شرطة مأرب تعلن منع حركة الدراجات النارية داخل المدينة بصورة نهائية استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين
هذه الجريمة شنيعة جداٍ فريدة في غرابتها ووحشيتها.. بل لعلها الأولى من نوعها تحدث في اليمن أو على الأقل في محافظة حجة التي كانت إحدى مناطقها مسرح أحداثها وهزت ببشاعتها كافة أهالي المديريات بالمحافظة .. كما أنها كانت مثار تناول بعض الصحف المحلية .. بالإضافة إلى أنها أي الواقعة نظراٍ لفظاعة الأسلوب الذي استخدمه الجاني في إزهاق روح ضحيته المجني عليه خلالها تعد من الجرائم التي لا تشاهد إلا في أفلام العنف السينمائية أو أفلام حرب العصابات “الأكشن” وبالأخص منها تلك النوعية من الأفلام التي تبث هذه الأيام غالباٍ في عديد من قنوات السينما والأفلام الفضائية بصنفيها العربي والأجنبي وصارت تؤثر سلباٍ على عقول ونفوس الصغار والكبار على السواء بل وغدا يتعلم منها المجرمون وأفراد العصابات في ارتكاب جرائمهم .. وهذا ما قد ينطبق بشكل جزئي أو نسبي على طريقة ارتكاب الجريمة هذه من قبل الجاني أو الجناة.. فمع التفاصيل وأحداث الجريمة من بدايتها. الرابعة بعد العصر كانت الساعة من ذلك اليوم الأغر والفاصل بين العام المنصرم 2013م والعام الجاري 2014م حينما فوجئ الضابط المناوب والأفراد بإدارة أمن مديرية يسلم بمحافظة حجة بوصول صبي صغير أو طفل عمره بالكاد يقارب الـ12 عاماٍ .. دخل عليهم في غرفة مكتب المناوبة وهو بحالة يصعب وصفها وتقنيدها بل ولا تصدق للغاية.. كأنه منهكاٍ ويلهث كجرو قدم من مسافة بعيدة جرياٍ.. بدأ متغيراٍ .. مصعوقاٍ متخاذلاٍ ومتبلداٍ مرتبكاٍ كأنه تعرض لصدمة ذهنية ونفسية عنيفة.. نظراته ظهرت زائغة متجمدة مشتة علامات الارتهاب والارتعاش وعدم التماسك لقواه كانت بائنة عليه وبشكل مثير للريبة والتساؤل من النظرة الأولى.. لم يتكلم ولم ينطق بكلمة .. لكنه جثى بركبتيه على الأرض وأخذ يجاهد نفسه لالتقاط أنفاسه ثم استقام واقفاٍ وبدأ يصرخ بكلام غير مفهوم ويشير بيده نحو جهة الوادي المقابل لمقر أمن المديرية غرباٍ ويبعد مسافة ساعة من الزمن مشياٍ على الأقدام من موقع المقر غرباٍ تقريباٍ.. كرر التلويح لهم بيده نحو الوادي المشار إليه وصراخه الهستيري بلا كلمة واحدة واضحة ومحددة ..راح الضابط ومن معه بالغرفة يتفحصون بأبصارهم ملابسه وهيئته في استغراب واستفهام صامتين كأنهم يريدون معرفة وفهم الصبي وماذا يريد..!¿ الملابس التي كان الصبي يرتديها تدل على أنه من أبناء المنطقة .. لكنهم لاحظوا أثناء ذلك وجود آثار دم على ثيابه وأطراف يديه وكذلك بعض آثار تراب وتمزق أسفل ثوبه.. فانتقلت مشاعر التساؤل والاستغراب لديهم بشأن الصبي في اللحظة حين رؤيتهم لتلك الدماء على أصابع يديه وثوبه إلى الاهتمام وشد الانتباه ثم لإدراكهم أن ما يرونه من حالة الصبي وغرابته إنما يعني أمراٍ ما وراءه وأن عليهم أخذه والتعامل معه بجدية وليس مجرد مشهد لحالة عرضية.. وزاد من قوة وشمولية هذا الإدراك عندهم واندفاعهم الاعتقاد والاهتمام باعتبار أن الأمر جدي أنهم رأوا الصبي خلال ذلك بدأ يبكي وهو يكرر ويعيد تكراره بصراخه غير المفهوم وتلوعه بيده اليمني نحو الوادي