الرئيسية - تحقيقات - تمدين الجماعات المسلحة مرهون بتعاون نخب المجتمع مع الدولة
تمدين الجماعات المسلحة مرهون بتعاون نخب المجتمع مع الدولة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

في تطور تتداعى آثاره السلبية على سير وتيرة التحول السياسي والاجتماعي باتجاه اليمن الجديد .. ملف السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل إلى واجهة الحديث عن معيقات التسوية السياسية حيث لا زالت هناك جماعات سياسية وقبلية ودينية تمتلك كماٍ كبيراٍ من الأسلحة وهو الأمر الذي عكس نفسه على الوضع الأمني وبدا ذلك في حالة من الاحتراب القبلي واختطاف الأجانب وقطع الطرقات وضرب أنابيب النفط وأبراج الكهرباء ونزاعات تهدد السكينة العامة وتنذر بالإطاحة بآمال فئات المجتمع المختلفة بالمواطنة المتساوية وسبل العيش وهو ما حديث مؤخرا في عمران فارضاٍ على الدولة ضرورة التدخل لإيقاف النزيف المتواصل في عمران, ناشطون وحقوقيون وسياسيون فندوا في هذا الاستطلاع معضلة ملف الجماعات المسلحة في اليمن وخطرها على مسار التحولات السياسية والمجتمعية وآفاق الممكن والمتاح في تمدين القبيلة والجماعات المسلحة على ضوء المستجدات التي تتزامن مع سير تنفيذ مخرجات الحوار الوطني فإلى تفاصيل هذا الاستطلاع:

السلاح معضلة اليمن منذ فجر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر وما قبلهما, لكن ما جرى منذ بداية النظام الجمهوري من صراع جهوي وقبلي تعززت وترسخت عوامله في الحقب الزمنية خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات حيث ترافق مع هذا الصراع انقسامات في الجيش بلغت ذروتها في العام 2011م عام الربيع العربي هذه العوامل كانت أهم ما يقف وراء نشوء الجماعات المسلحة القبلية أو الدينية المتطرفة في البلد والتي من أخطرها تنظيم القاعدة.. هذا ما لفت إليه الناشط السياسي والقيادي البارز في التجمع الوحدوي الناصري اللواء حاتم أبو حاتم مؤكدا في تأصيله لمعضلة انتشار السلاح في اليمن أن القضية برمتها مرتبطة بوجود الدولة وقوتها أو ضعفها وأن لا أفق يلوح منه الحلول سوى الأمل بدولة قوية تقيم المواطنة المتساوية وتحمي الجميع وفي الوقت نفسه تعاقب وتضبط الخارج عن القانون بعيدا عن الانتماء أو الجاه أو المنصب فالكل سواسية يحكمهم القانون وحده القيادي الناصري حاتم أبو حاتم أوضح في سياق حديثه أن ما يجري في اليمن من استقواء الجماعات المسلحة على بعضها البعض ومن تجاوز للقانون هو نتاج طبيعي لانتشار السلاح وثقافة الجماعات ونظرتها للسلاح على أنه مصدر القوة والسلطة دون مراعاة المصلحة المجتمعية والسكينة العامة وبالتالي فالتحديات التي تقف أمام استكمال مسار التسوية السياسية كبيرة جدا وما عزز من جسامتها هو غياب اللائحة التنفيذية التي كان من المفترض أن تضع خطة مزمنة التنفيذ الفعلي للمخرجات التي توافق عليها اليمنيون في وثيقة مخرجات الحوار الوطني كما كان من المتفرض أن تشارك كل الفئات التي شاركت في الحوار في تنفيذ مخرجات الحوار والإشراف عليها خصوصاٍ ما يتعلق بسحب السلاح من الجماعات المسلحة بعد هيكلة الجيش والأمن وبنائها على أسس وطنية خارج الانتماءات السياسية الضيقة أو الانتماءات الجهوية أو القبلية. السلاح وعمران ويؤكد أبو حاتم أن جميع الأطراف المشاركة في الحوار تدرك أن أي احتراب أو نزاع سيعرقل تنفيذ المخرجات ويشدد على ضرورة أن تضرب الدولة بيد من حديد ضد من يحاول عرقلة تنفيذ المخرجات. نزع السلاح وحول قضية مستقبل الجماعات المسلحة في البلاد وممكنات الدولة في نزع السلاح أكد القيادي الناصري أن المحطة الأولى تكمن في بناء الجيش والأمن على أسس وطنية ترافق بناء مؤسسات الدولة الاتحادية وتحسين معيشة الناس, والمحطة الثانية الإعلان الشعبي والجماهيري والرسمي بأن الدولة ستسحب السلاح الثقيل من الجماعات المسلحة مقابل دفع ثمن زمزي لهذه الجماعات التي على الدولة حمايتها أيضاٍ وإعطاؤها حقها وتكون هذه المحطة مزمنة بستة أشهر ثم تبدأ الدولة محطتها الثالثة بتنفيذ القانون على المتخلفين عن تسليم السلاح للدولة. تمدين القبيلة والجماعات المسلحة تخضع عملية تمدين الجماعات المسلحة والعشائر في الدولة ذات الحكم القبلي لمنظومة متكاملة من التطوير والتحديث تبدأ بالتعليم ولا تنتهي تلك المنظومة بفرص العمل بل تمتد إلى تنمية المجتمعات المعزولة في المناطق النائية وإيصال الخدمات إلى مناطقهم لإشعارهم أنهم جزء لا يتجزأ من