الجمعة 29 مارس 2024 م
الرئيسية - تحقيقات - الفحص الدوري للمركبات … “نظام سلامة” مفقود!
الفحص الدوري للمركبات … “نظام سلامة” مفقود!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

مدير مركز الفحص الدوري: 94 % تقريبا من المركبات في اليمن لا تقوم بالفحص الدوري مدير مرور أمانة العاصمة: أربعة مراكز في الجمهورية لا تكفي.. والرسوم المرتفعة والإجراءات المعقدة سر عزوف الناس عن الفحص منظمات وأطباء : غياب الفحص الدوري يهدد الأمن القومي ويتسبب بأمراض خطيرة منها السرطان تعتبر دول العالم الفحص الدوري للسيارات والمركبات عامل السلامة الأول وتجعله من أولوياتها حفاظا على الأرواح والممتلكات غير أن هذه الخدمة في اليمن تكاد تكون غائبة لأسباب عدة غريبة وعجيبة … إذ تبلغ نسبة المركبات التي لا تعرف الطريق إلى مراكز الفحص الدوري 94% والنتيجة حوادث بالجملة ففي كل يوم يموت 7ـ 8 أشخاص ويجرح يوميا حوالي 47 شخصاٍ وخسائر فادحة مادية وصلت إلى أكثر من 18 مليار ريال خلال خمس سنوات فقط إضافة إلى بيئة ملوثة وملبدة بعوادم المركبات تسبب أمراضاٍ بالجملة أبرزها السرطان .. في هذا التحقيق ستجدون السائق ووزارة الداخلية ومراكز الفحص الدوري وجها لوجه في معمعة البحث عن الأسباب إلى جانب مختصين وتفاصيل أخرى.

يؤكد الخبراء والمختصون في مجال الصيانة على أهمية الفحص للمركبات بشكل دوري وهو ذات الأمر الذي يؤكد عليه صانعو المركبات بأنواعها وذلك بهدف حمايتها من أي أعطال قد تحدث فجأة وتسبب الحوادث التي تزهق الأرواح وتتلف الممتلكات وكذلك للحفاظ على البيئة التي تلوثها عوادم المركبات وأكدوا أن القيام بهذه المهمة يعمل على إطالة عمر المركبة ولهذا تجعل أغلب الحكومات الفحص الدوري في قائمة اهتماماتها وألزمت به كل صاحب مركبة حفاظا على السلامة العامة للمواطنين . أما في اليمن وعندما أقول “اليمن ” فإنني أتحدث عن الاتجاه المعاكس تماما للعالم فعلى الرغم من أننا أكثر دول العالم احتياجا للفحص الدوري للمركبات نجد 94% من المركبات لا تعرف الطريق إلى مراكز الفحص الدوري الآلي.