المقابل لمبنى المقر كأنه يقول لهم: أن شيئاٍ في ذلك الوادي وهذا الشيء يرتبط باختصاصهم وعملهم كجهة أمن وشرطة ويتطلب سرعة التحرك من قبلهم إلى هناك من أجله.. فقاموا حينها مبادرين لتهدئة الصبي ويحاولون استنطاقه ليستخرجوا منه ولو كلمة واحدة مفهومة غير أنه ظل يكرر تأشيره بيده باتجاه الوادي مقترنا بارتفاع البكاء له دون جديد.. فما كان منهم إلا أن سارعوا وبرفقتهم الصبي للتحرك مستقلين سيارة أمن المديرية “الطقم” واتجهوا عليها إلى الوادي الذي كانت إشارات الصبي نحوه.. وساروا في الطريق بالسيارة يتبعون إشارة الصبي وكانت الطريق وعرة وعبارة عن مرتفعات ومنحنيات لمدارب السيول وضيقة غير معبدة ولا تخلو من خطورة ومغامرة.. وكل منهم في ذات الأثناء وقبل وصولهم إلى المكان حيث وجهتهم شرد بتفكيره وتوجساته مع نفسه ومضى يستغرق في افتراضاته ويتوقع أكثر من احتمال لما هم قادمون عليه بلا إحساس بما حوله.. وبقوا كذلك حتى وصلوا في سيرهم إلى مكان يبعد حوالي خمسين متراٍ من الوادي المتجهين إليه ففجئوا بالصبي هنا بدأ ينفعل ويضرب بيده على باب السيارة ويشير لهم أن يتوقفوا بالسيارة ويركنوها على جانب الطريق في المكان.. فتوقفوا بالسيارة حسب إشارة الصبي ونزلوا منها ثم توجهوا سيراٍ على الأقدام وبرفقتهم الصبي صوب الوادي وأشار لهم الصبي أثناء ذلك نحو ربوة صخرية تماثلت أمامهم وبدت قريبة منهم وهنا قبل وصولهم إلى تلك الربوة ببضعة أمتار فوجئوا بالصبي يتوقف عن التقدم في خطاه ويجثم على الأرض وهو يصيح بصوت متقطع مخنوق وبلا كلمة واضحة واستمر على رفضه وصياحه وجاثماٍ على حاله دون أن يتقدم خطوة واحدة فاحتاروا بشأنه وكانوا قد افترضوا بالنسبة لعدم نطقه بالكلام ربما لأنه أبكم أو مصاب بحالة عدم القدرة على النطق.. ثم أمر الضابط “قائد الفريق” اثنان من الأفراد الجنود أن يذهبا إلى موقع الربوة الصخرية “حيث أشار الصبي” ويريا ماذا هناك.. فتقدم الجنديان المأموران وسار باتجاه محل الربوة.. ولكن للحظات أو لبضع دقائق ثم عادا مسرعين وكل منهما بوجه غير الوجه الذي سبق وذهب به.. لقد ظهرت على صورتيهما علامات الذهول وشبه الرعب ولم يكونا على تماسكهما وبالكاد استطاعا التفوه بالكلام وقالا للضابط: “هناك كارثة يا فندم.. مصيبة كبيرة.. هناك جريمة شنيعة أو عظمى يصعب على اللسان وصفها..!!¿.. فمكث أحد الجنود بجانب الصبي في المكان بينما الضابط والبقية ممن معه تحركوا مسرعين ومواصلين التقدم نحو الربوة.. وكانت أولى مشاهداتهم قبل وصولهم للربوة الآنفة الذكر والتي وجدوها تتوسط الوادي هو أثر لخيط دماء ظهر ممتداٍ متواصلاٍ منحدراٍ من أعلى الربوة الصخرية إليهم.. فتتبعوا خيط الدماء هذا باتجاه أعلى الربوة حتى وصلوا وأوصلهم الخيط إلى منظر لشيء هائل مجرد أن رأوه توقفت أقدامهم وتسمرت عن الحركة وكأن شيئاٍ قوياٍ شدهم للوراء وجمد أرجلهم كل منهم في مكانه دون القدرة على التقدم حتى ربع خطوة.. إن ما رأته أعينهم في المكان كان مرهباٍ مقشعراٍ يجعل أقوى القلوب تضعف في الصدور وترتجف لهول المشهد لا إرادياٍ.. كأن ما وجدوه عند نهاية خيط الدماء بأعلى الربوة ووسطها هو جثة لطفل مذبوح ومفصول الرأس والرأس كان هناك