الدولة وبهذا تتنامى ثقافة الاعتراف بالدولة من ناحتين ناحية الفضل في العمل التنموي والأمر الثاني من ناحية السلطة في العقاب والثواب والإيمان كرقيب وكراع, هذا ما حصل في كثير من الدول المتقدمة والتي كانت عبارة عن قبائل وجنسيات وطوائف تتناحر حينا وتتحد حينا آخر ضد أي مشروع يهدد مصالحها لصالح دولة مدنية حديثة تكون السلطة لها وتكون مسؤولة عن رعاية كل التنوع الاجتماعي والديني والسياسي وحمايتها من الخارج ومن بعضه البعض.. هذا ما ألمح إليه الباحث التربوي والاجتماعي المثقف الأديب حيدر علي ناجي مؤكدا أن طبيعة اليمن وخصائص مجتمعه تختلف عن كل المجتمعات .. ظل من الصعب بمكان خلال الحقب الماضية تمدين القبيلة ناهيك عن الجماعات المسلحة تلك التي تتبع القبائل أو التي تتبع تكوينات دينية طائفية وخرجت من كل هذه الجماعات شلل أو مجاميع تنتهج التخريب أو التقطع أو التفجيرات وتحت شعارات ومسميات مختلفة. وقال المثقف حيدر علي ناجي إن تمديد الجماعات المسلحة وإدماجها في المجتمع المدني لا يحتاج فقط إلى التعليم والتنمية بل يجب أن يترافق مع عملية التعليم والتنمية وجود دولة مركزية قوية تحكم الأقاليم ولديها القدرة على ضبط من يخرج على القانون سواء كان مسؤولاٍ أو شيخاٍ أو فرداٍ وهنا ستكون الطريق معبدة أمام مشروع التمدين والجماعات المسلحة فهي تنتمي إلى قبائل وشيخ كل قبيلة مسؤولة أمام القانون والدولة فلو تفاجأت جماعة مسلحة من قبيلة في مارب بعد اعتدائها على الكهرباء بوجود الشيخ يطاردها إلى جانب الدولة لن تكرر فعلتها لكن شيخها في صنعاء والدولة لا تعرف عن الجماعات شيئاٍ وكلما أرسلت حملة أمنية وجدت نفسها أمام حرب مع قبائل وجماعات مسلحة.. الحوار الوطني مشروع تمدين وحول الوضع الراهن والمستجدات التي تشهدها اليمن خصوصا في عمران وأكثر من مكان قال حيدر علي ناجي إن مخرجات الحوار الوطني الشامل شكلت خارطة طريق واضحة لدولة المواطنة المتساوية والمجتمع الخالي من السلاح لكن هذا لا يكفي لإخضاع الجماعات المسلحة والتخلي عن الأسلحة الثقيلة والاستقواء على بعضها البعض ما لم يتم تحويل المخرجات إلى مشروع وطني كبير يتم اسقاطه على الواقع وهذا لن يكون إلا بدولة مركزية قوية تحكم الستة الأقاليم إلى جانب حكومات مصغرة تكون قوية أيضاٍ وبهذا سيبقى عامل التمدين التدريجي للجماعات المسلحة تخضع لقوة الدولة والزمن الممكن للتنمية وبسط نفوذ واحد هو نفوذ الدولة وبدون ذلك ستواجه المخرجات الواردة في وثيقة الحوار الوطني تحديات صعبة بل ربما لا تلقي طريقها للواقع وتكون نصاٍ مثلها مثل الميثاق الوطني.. خطوات إجرائية يظل الحديث عن تمدين الجماعات المسلحة مربوطا بشريطة قيام الدولة واستقواء نفوذها على كافة قوى النفوذ في المجتمع ومع وجود الدولة تظل خارطة الطريق الإجرائية هامة شريطة أن تبن على خطوات إجرائية توائم الواقع الاجتماعي والقبلي للبلد وهي الخطوات التي أوردها الدكتور عادل الشجاع الباحث الاجتماعي والناشط السياسي وعضو مؤتمر الحوار الوطني مؤكدا على قضية تمدين الجماعات المسلحة يتطلب خطوات إجرائية تتبعها الدولة, الخطوة الأولى تتمثل في إصدار قانون يمنع حمل السلاح, وأن على كل مواطن أن يضع سلاحه في بيته لأن القانون يجرم حمله خارج المنزل ولابد أن تصدر تراخيص محددة للأشخاص الذين يقومون بالحماية للشخصيات الاعتبارية والرسمية. الخطوة الثانية تبدأ الدولة بمنع تدفق السلاح إلى اليمن وشراء الأسلحة الموجودة في الأسواق وتفرض على كل مواطن تسجيل قطع السلاح الموجودة لديه ويكون ذلك أشبه ببراءة الذمة التي تقدم للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بعد ذلك من يمتلك أسلحة بعد الإقرار بالأسلحة التي تم تسجيلها يتم مصادرتها. الخطوة الثالثة تقوم الأجهزة الأمنية ببسط الأمن في كل مكان من البلد في الطرقات في المدن الرئيسية وحماية الأفراد والمجتمع وحينما يتوفر الأمن لن يحتاج المواطن أو الشيخ أو الجماعة إلى الاحتماء بالسلاح من بعضهم البعض. وفيما يتعلق بالجماعات المسلحة الدينية والعقدية قال الدكتور الشجاع وبالنسبة للجماعات الدينية والمليشيات المسلحة تستطيع الدولة حماية الفكر والمعتقد لكل جماعة باعتبارها راعية التنوع والمختلف وحين تجد هذه الجماعات أن فكرها محمي بقوة الدولة لن تحتاج إلى السلاح لأن الدولة بالمرصاد لمن يحاول أن يفرض فكره ومعتقده بقوة السلاح أو بوسائل الترهيب وتكفير الآخر والنيل من حقوقه في الفكر والمعتقد.