إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية بمحافظة مأرب مركز الملك سلمان يوقع اتفاقية تعاون مشترك لتأمين المأوى للأسر المتضررة من السيول بحضرموت البديوي: الأسابيع الخليجية تعكس عمق الهوية المشتركة والوحدة بين شعوب دول المجلس محافظ الحديدة يدشن توزيع المساعدات الاندونيسية للمتضررين من السيول محافظ حضرموت يبحث مع منظمة نداء جنيف تعزيز بناء القدرات حول القانون الدولي الانساني قائد محور البيضاء يكرم خريجي الدفعة الـ12 تأهيل ضباط من منتسبي المحور واللواء ١١٧ مشاة الأهلي يتفوق على الفيحاء في الدوري السعودي للمحترفين وقفة بمأرب للتضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم الصهيونية في غزة المنتخب الوطني لكرة القدم يبدأ معسكره الخارجي بماليزيا استعداداً لخليجي 26 الأمم المتحدة: حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة على المحك
قبل زيارة جزيرة سقطرى ºأو جزيرة الأحلام – كما يحلو للساني ترديدها- كانت هناك ثمة انطباعات عن جزيرة قد أقطعها سيراٍ على الأقدام في ساعة من الزمن أو يزيد ربما يكون فيها بعض المحلات وقد لا أجد مأوى أسكن فيه ولكن بمجرِد أنú اقتربِت الطائرة من سماء الجزيرة قريباٍ من عاصمتها مدينة (حديبو) بدا المشهدْ مختلفاٍ فأنا الآن أْحلقْ فوق بلاد لا أعرف منتهاها بالضبط وهاهي عاصمتها تبدو كمدينة فعلية..
رويداٍ رويداٍ اقتربنا من مطار سقطرى الذي يقع في منطقة (موري) القريبة من حديبو بحوالي 13كيلومتراٍ.. وبمجرد الهبوط والخروج من باب الطائرة تتلقاك الأنسام العليلة وتظللك مواكب السحاب المتراكم والضباب المخيم على رؤوس الجبال بما يشبه التاج الطبيعي الذي تفخر به هذه الجزيرة الأعجوبة. من منطقة موري إلى العاصمة حديبو هناك الكثير من الباصات والسيارات التي تنقل المسافرين ولا يجد المسافر أزمة في التنقل بين المطار والعاصمة حديبو إذú أضحى هذا الخط الذي يربط المطار بحديبو خطاٍ حيوياٍ يعمل على مدار الساعة خاصة في الأشهر التي تكون فيها الرياح عاتية ولا تستطيع السفن الإبحار إلى الجزيرة ببضائعها فيضطر التجار لنقل بضاعتهم عبر الجو بالطائرات. أوِل ما يلفت الانتباه الخضرة المنتشرة في كل أرجاء الجزيرة التي تبدو وكأنها قطعة من الفردوس حتى في حرم المطار تستغرب حين تجد العْشب يكسو كل مساحات المطار وفراغاته مما يجعله يبدو في حْلِة بهية والأجمل من ذلك كله أن هذا الجمال طبيعي وكل تلك الحشائش من خلق الله الذي لم يتدخل الإنسان بأي شيءُ فيه. شواطئ ساحرة من المطار إلى حديبو تطالعك العديد من الأودية التي تنتشر في جنباتها أشجار النخيل الباسقة وتتدفق منها عيون الماء الجارية التي لا ينقطع جريانها ولا يتوقف على مدار العام فضلاٍ عن الخلجان والسواحل الساحرة التي تتبدى لك في أجمل منظر طبيعي لا يمكن مشاهدته في أية بقعة في الأرض إلِا على جزيرة الأحلام سقطرى.. إنها سواحل وشواطئ يصح القول فيها أنها توزن بالذهب لما تتميز به من جمال وفرادة في التضاريس والموقع والمناخ ولو كانت لدى دولة أْخرى لكانت اليوم من أهم المزارات