الرئيسية - تحقيقات - 4121 منشأة صحية 70 %منها في الحضر ومدرسة واحدة لكل ست قرى
4121 منشأة صحية 70 %منها في الحضر ومدرسة واحدة لكل ست قرى
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

●تحقيق/ هشام المحيا –

55 % من سكان الريف بين الفقر العام والمدقع مقابل 24% بالحضر

الإدارة المحلية: الوساطة والمحسوبية والجهوية تغيب عدالة توزيع المشاريع

وزارة التربية: اعتمدنا آلية جديدة لتوزيع المدارس بحسب الكثافة السكانية

شبكة المياه تغطي 9% من الريف مقابل 52% في الحضر و70% من الريفيين لا يعرفون كهرباء الدولة

كم هي الحياة صعبة وأنت تستعطف الدواب لتستخدمها كوسيلة للنقل وتحيي لياليك على ضوء “الفانوس أو الشمعة ” وتبحث عن المدرسة لأبنائك وبناتك خلف الجبال وفي ثناياها وإذا زار المرض أحد أفراد عائلتك تكتفي بترديد ” وإذا مرضت فهو يشفين” … تلك المعاناة يعيشها أغلب سكان الريف والذي يشكل نسبة 70% من إجمالي سكان اليمن والسبب أن الحكومات المتعاقبة وجهت أغلب خدماتها وبرامجها من منشآت صحية وتعليمية وطرق في المدن تطبيقا للمثل ” جارك القريب ولا أخوك البعيد ” في التحقيق التالي نستعرض بالأرقام والإحصائيات والتقارير الرسمية مدى عدالة توزيع المشاريع الخدمية بين سكان الحضر والريف وموقف الجهات الرسمية في ذات الموضوع .

