب والأرض الموات وواقع الحديقة وأعشاش الطيور في أشجارها اليافعة ومسطحاتها الخضراء سابقاٍ والترابية راهناٍ ومضخات النافورة التي كانت تزف الجمال والخضرة وروح المنزل كلها تفاصيل تستحكم بها اليوم قسوة المناخ وجفاف التصحْر في عز عرúف الربيع وطلائع الصيف.. وما سمعته هو أن السبب في ذلك قطع الماء والكهرباء أما مديونيتهما فقد قْيدِتú على رئيس وهب حياته ليكون أول فدائي يقود الثورة ويرأس نظامها الجمهوري.. اتفاق الورثة اللواء علي عبد الله السلال النجل الأكبر للمشير السلال الذي اتصلت به لسؤاله عن المنزل وما آلت إليه حديقته وكذلك خبر عرض البيت للبيع أفاد أن الخراب الذي لحق بالحديقة ومرفقاتها كالنافورة التي بناها الصينيون ناتج عن انقطاع المياه فترة وجفاف البئر الخاص بالبيت والحديقة منذ زمن مؤكداٍ أن مؤسسة المياه والكهرباء تطالب عائلة السلال بمبالغ كبيرة وغير معقولة كرسوم اشتراك تراكمية حيث تم فصل التيار الكهربائي وقطع مشروع المياه أكثر من مرة.. مستغرباٍ من تصرفات مؤسسة المياه ومؤسسة الكهرباء خصوصاٍ بعد التوجيهات الصادرة من رئيس الجمهوري السابق علي عبدالله صالح وكذلك رئيس الجمهورية الحالي المشير عبد ربه منصور هادي بأن يعامل البيت كمنزل رئيس جمهورية.. موضحاٍ أن المنزل عرض للبيع بعد اتفاق جميع ورثة أسرة الرئيس السلال الذين أجمعوا على ذلك .. وأشار السلال إلى أن الدولة ممثلة بأمانة العاصمة كانت قد تعهدت في وقت سابق ووعدت بشراء المنزل على أن تقوم ببناء مدرسة السلال للبنات أو تحويله إلى متحف تخليداٍ للمشير عبدالله السلال أول رئيس للجمهورية اليمنية بعد قيام ثورة سبتمبر والإطاحة بحكم الإمامة لكنها لم تف بوعدها.. رعاية واهتمام وفي رده على استفسارا الثورة أوضح الأستاذ مصلح عبد الله صبرة رئيس هيئة شهداء ومناضلي الثورة أن الدولة ممثلة في الأمانة العامة للرئاسة والهيئة المختصة والدوائر ذات العلاقة تولي أسر الشهداء والمناضلين الثوار جل اهتمامها موفية باستحقاقاتهم كاملة سواءٍ في معاملة أسرهم أو في معاملة وتخديم منازل بعض أولئك الذين وصلوا إلى رتبة رئيس جمهورية وهم أحياء أو رحلوا كما أن بعضهم لا يصرون على الدولة مطلقاٍ في ذلك ولا أظن أن الكهرباء والمياه ستتعامل بهذا الشكل الذي تناقله الإعلام المهول دون أن يستشعر ما يقع على عاتق الدولة من مسؤوليات خصوصاٍ في ظل الظروف كما أن أبناء المشير السلال رحمه الله لديهم من الوطنية الكثير من المواقف التي تنأى بهم عن مسألة الضغط على الدولة وتحميلها أكثر مما تحتمل في ظروف عصيبة كهذه… وأضاف صبرة وبالنسبة لبيع المنزل من عدمه فهذا يرجع إلى أولاد المشير السلال أنفسهم خصوصاٍ والبيت لم يعد فيه ساكن من أبناء المشير عبدالله السلال رحمه الله إذ يعيشون في منازل جديدة وأحدهم عضو مجلس الشورى وآخر سفير في الأمم المتحدة وآخر في جامعة الدول العربية فيما الرابع على ما أتذكر أكاديمي في الإمارات جميعهم يحظون بتقدير كبير بما لهم من مواقف وأدوار وطنية.. صحيح أن الدولة وأمانة العاصمة كانت قد وعدت بتحويله إلى مدرسة للبنات ومتحف يحملان اسم السلال كتخليد لأدواره الوطنية لكن ظروف الدولة في الوضع الراهن صعبة جداٍ ورغم هذه الظروف إلا أنها بكل مؤسساتها لم تغفل يوماٍ عن حقوق أحد من المناضلين والثوار والشهداء بل أدت ما عليها وبالذات في حق قامة يمنية كالمشير عبدالله السلال رحمه الله.. ودعا صبرة كافة المناضلين اليمنيين إلى النظر برؤية أكثر دقة وإلماماٍ بمعطيات المرحلة الراهنة وما تتطلبه من الوقفة الجادة إلى جانب القيادة السياسية ممثلة بالمشير عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية- ومساندته في تجاوز ما تبقى من المنحنيات الخطرة في مسار التحولات السياسية اليمنية وأن يغلبوا المصلحة الوطنية أكثر من المصالح الشخصية فالنضال الوطني يقتضي التضحيات الجسام في الأزمات والشدائد.. وهي كلمة أيضاٍ نوجهها إلى الإعلام بأن ينأى بنفسه عن تأجيج المشكلات وفهم الأمور على أصولها..