على بعد مسافة حوالي نصف متر من جثة أو جسد الطفل الصغير وهو معفر على فتات الصخر الممزوج ببعض التراب والوجه تبينت العينان مفتوحتين وجاحظتين والبشرة متحولة للون الأزرق ومائلة للون الرمادي أطراف الجبهة ووسطها وجوانب الوجه ملطخة بمزيج آثار التراب والدم.. وعند أعلى الجثة حول مفصل الرقبة وعلى جانبيها على الأرض بدت بقع لدماء متقرصة قانية ومتجلطة ورائحتها تفوح منفرة ولا تقبلها الأنوف. المنظر كان بشعاٍ.. وحشياٍ .. دموياٍ مأساويا للغاية .. ولم يكن من السهل التعامل معه بأعصاب باردة من غير ارتعاد حتى لو كانت هذه الأعصاب صلبة ومن نوع الفولاذ.. ومع ذلك فقد جاهد رجال شرطة المديرية أنفسهم وحاولوا مواجهة الموقف والسيطرة عليه وإن كان ذلك بصعوبة غير هينة .. حيث بارد الضابط للاتصال بعمليات أمن محافظة حجة لإبلاغها بالجريمة وطلب مختصو الأدلة الجنائية وحضورهم الفوري لإجراء المعانية كون الحالة فظيعة جداٍ ولا تقبل التأخير.. فتم تحريك فريق من فرع الأدلة الجنائية بالمحافظة عقب الاتصال للتوجه بأقصى سرعة إلى منطقة الواقعة حسب البلاغ. الوقت كان حوالي الرابعة والنصف بعد العصر والمسافة من عاصمة المحافظة إلى مديرية يسلم وبالتحديد إلى منطقة الوادي حيث وجود الجثة والرأس المفصول تقدر ليس بأقل من ساعة ذهاباٍ بالسيارة وقد حرص رجال الفريق على قطع المسافة في زمن أقل من الساعة المحددة وبسرعة لا تخلو من مغامرة ومخاطرة وذلك لأنهم يريدون استغلال الوقت أو الدقائق الأخيرة المتبقية قبل حلول الليل عند وصولهم لإجراء المعانية ورفع الأدلة بالمكان المتجهين إليه فوصلوا إلى هناك “أي فريق الأدلة” ووجدوا في انتظارهم بالمكان رجال شرطة المديرية الذين كانوا يطوقون ويحرسون مسرح الجثة .. وقد أصيبوا هم كذلك ببعض التقزز والشعور بالنفور والتأفف وكذا بالتأثر المضطرب حين وصولهم ورؤيتهم لفظاعة المشهد ثم مباشرتهم لإجراءات المعانية الفنية والتصوير للمكان والجثة مع الرأس المذبوح المفصول للطفل القتيل.. الطفل الذبيح قدر عمره أثناء ذلك بـ11 سنة ليس أكثر والملابس التي كانت عليه ويرتديها تدل على أنه من أبناء المنطقة ويمتهن الرعي للأغنام وكذلك الصبي الآخر “الأبكم” المبلغ بحسب هيئته وملابسه هو من الرعاه للغنم بالمنطقة وعزز لديهم هذا الترجيح والأخذ به بما يعني اليقين أنهم وجدوا فرقة أغنام كانت تجول وترتعي هناك حول المكان وعلى قرب منه في الوادي دون وجود شخص راع غير الطفل القتيل والصبي المبلغ واستقرر بهم على التسليم بالاعتقاد هذا لمعرفتهم أن الغالبية من الأطفال والفتيان الصغار في المنطقة ومناطق الأرياف بالمديرية والمديريات الأخرى هم من يقومون برعي الأغنام والمواشي. وبمشقة بالغة وفي عجل قبل دخول سواد الليل تمكن مختصو الأدلة الجنائية ومعهم رفاقهم من شرطة المديرية من إنهاء إجراءات المعاينة للجثة والمكان ورفع الآثار ثم قاموا بوضع الجثة مع الرأي المفصول داخل كيس مخصص للجثث أحضره مختصو الأدلة عند مجيئهم لذات الغرض ونقلها مع الصبي المبلغ الذي ما زال صامتاٍ وظل كأنه أبكم لم يتكلم بكلمة واضحة إلى إدارة أمن المحافظة لتتولى هناك مباحث المحافظة التحقيقات والمتابعة في الجريمة