الرئيسية - السياسية - “وزير الوفاق”.. بين ضيق الحزب وفضاء الوطن
“وزير الوفاق”.. بين ضيق الحزب وفضاء الوطن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

 - تفاعل جداٍ وهو يقف خطيباٍ رسمياٍ في جماهير جْلِهم من السلك الوظيفي لدى الوزارة والهيئات والمؤسسات المرتبطة بحقيبة حزبه الوزارية.. نزعة الوطن كانت في أعلى مؤشرات التأثر بقيم الانتماء للإنسان الحاضر كما كانت في أوج الالتحام الوجداني مع شي محمــد محمــد إبراهيـــــم –

تفاعل جداٍ وهو يقف خطيباٍ رسمياٍ في جماهير جْلِهم من السلك الوظيفي لدى الوزارة والهيئات والمؤسسات المرتبطة بحقيبة حزبه الوزارية.. نزعة الوطن كانت في أعلى مؤشرات التأثر بقيم الانتماء للإنسان الحاضر كما كانت في أوج الالتحام الوجداني مع شيء اسمه الشعب.. خرج من دائرة الحزب لأول مرة ليس من باب المجاملة بل من باب التأثر الوجداني الصادق الذي جرف مشاعره بتطلعات وآمال الحضور من كل أبناء الوطن فتحدث عن الحزبية الضيقة وآثارها الخطيرة على النسيج الاجتماعي الوطني وعن مسار العدالة والمساواة وما يتهدده من خطر حين يتغلب التعصب الحزبي على ما سواه.. كان متأثراٍ جداٍ حد استنهاض يقين الجميع بصدق نواياه.. لم يذرف دمعة واحدةٍ لكنه أقسم للجميع في مقامُ لم يطلب أحداٍ فيه يميناٍ من هذا الوزير الذي يزلزل القاعة وسبابته المرتعشة تنفي قطعاٍ أن يكون قد رضخ يوماٍ ما أو أخذ بأي إملاءات من حزبه أو من فئة معينة وأنه يتعامل مع الجميع كأبناء وطن واحد اسمه اليمن.. كانت تلك الوجوه تْحِييú الوزير بملامح من الانسجام فما يتحدث به حقاٍ هو وما يتطلع إليه المجتمع.. ورغم الانسجام الوقتي مع تعابير وقسمات وجهه وتقاطيع صوته إلا أن الجميع كان منقسماٍ فشباب الحزúب الذي يمِثله هذا الوزير انقسموا أيضاٍ بين واعُ لجوهر الخطاب الذي يجب أن يترجم إلى الواقع كرسالة وطنية يحملها هذا الحزب الفتي معبرين بــ” هذه هي رسالة حزبنا.. نعتز بها كثيراٍ”.. ومن يتعصب منهم حد الفتنة لحزب هذا الوزير يتتبع بدقة دلالات الخطاب ليغادر النور والابتسامة وجهه جراء جزئية من هذا الخطاب الذي ليس سياسياٍ في نظرهم فهذا الوزير يبوح بشكوى مبطنة تؤكد للجميع أن الحزب يمارس ضغوطاٍ عليه وحاشا وكلا فحزبهم وطني ونزيه أتى به الشعب ولا يريد مزيداٍ من السلطة والوظائف وإقصاء الآخرين وغيرها من الموبقات التي تجيزها كواليس السياسة.. أما من لا ينتمون إلى حزبه وهم على النقيض منه فينقسمون – أيضاٍ حسب المصلحة وحسب الجو الوطني المخيم- بين يائسُ من صلاح حال هذا الحزب الملصق به كل ما يجري في البلد وذلك بسبب تهوره وبحثه عن السلطة.. ومنهم حائرَ بين ما الذي سيضيفه هذا الوزير الذي عرفناه انساناٍ عادياٍ ومتواضعاٍ قبل أن يلقي به الربيع العربي إلى سدة الحكم ضمن تشكيلة الوفاق واليوم تلفه هالة من الحضور والمرافقين وهواتفه التي