أحلام عاثرة رسمها الكثير من اليمنيين بمخيلاتهم ولم تلامسها أكفهم رغم مرور أكثر من خمسة عقود على إزاحة حجب الظلام حيث الفقر والجهل سيدا الموقف وذلك بقيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر إذ كان يحلم اليمنيون بدولة تعبد لهم الطرق وتبني المستشفيات وتؤمن الكهرباء والمياه غير أن غياب التخطيط جعل تلك الخدمات تزور الريف على استحياء إذ الغالبيه من سكان الريف يحلون ثانيا في قائمة الأولويات التنموية. معاناة سكان الأرياف من مسألة غياب العدالة في توزيع المشاريع الخدمية بينهم وبين المدن طالت جميع جوانب الحياة المعيشية وأولها شبكة الطرق والتي تعتبر شريان الحياة ومفتاح التنمية إذ تعاني أغلب المناطق الريفية من انعدام كامل لشبكة الطرق حيث تذكر الإحصائيات الرسمية أن إجمالي مساحة الطرق المعبدة في الريف لا تتعدى2971 كم من إجمالي 15328 كم بنسبة (19%) الأمر الذي ألقى بظلاله على كافة جوانب الحياة الريفية ولهذا حاول سعيد الصبري مواطن من أبناء ريف صبر محافظة تعز أن يعبر عن غضبه بطريقته الخاصة حيث قال والألم يعتصره ” لقد اشتريت بـ800 ألف ريال “حمير” أستخدمهم كوسيلة للنقل وكلهم يسقطون من على الجبال ويموتون” في إشارة منه إلى غياب الطرق عن منطقته . التعليم آخراٍ التعليم أحد المشاريع الخدمية التي تعاني من سوء التوزيع.. والسبب سوء التخطيط المتوسط المدى والطويل إذ تذكر الإحصائيات الرسمية أن نسبة الأمية في الريف بلغت 53.2% مقابل 27.7 في المدن فيما بلغت نسبة الأمية وسط الفتيات في الريف 75.7% مقابل 40.5 في المدن فيما بلغت نسبة الحاصلين على الشهادة الثانوية في الريف 5.5% مقابل 14.4% في المدن وتصل نسبة الأطفال الذين هم خارج المؤسسات التعليمية في الريف إلى 34.1% مقابل 14.9 في المدن . وتعود أسباب ارتفاع المؤشرات السلبية التعليمية في الريف إلى غياب المؤسسات التعليمية عن الكثير من المناطق الريفية وكذا غياب المدارس الخاصة بالفتيات وقلة المدارس الثانوية إضافة إلى أسباب أخرى على رأسها الفقر. لكن المتأمل في نسبة المدارس الموجودة في الأرياف سيصاب بالإرباك إذا ما عرف أن عدد المدارس في الريف 13737 مدرسة بنسبة 85% مقابل 2379 مدرسة في المدن وبنسبة 15% لكن ذلك الإرباك سيزول عندما تقول الإحصائيات الرسمية أن عدد التجمعات السكانية في اليمن يبلغ 133 ألفاٍ و210 تجمعات (قرية حارة محلة) منها 88817 قرية في الريف وهذا يعني أن مدرسة واحدة لكل سبع قرى وبما أن متوسط الفصول في مدارس المدن بلغ 24 فصل للمدرسة الواحدة مقابل 10 فصول في مدارس الريف فإنه يتوجب علينا ـ حسابيا ـ دمج كل مدرستين في مدرسة واحدة ليتعادل متوسط فصولها مع متوسط فصول المدن لتصبح النتيجة مدرسة واحدة لكل 12 قرية تقريبا ليس هذا فحسب فهناك (578) مدرسة بلا مبني أي في “هنجر وصندقة وخيمة وعشة وملحق مسجد وشقة وعمارة ومنزل” و99% من تلك المدارس هي في الريف . لم تنته بعدْ مفارقات التربية ومنشآتها التعليمية في الأرياف إذ تفصح لنا بعض المؤشرات أن نسبة المدارس الخاصة بالفتيات في المرحلة الثانوية لا تتعدى 6 مدارس وأن نسبة مداس رياض الأطفال في الريف لا تتعدى 4% مقابل 96% في المدن كما أوضحت بعض الإحصائيات أن عدد المدارس الغير مكتملة حوالي 10 آلاف مدرسة وبنسبة 62% من إجمالي المدارس أغلبها في الريف وأن 121 ألفاٍ و844 معلماٍ ومعلمة يحملون مؤهلات ما دون الجامعي ويمثلون نسبة 55% من إجمالي المعلمين وأن هناك 37 ألفاٍ 128 معلماٍ ومعلمة يحملون مؤهلات غير جامعية وأغلب هؤلاء في الريف وبناءٍ على تلك الأرقام السابقة يتضح جليا مدى العدالة في توزيع المشاريع التعليمية بين الريف والحضر . وفي مقابلة خاصة أجراها كاتب التحقيق اعترف مدير عام التخطيط والإحصاء بوزارة التربية والتعليم عبدالرحمن السماوي أن توزيع المؤسسات التعليمية بين سكان الريف والحضر كان يتم بطرق عشوائية لخدمة أغراض جهوية وسياسية ومجاملات وغير ذلك وبرر السماوي قلة المدارس في الريف مقارنة بتعداد سكانهم وتجمعاتهم السكانية بالقول” الكل يدرك جيدا أن الكثير من التجمعات السكانية في الريف عبارة عن عدد يسير جدا من الأسر وبالتالي ليس بمقدورنا بناء مدرسة لكل تجمع ” وعن الحلول التي بإمكانها أن تتلافى أخطاء الماضي أوضح السماوي أنه تم اعتماد آلية علمية جديدة لتوزيع المدارس على السكان . الصحة وخدماتها أحياناٍ تجثم عليك الدنيا بمصائبها ولا تجد من يفكك عقدها الصعبة خصوصا عندما يزور