المأساوية وكشف ملابساتها وفاعلها المجهول وضبطه. فريق البحث الذي تكلف بالقضية لم يكن أمام رجاله وبين يدي سوى الصبي المبلغ الشاهد فهو الوحيد الذي يمتلكونه والشخص الذي شاهد الجثة ودل عليها وربما شاهد أيضاٍ واقعة الذبح والجريمة بكاملها وهو الشخص الوحيد الذي لديه السر وممكن اللغز وعن طريقة بامكانهم اختصار كل المسافات والتوصل إلى معرفة الغموض المتعلق بالجريمة وكشف فاعلها في أقرب وقت وبأيسر السبل.. وقد سخط رجال الفريق وتحمسوا بوتيرة عالية ومندفعة للمهمة على غير العادة لما شاهدوا جثة الطفل الذبيح ورأسه المفصول .. ولكن الصبي الشاهد المبلغ الوحيد بقي على حالة أبكما لم يستطيعوا إخراج منه كلمة واحدة مفهومة ومفيدة على الرغم من محاولتهم معه وقيامهم بطرح الأسئلة عليه بأكثر من طريقة لعلهم يلتقطون منه كلمة تدلهم على شيء ولكن بلا فائدة .. ووجدوا أنفسهم معه ومن الدقائق الأولى في دوامة لا تنتهي وليس لها مخرج .. ثم فكروا أن يقوموا بأخذه وعرضه على طبيب نفساني أو نفسي متخصص فساروا به إلى أحد المستشفيات بالمدينة وعرضوه هناك على طبيب نفسي لفحص وتشخيص حالته وإطلاعهم على نتيجه تشخيصه .. وجاءت إفادة الطبيب النفسي بعد الفحص لتوضح أن الصبي لم يكن أبكما من قبل ولكنه تعرض لصدمة نفسية قوية أفقدته القدرة على النطق بالكلام بصورة مؤقتة وليس بشكل دائم.. وأما نوعية الصدمة فلأنه رأي واقعة ذبح الطفل وعايشها عن قرب ولأن الجاني أو الجناة الذين قاموا بذبح المجني عليه قد أقدموا بالاعتداء على الصبي أو هدوده بعنف بأنه إذا تكلم لأحد بشيء سيفعلون به كما فعلوا بالطفل الذبيح فخاف وسكن الخوف بداخله بحيث تمكنت منه الصدمة وأثرت على نطقة غير أن هذه الإصابة هي مؤقتاٍ فقط وستزول بعد أيام ليست بطويلة.. فأخذ فريق البحث ماورد في تقرير تشخيص الطبيب النفسي الآنف بمزيد من الاهتمام أو بعين الاعتبار.. وقاموا بعد ذلك ومن باب التأكيد والتثقيل بعرض الصبي على الطبيب الشرعي لفحصه وإبداء رأيه حوله.. فورد تأكيد الطبيب الإخصائي الشرعي بما سبق وأتى في تقرير الطبيب النفسي بشأن حالة الصبي غير أنه أضاف : أن الصبي لم يتعرض لأي اعتداء أو ايذاء جسدي كبير ولكن وجدت بعض آثار لخدوش على يديه وهو ما يفسر أنها قد تكون آثار شجار من ذلك النوع الذي يحصل بين الصبيان الصغار. وهنا بعد توصل رجال البحث إلى هذه النتيجة حول حالة الصبي أحسوا كان شعورا بالارتياح النسبي اجتاحهم وتخللهم وبدأوا يتفاءلون بأنهم لاريب على وشك أن يضعوا أقدامهم للسير على الطريق الصحيح للاقتراب نحو المجهول والوصول إليه. إلا أن ثمة أكثر من نقطة مهمة وأكثر من علامة استفهام برزت أمامهم في ذات الأثناء وتراءت لهم كأنهم حواجز عائقة عليهم اجتيازها بذلك الطريق وهي تتعلق بهوية الصبي المبلغ الشاهد وهوية الطفل القتيل وكيفية وقوع الجريمة وملابساتها ومن وراءها¿ والأسباب التي أدت لارتكابها وما إلى ذلك مما يتطلب سعيهم واجتهادهم لكشفه وإظهار حقائقه إضافة إلى معرفة القاتل أو الجناة المجهولين والتوصل إليهم وضبطهم وهذا وغيره ما ستعرفه وتقرأه عزيزي القارئ الكريم تفصيلاٍ في الحلقة الثانية والأخيرة بعدد الأسبوع المقبل وإلى اللقاء.