واقع تعيس نفور السائقين اليمنيين من الفحص الدوري أكده العميد الغمراوي مدير عام مركز الفحص الآلي وقال أن نسبة من يقومون بالفحص الدوري لمركباتهم تتراوح ما بين 6و8% تقريبا ووصف الغمراوي النسبة بالمقلقة والمخيفة مشيراٍ إلى أن غياب الفحص الدوري للمركبات يعني مزيداٍ من الحوادث التي تؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وتكبد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة داعياٍ في الوقت ذاته مالكي المركبات إلى أن يكونوا حريصين على فحص مركباتهم خصوصا وأن المركز يقدم خدمة الفحص الآلي برسوم رمزية ـ حد تعبيره. الدكتور عادل هزاع أستاذ الصيانة بكلية الهندسة جامعة صنعاء, التمس العذر لأصحاب المركبات الذين لا يقومون بالفحص الدوري الآلي وانتقد وضع الفحص الدوري الآلي في اليمن بشدة وقال ” في دول العالم تتواجد مراكز الفحص الدوري بشكل لافت ومتاحة لكل الناس أما في اليمن فمراكز الفحص قليلة جدا ولا يصل إليها إلا الكبار, أما عامة الناس فهم فقراء لا يستطيعون الوصول إليها “, ومع ذلك يؤكد الدكتور هزاع على ضرورة إجراء الفحص الدوري للمركبات بصفة مستمرة, وقال ” من الأمور البديهية أن الفحص الدوري للمركبات هو عامل السلامة الأول فهناك أشياء في المركبة إذا لم يتم فحصها وصيانتها من فترة إلى أخرى فإنها ستضر “بماكينة ” السيارة حتى على مستوى الاهتمام بنظافة المركبة من الأتربة والغبار التي قد تعمل بعض المشاكل داخل السيارة نفسها “وقد اعتبر أستاذ الصيانة بهندسة جامعة صنعاء غياب الفحص الدوري السبب الأول للحوادث في اليمن وأحد أهم أسباب تغير البيئة سلبيا وقال إن الحل يكمن في إنشاء مراكز في كل المحافظات وتكون في متناول الجميع”. بحثا عن الأسباب في إطار رحلة البحث عن الأسباب قمنا بطرح الموضوع على عدد من السائقين والذين بدورهم كشفوا عما يمنعهم من فحص مركباتهم فهذا شريف هادي -سائق تاكسي- يهتم كثيرا بالمنظر الخارجي لسيارته ويحرص دائما على أناقتها غير أنه لم يجر أي فحص لسيارته وعند سؤالنا له عن السبب قال” الوضع متأزم جدا ومركز الفحص الدوري في طرف العاصمة ويريد رسوماٍ كبيرة ونحن بالكاد نوفر مصروف اليوم ” مثله جميل منتصر سائق سيارة “شاص” يقلْ بها بضائع ومواطنين من صنعاء إلى ريمة جميل لم يقم بأي فحص لسيارته رغم الفترة الطويلة التي قضاها في قيادة السيارات في الطرق الوعرة جدا والسبب في ذلك أن محافظة ريمة لا يوجد فيها مركز للفحص والذي جعل جميل يغيب فكرة الفحص الدوري من عقله تماما أن مركز الفحص في صنعاء يقع في طرف العاصمة وهو أمر يْصعب عليه وعلى كثير من الناس الوصول إليه أما عمر النجار فله رأي تفرد به عن أقرانه فبعد أن فقد الثقة في كل ما تقوم به الحكومة يعتقد أن مراكز الفحص الدوري لا تضر ولا تنفع ولذا فهو لا يفكر بالذهاب إلى شيء اسمه الفحص الدوري. وحتى تتضح الرؤية أكثر قمنا بطرح الموضوع على مدير عام شرطة المرور بأمانة العاصمة صنعاء محمد البحاشي والذي بدوره وضع يده على الجرح وأكد ما طرحه السائقون حيث قال ” لم يحضِ الفحص الدوري في اليمن باهتمام المواطنين ـ رغم أنه إجباري ـ ويعيد السبب إلى أن مراكز الفحص الدوري الآلية في اليمن لا تتجاوز أربعة مراكز تتوزع على كل من الأمانة وعدن وتعز والحديدة وهذه المراكز نفسها يجد المواطنون صعوبة في الوصول إليها فمثلا مركز الفحص الآلي في الأمانة يقع في بني حشيش أي في طرف العاصمة وهذه المنطقة تأخذ وقتا كبيرا للوصول إليها وهي في ذات الوقت منطقة غير آمنة أضف إلى ذلك أن رسوم إجراء الفحص مرتفعة لا يتحملها مالكو المركبات وكذا الإجراءات المعقدة التي تتخلل العملية ولهذا السبب لا نستطيع إجبار السائقين على إجراء الفحص الدوري لمركباتهم”.. وأضاف “تجديد كرت السيارة يرتبط بإجراء فحص للمركبة غير أنه تم الكشف عن وجود أختام مزوره تقوم بمهمة التجديد” وعن الحلول ضم البحاشي صوته إلى صوت الدكتور عادل هزاع وقال ” الحل يكمن من وجهة نظر الإدارة العامة للمرور في التقارير التي رفعت إليها والتي تشير إلى ضرورة توسيع نطاق مراكز الفحص على أن يكون في المدينة أربعة مراكز على الأقل بدلا من أربعة لعموم الجمهورية”.