المرض فلذة كبدك وهو يناديك “بابا ” أو أحد من أَقربائك وهو ينظر إليك نظرات المستغيث ولا تملك لهم سوى الدموع والمركز الطبي الذي تحتاج للوصول إليه لقطع الجبال والوديان سيراٍ على الأقدام في أحيان كثيرة ستجده اسما بلا معنى. الصحة في الريف إحدى السيناريوهات المأساوية الرهيبة والتي تنتهي دائما بموت البطل وقد جسد تلك المعاناة جنين في بطن أمه ففي الوقت الذي شارف فيه الجنين على إنهاء مدة الإقامة الجبرية في رحم أمه “أحلام” والتي لم يمض على زفافها سوى عشرة أشهر يجد الجنين أماٍ وأبا يستعجلان خروجه إلى الدنيا ليملأ الفراغ العاطفي الذي يعيشانه وعندما دقت ساعة الصفر وآذنت بخروج الجنين تعسرت الولادة ولم يكن أمام الزوج سوى نقلها إلى أقرب مستشفى والذي يبعد عنهم حوالي 55 كليو متراٍ فبدأ المهمة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل بالبحث عن سيارة فوجدها في القرية المجاورة بعدها انطلقت السيارة ولكن بسرعة بطيئة جدا فرضتها الطريق الضيقة والمحفرة والتي تشكو حالها لربها وفي منتصف الطريق جثم الموت على صدر الفريسة فقضت نحبها مع وليدها البكر. أرقام وإحصائيات من جهات عدة محلية ودولية أبرزت حجم الكارثة الصحية التي يعيشها أبناء الريف في اليمن مقارنة بإخوانهم في المدن إذ تذكر بعض الأرقام عن وجود 4121 منشأة صحية وتقدر عدد الأسرة فيها بـ 16817 نصيب الريف منها لا يتجاوز الـ 30% وتذهب بقية النسبة للحضر علما بأن عدد السكان 70% بالريف و30% بالحضر ومن تلك المنشآت المستشفيات العامة المتخصصة وعددها56 مستشفى جميعهم في الحضر ويبلغ عدد أسرتها 10489 سريراٍ فيما بلغ عدد مستشفيات المديريات 185 مستشفى بعدد 5688 سريراٍ الكثير والمناطق القريبة من الحضر. وبناءٍ على تلك الأرقام نجد مؤشرات سلبية خطيرة في حياة سكان الريف خصوصاٍ ما يتعلق بصحة الأم أثناء الحمل والولادة وما بعدها وبناء على آخر مسح لصحة الأسرة فإن معدل الوفيات الخام في الريف 9% مقابل 7% بالحضر وأن نسبة تلقي الأم الريفية للرعاية قبل الولادة وأثنائها بلغ 37% و26% مقابل 68% 62% بالحضر وأن نسبة الولادات الريفية في منشأة صحية لم تتجاوز 17% مقابل 40% بالحضر وأن نسبة تلقي الأمهات الريفيات للقاح مرض الكزاز 27% مقابل 41% بالحضر وفيما يتعلق بتنظيم الأسرة أوضحت الدراسات أن نسبة استخدام الوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة في الأرياف لم تتجاوز 13% مقابل 34% بالحضر . تلك الأرقام الصحية المخيفة ـ السابق ذكرها ـ عملت على رفع درجة الضغط في دمي ووترت أعصابي الأمر الذي استدعى الذهاب إلى وزارة الصحة لعلي أجد عذرا لتلك العشوائية غير أنها زادت الطين بلة حيث رفض كل من مدير عام التخطيط والإحصاء ومكتب وكيل الوزارة لقطاع التنمية التحدث إلى الصحيفة تحت مبررات واهية ما أنزل الله بها من سلطان . للمأساة بقية لم تنته بعد مآسي الريف فالكهرباء ــ رغم أنها تعيش ظروفها الأسوأ ــ إلا أن سكانا ما زالوا يحلمون برؤيتها على الأقل ” 10 أيام في الشهر” غير أن وزارة الكهرباء لها وجة نظر خاصة ـ لم تختلف عن بقية الوزارات فالريف “المظلوم دوما يا سادة ” في وجه نظر الوزارة مجرد هدف ثانوي والدليل أن نسبة الأسر الريفية التي تستخدم إنارة الكهرباء لم تتجاوز 30.1% مقابل 94.3% بالحضر . ومثل الكهرباء شبكة المياه التي لا تسمن ولا تغني من جوع ورغم ذلك لم يحصل عليها سوى 9.6% من إجمالي الاسر الريفية مقابل 52.4% بالحضر يذكر أن أكثر من ربع سكان الريف يستغرقون ساعة كاملة للذهاب إلى مصدر المياه ومن ثم جلبها والعودة إلى المنزل فيما يستغرق 10% منهم حوالي نصف ساعة لذات الغرض علما بأن95% ممن يقومون بهذه المهنة من الفتيات . اعتراف وزارة الإدارة المحلية ممثلة برئيس قسم الرقابة على المشاريع وضع يده على الجرح وقالها بالفم المليان أن المشاريع الخدمية توزع بشكل عشوائي وفقا للمحسوبية والوساطة والجهوية وأحيانا إرضاء لشخصيات معينة ولهذا لم تجد التنمية طريقا إلى كافة أرياف اليمن وأكد على أن النهوض بالمجتمع اليمني لن يكون إلا تحت إطار تنمية شاملة في الريف والحضر على حد سواء . سياسيات عجيبة غريبة وعجيبة تلك السياسات التي تنتهجها الحكومة اليمنية والتي معها بلغ معدل الفقر العام والفقر المدقع على التوالي في الريف 40% و15% مقابل 20% و4% في الحضر .. والسؤال الذي سيظل مدويا هل ستظل المشاريع الخدمية ـ بالنسبة للريفيين كسراب بقيعة أم أن للمسؤولين رأياٍ أخر ¿