العالمية لمريدي وعشاق السباحة في السواحل الرملية. قبل أنú يلج المرءْ مدينة حديبو تكون السحاب هي أول مستقبليه حين تظلله عند مدخل المدينة وتكاثف على مشارفها متوجة جبال حديبو بتاج الطبيعة الأزلي الذي يجعل منها مدينة الفرائد وقبúلِة الجمال. أما في شوارع حديبو فأول ما سيستقبلْك بشاشة أبنائها وبساطة منظرهم وعدم الفضول الزائد تجاه الزائر أو الغريب فهم مسكنون بحس حضاري وثقافة سياحية عالية إذú اعتادوا على تدفق الزائرين والسياح وأصبح الأمرْ بالنسبة لهم مألوفاٍ خاصة حين يرون أفواج السياح الأجانب الذين يأتون لجزيرة سقطرى/الأحلام من كل أرجاء العالم للاستمتاع بأجوائها الفريدة وطبيعتها النادرة التي تحوي في طياتها مئات النباتات التي تنفرد بها على مستوى العالم فضلاٍ عن النحل السقطري الذي لا يوجد في العالم إلا بهذه الجزيرة. أما شجرة دم الأخوين فهي فريدة هذه الجزيرة التي أضحتú المِعúلِم الأبرز الذي يميز سقطرى عن غيرها من مناطق العالموهي الشجرة الأكثر شهرة في الجزيرة واليمن ككل. مدينة عامرة حين وصلتْ سقطرى في أواخر شهر ديسمبر 2013م كانت الحشائش قد بدأت بالاصفرار مؤذنةٍ بانتهاء فصل الخريف وبداية فصل الشتاء حيث لا تتماثل فصول السنة في سقطرى مع بقية محافظات اليمن فهي فريدة حتى في طقسها. في ذلك الحين كانت لا تزال تقاسيم الجمال الرباني الذي حبا الله بها هذه الجزيرة تنتشر في كل أرجائها ونسائم الجو العليل تداعب خصلات الشعر ورموش الجفون مْفصحةٍ عن طقسُ لما يزل في أعذب لحظاته التي تشد النفوس إلى هذه الجزيرة الأعجوبة. أخذتْ طريقي نحو أعماق المدينة لأستطلع طبيعتها وسوقها فوجدتْ مدينةٍ عامرةٍ بالحركة والمحلات في سوقها تضم مختلف البضائع التي يحتاجها الإنسان وبالذات الكماليات الكهربائية وخدمات الموبايل التي لم أكن أتوقع وجودها في هذه الجزيرة البعيدة عنا في أعماق المحيط الهندي والتي يتوقع الكثير ممن لم يزوروها من قبل أنها مجرد جزيرة عادية تفتقر لأبسط مقومات الحياة فيما الحقيقة أنها كانت فعلاٍ كذلك ولكن قبل تحقيق الوحدة المباركة عام 1990م لكنها اليوم تختلف كْليِةٍ عما كانتú عليه إبان العصر الشمولي الذي كان يتخذ منها فقط منفى للمخالفين للرأي. وإلى أنú قامت الوحدة ظلت جزيرة سقطرى معزولة تماماٍ من كل الخدمات حتى أنه لم يكن يوجد فيها حتى كيلو متر واحد من الطرق الاسفلتية ومعظم مناطقها لا تصل إليها الطرق فضلاٍ عن ندرة السيارات التي كانت بعدد الأصابع في مدينتي حديبو وقلنسية واليوم وبفضل دولة الوحدة وحرص القيادة السياسية على تطوير هذه الجزيرة التي أعلنتú مؤخراٍ تخصيصها كمحافظة مستقلةº صارت السيارات بالمئات إنú لم نقل بالآلاف خاصةٍ وهي معفية من الجمارك كنوع من التشجيع لأهل سقطرى..