اليمن أولى بما أن مركباتنا تداعب الحفر والمطبات بأنواعها يوميا خصوصا في الليل ” والكهرباء غائبة” وتتسلق الجبال الوعرة في الأرياف التي لا تتجاوز مساحة الطرق المعبدة فيها19 % من إجمالي الطرق في اليمن في وقت أن أغلب سكان اليمن يقبعون في الارياف وسط الجبال وأغلب المركبات الموجودة في الشارع مستخدمة من قبل في دول أخرى فإننا بحاجة ماسة جدا للفحص الدوري الآلي للمركبات لا سيما وأن أغلب هذه المركبات تستخدم ” كأجرة” ما يعني أن مالكيها “باعوا الجمل بما حمل” لشراء هذه المركبة لتكون مصدر دخل لأسرهم فهم غير مستعدين لتوقفها ولو يوما واحدا بسبب أي عطل أو خلل لذا فإن غياب الفحص الدوري يعرض مركباتهم للخطر بشكل مستمر .

النتيجة إن انحصار مراكز الفحص الدوري في أربع محافظات جعل المواطن يقرر ” مْكرها ” أن يقود سيارته وإن كانت عرجاء أو عوراء أو حتى مصابة بمجموعة من الأمراض الباطنية والنتيجة طبقاٍ لإحصائيات رسمية ثلاثة وستون ألف حادث مروري خلال خمس سنوات فقط أودت بحياة أكثر من 13ألف شخص من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين وجرح أكثر من 86 ألف شخص منهم 50ألفاٍ أصيبوا بجروح بليغة وطفيفة وبلغ حجم الخسائر المادية أكثر من11ملياراٍ و300مليون ريال من جهة أخرى فإن ترك الفحص الدوري للمركبات لا تنحصر أضراره على الحوادث فحسب إذ يتسبب في مشاكل بيئية وصحية جسيمة تتمثل بعوادم السيارات التي تظلل ـ اليوم أكثر من أي وقت مضى ـ سماء العاصمة وسائر مدن الجمهورية خصوصا المدن المزدحمة بالسكان ولهذا تعتبر عدد من المنظمات المحلية والدولية عوادم السيارات بأنه خطر على الأمن القومي للبلدان لما له من آثار سلبية بيئية واقتصادية وقالت تلك المنظمات إن الغازات التي توجد في عوادم السيارات تؤدي إلى انحباس حراري يزيد من حرارة الكرة الأرضية ويكون الأمطار الحمضية الخطرة على النباتات ويحدث مجموعة من التغيرات الطبيعية والمناخية والتي تنذر بحدوث كوارث على الكون. من ناحية صحية أكد الدكتور جمال صلاح على ضرورة إيجاد حلول لدخان عوادم السيارات لما له من أضرار كبيرة على صحة الانسان والحيوان والنبات إذ تحتوي عوادم السيارات مواد سامة ومسرطنة أبرزها غاز أول أوكسيد الكربون وغاز ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت حيث تؤثر على الجهاز التنفسي فيحدث آلاماٍ في الصدر والتهاب القصبات الهوائية وضيق في التنفس وحساسية الرئة وأوجاع الرأس ويزيد من شيوع النوبات القلبية كما يسبب الربو والتهاب العيون وأمراض أخرى كثيرة.

الحقيقة المْرة هنا في اليمن شيئان لا يمكن تجاهلهما فيما يخص موضوع إهمال الفحص الدوري أما الأول فهو أنه يموت يوميا بسبب الحوادث الناتجة عن إهمال المركبة من 7 إلى 8 أشخاص ويتسبب بجرح حوالي 47 آخرين في ذات اليوم كما تقود عوادم السيارات الكثير من الناس إلى المستشفيات وأحيانا إلى الرفيق الأعلى نظرا للمخاطر الصحية التي تترتب على ذلك الإهمال أما الموضوع الثاني فهو أن بعض المعنيين ” كلما صفت غيمت ” فهم لا يعبأون بما يعانيه المواطنون ولو كان على لسان الصحافة .