كان ترد على كل مكالمة في منتهى اللْطف أغلقت تماماٍ وبقت التحويلة التي تْخúبر عنه دائماٍ أنه في اجتماعات وربما يتأخر كثيراٍ وعلى المتصل وضع رسالة صوتية مفادها :”أنا فلان.. التقينا يا معالي الوزير في أيام الربيع”.. كان ناسياٍ نفسه في تلك اللحظة وذاكرته تعصف بالمنجزات التي هي عبارة عن أفكار في طريقها إلى المستقبل الجميل فيما الوقت يمرْ وهو متناسياٍ الرسالة التي كان يجب أن يوصلها عن حزبه ولم يكن يدرك لحظتها أنه قد أوصل أجمل رسالة عن حزبه بحديثه الوطني وأن الجميع وإن انقسموا في رؤاهم قد أجمعوا على صوابية كلامه وأن عليه الانصراف قبل أن يشوه جمال حضوره.. حيث كان الجمهور يصفق بكفوف تعبر عن أرواح صادقة مع نهاية كل فقرة إن لم نقل عبارة.. فجأة مدِ إليه سكرتيره الخاص-المعين من الحزب وفق ثقة تنظيمية لا تخيب الظنون- بوصفة سياسية تم إعدادها في قيادة الحزب الذي يحمل رؤى كثيرة تنبع من مصلحة الوطن وتصبْ في مصلحة الحزب وليس العكس.. شعر بوصول الوصفة التنظيمية الهامة.. ابتسم الوزير وحيِا الحضور مجدداٍ داعياٍ إلى ضرورة استئصال الفساد ومواصلة الثورة -التي يفهمها جمهور الحزب بأنها الفوضى الخلاقة والمستمرة كي تقطع الطريق على كل من يريد السلطة – ومعاقبة المجرمين وناهبي المال العام الذين هم معروفون بالاسم والصفة وإننا(الخطاب للوزير وحزبه) وراءهم والزمان طويل ليصفق جزء بسيط جداٍ من القاعة المكتظة.. أحجام الكثير عن التصفيق القاعة لم تأتي من كونهم فاسدين أو ناهبي مالاٍ عاماٍ ولا قطاع طرق وشوارع عامة ومتسببين في إغلاق محال تجارية كانت تعول آلاف الأسر باسم الثورة أو النظام.. فقط لأنهم يحملون الوطن حْلِمِاٍ بين جوانحهم خارج قذارة السياسة ليؤمنوا بالتسوية السياسية لا بالثورات والثورات المضادة والفوضى ولو كانت (جزاء من جنس العمل) ويؤمنون بالتسامح لا بالأحقاد وبالوفاق لا بالحزبية الضيقة وبالعمل الجاد لا بكيل التْهم السياسية التي ركزت عليها الأحزاب منذ بداية الأزمة التي عصفت باليمن.. تلعثم الوزير ليأخذ رشفة من قنينة الماء المعدنية مضيفاٍ: ولا بد من مغادرة الماضي وفتح صفحة جديدة تقتضي العمل خارج قيود القوى التقليدية البغيضة التي تقف أمام المسار الثوري والتغيير الوظيفي والإداري محيياٍ في الأخير شباب ساحات الربيع فقط ونسى أن الوطن هو من يجمع الأحزاب الحاكمة والمعارضة والساحات الثائرة والمناصرة للنظام.. رسالة المستقبل أخيراٍ.. من ينحاز إلى حزبه في سنوات الوفاق ويعكس الانحياز إقصاءٍ في الوظيفة والإدارة والتعامل لن يحمل من حزبه إلى الشعب إلا الرسالة الخطأ ليزيد الخسران لنفسه ولحزبه أما من ينحاز إلى الوطن لن يعكس صورة مشرقة عن نفسه وكفاءته وأمانته الوظيفية فقط بل سيعكس صوراٍ أكثر بهاءٍ وإشراقاٍ عن وطنية حزبه وسمو مبادئه وحظِه في المستقبل الديمقراطي لليمن الجديد..

[email protected]