وكل هذا يعود خيره وفضله لدولة الوحدة التي حرصت قيادتها حتى اليوم على إعفاء أبناء سقطرى من الجمارك وتسهيل امتلاكهم لمختلف السيارات والناقلات والمركبات. خصوبة التربة لا يوجد شارع في حديبو أو في سوقها يخلو من محلات تبيع صمغ شجرة دم الأخوين واللبان السقطري والعسل السقطري الذي بلغت شهرته الآفاق بفضل الأدوية التي يحتوي عليها نظراٍ لفرادة الأشجار التي يجني منها النحل السقطري.. لكن ما يلفت النظر في سوق حديبو هو منظر الطماطم الذي يبلغ حجم ووزن بعض حبة منه أكثر من كيلو جرام وهو من زراعة أرض الجزيرة.. وكذلك الأمر بالنسبة للكوسة والباذنجان حيث وخصوبة التربة حسب مختصين لا تعادلها خصوبة في أي منطقة بالعالم والسبب أنها لا تزال بكúراٍ ولم تْزرع من قبل منذ خلق الله الأرض ومِن عليها وبالتالي احتفظتú بكل أملاحها وخصوبتها حتى اليوم. ما يعني أنِ الاستثمار في جانب الزراعة واعد 200% خاصة وأن كل شيء سهل وميسرº حيث ومعظم الأودية إنú لم تكن كلها تجري فيها عيون ماء غزيرة على مدار العام وهي كافية لزراعة تلك الأدوية وما جاورها من سهول وشعاب وهضاب دون الحاجة لحفر آبار أو تحلية مياه. وما يحز في النفس أن تلك الكميات الهائلة من المياه العذبة تنبع من أعالي الجبال وتمر في تلك الأودية وتشق السهول متجهةٍ نحو البحر الذي تصب فيه كامل حجمها وحمولتها دون أن يتدخل الإنسان في استثمار ولو الجزء اليسير من تلك المياه العذبة التي نحن بأمس الحاجة إليها في وطنُ يشكو القحط والجدب!! اليوم الأول من زيارتي للجزيرة قضيته في استطلاع معالم مدينة حديبو وما إنú أشرقتú شمس اليوم التالي – وهي تشرق مبكرة في سقطرى بأكثر من ساعة مقارنة ببقية مناطق اليمن وتغرب بنفس الشكل- حتى كنتْ والقدِر على موعدُ مع أحلى طِلة بحرية لشاطئُ مسحور تبعثْ من بين ثناياه روائح الطبيعة البكúر وترتسم على مْحياهْ أنداء طقسُ ساحرُ لمِا يزل يرتلْ أبجدية النقاء والجمال في أحضان أرضُ لم تتدنس بعدْ بجنازير الحضارة وآلاتها المقرفة! مشاكل متعددة من أول لحظة للمرء في جزيرة سقطرى يلمس التذمْر الكبير لدى الأهالي من ارتفاع تذاكر الطيران حيث وهي ما بين الـ66 ألفاٍ و72ألف ريال ذهاباٍ وإياباٍ. وهذا المبلغ بالنسبة لسْكِان جزيرة سقطرى قاصمة الظهر وإرهاقَ فوق الاحتمال حيث وغالبية السكان من الصيادين والرعاة الذين لا يكفيهم دخلهم وبذلك فهم يدخلون في عداد المساكين مثلهم مثل أصحاب السفينة التي ورد ذكرْها بسورة الكهف.. فرغم أنِ لديهم سفينة إلِا أنِ الله تعالى وصفهم بالمساكين بقوله: (وأما السفينةْ فكانتú لمساكينِ يعملون في البحر).. إضافة لذلك لا تزال خدمة الانترنت بحْكم الشيء النادر الوجود فهي تنعدم تماماٍ بعموم محافظة أرخبيل سقطرى ولا توجد إلا في وكالة السفريات وفرع المؤسسة الاقتصادية اليمنية وأحد الفنادق. وهذا بحد ذاته يْشكل صعوبة بالغة للصحفيين الذين يزورون الجزيرة ويريدون إرسال مواد آنية من الجزيرة فضلاٍ عن انقطاع أبناء الجزيرة عن بقية البشر في موطنهم وبقية دول العالم لأنهم محرومون من شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من خدمات الانترنت. أمِا انطفاءات الكهرباء على مدار العام فهي مشكلة بارزة يعاني منها كل أبناء سقطرى وكل مِن يزورها.. ولهذا فهم دائمو التذمْر من الكهرباء ويتمنون أنú تصل شكاواهم عبر صحيفة الثورة للجهات المعنية من أجل توفير هذه الخدمة التي لا غنى عنها.