الرئيسية - قضايا وناس - أخصائيون : التنشئة على العنف تخلق أطفالا مؤهلين للانحراف
أخصائيون : التنشئة على العنف تخلق أطفالا مؤهلين للانحراف
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق / أمل الجندي –

* دراسة : الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة كالسرطان والقلب

الأطفال هم زهرة الحياة وأملها هم بستان يضج بالمشاعر البريئة والأحلام الوردية التي يغشاها الأمان ويرعاها الحب والحنان ,, ولكن ما قد يصعق تلك الأحلام إلى كوابيس وحالة من الذعر والرعب وانتهاك براءة وحقوق الطفولة.. تبدأ هذه المعاناة ومن ينتهكها ومن يؤذيهم هم أقرب الناس إليهم ويكون سبباٍ في آلامهم وجرحهم الأسرة الأب الأم وأساليب التربية التي تصل في بعض الأحيان إلى أساليب توصف بـ (الهمجي – العنيف) وتعاملهم الفظ وكلماتهم الجارحة والتي قد تصل معظمها إلى جريمة تنتهك براءتهم وطفولتهم فمن ظنناهم دواءهم صاروا اليوم سبب جراحهم .. !!

العديد من المختصين حذروا من العنف الأسري المستخدم ضد الأطفال حيث يقول المختص النفسي الدكتور محمد الجهني : إن الآثار النفسية التي تنعكس على شخصية الطفل – نتيجة العنف الأسري الممارس على الأطفال من قبل الأسرة الأب أو الأم أو أحد أفرادها يولد بثوراٍ غائرة وعميقة في نفس الطفل الذي تعرض للأذى يبقى ذلك الأثر واضحاٍ ومؤثراٍ حتى حينما يكبر الطفل ومهما كان نوع العنف لفظياٍ أو نفسياٍ أو جسدياٍ فإن آثاره تظل عميقة ” . ويضيف الجهني: هذه الممارسات العنيفة التي يذوق مرارتها الأطفال تخرج لنا أطفالاٍ يصبحون مجرمين حينما يكبرون وذلك جراء ضغط تلك المشاكل وأثرها على حياتهم وسلوكهم ” ويرى أن هؤلاء الأطفال المعذبين يصبحون صيداٍ سهلاٍ حينما يكبرون لهواة الإجرام إذ يستطيع الأشرار تجنيدهم بسهولة للقيام بأعمال غير سوية كالإرهاب وتجارة المخدرات مثلاٍ مما يكون له تأثير سلبي كبير على المجتمع بصفة شاملة فضلاٍ عن كون الطفل الذي يتعرض للأذى مبكراٍ يتحول حين يكبر إلى إنسان منحرف ويلجأ إلى تطبيق ما كان يتلقاه من عنف بحق المجتمع وكذلك بحق أبنائه. وطالب الجهني المجتمع اليمني بشكل عام بنبذ العنف والكف عن ممارسة هذا الأسلوب ويقترح نقل الطفل الذي يتعرض للعنف والقسوة والتسلط وصنوف التعذيب إلى خارج نطاق الأسرة ليعيش مثلاٍ في دار الرعاية الاجتماعية لأنه هناك يجد تربية أفضل مطالباٍ وزارة الداخلية والمؤسسات الاجتماعية والجهات القضائية بالتعاون لوضع حل حازم لهذا العنف الأسري والوقوف ضد كل من يتسبب بالإساءة للأطفال.

مؤشرات خطيرة كشفت دراسة حديثة أن 96% من الآباء الذين يضربون أبنائهم تعرضوا للضرب وهم صغار .. وتوصلت الدراسة أن ضرب الآباء لأبنائهم وتعنيفهم المستمر لهم يربي عقد نفسية لدى الأبناء بل ويزيد من العنف الأسري إلى أن يتفاقم ويصبح مشكلة من الصعب مواجهتها إذ يحول العنف من الأسرة إلى المجتمع ويعد شكلاٍ من أشكال السلوكيات الشاذة وضحاياه مؤهلين نفسياٍ لممارسة الإرهاب النفسي على الأفراد مما يهدد أمن المجتمع . وخلصت الدراسة التي أعدها المركز العربي للدراسات إلى أن ضرب أو تعنيف الأطفال وإن كان بشكل لفظي يسفر عن إصابتهم بالتوتر النفسي الأمر الذي يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة كالسرطان والربو .. وتؤكد الدراسة أن استعمال العنف عموماٍ لاسيما مع الأطفال يجعلهم أكثر عْرضة للإصابة بالأمراض المزمنة. وقد أبدى العلماء اهتماماٍ بشأن أساليب العقاب التي تعرض لها المستطلعون في طفولتهم وما إذا كانوا كثيراٍ ما يتعرضون للضرب أو الإهانات فاستنتجوا أن حوالي 70% من المصابين بأمراض السرطان و60% ممن يعانون من مرض الربو تعرضوا للتعنيف الجسدي أو لوسائل عقاب أدت بالتالي إلى إصابتهم بحالات من القلق والتوتر النفسي.

أسباب عنف الآباء أما المختص الاجتماعي الدكتور محمد المطوع فقد أوضح أسباب العنف التي يلجأ إليها بعض الآباء ضد أبنائهم ومن ذلك. الدوافع الذاتية التي تكونت في نفس الإنسان نتيجة ظروف خارجية من قبيل الإهمال وسوء المعاملة والعنف الذي تعرض له الإنسان منذ طفولته إلى غيرها من الظروف التي ترافق الإنسان والتي أدت إلى تراكم نوازع نفسية مختلفة تمخضت بعقد نفسية قادت في النهاية إلى التعويض عن الظروف السابقة الذكر باللجوء إلى العنف داخل الأسر , وأضاف : إلى جانب ذلك دوافع اقتصادية وهذه الدوافع مما تشترك فيها ضروب العنف الأخرى مع العنف الأسري إلا أن الاختلاف بينهما كما سبق أن بينا هو في الأهداف التي ترمى من وراء العنف بدافع اقتصادي . ففي محيط الأسرة قد لا يكون هدف الأب الحصول على منافع اقتصادية من وراء استخدامه العنف إزاء أطفاله وإنما يكون ذلك تفريغاٍ لشحنة الخيبة والفقر الذي تنعكس آثاره بعنف من قبل الأب إزاء الأسرة.

حتى لا يتمنوا وفاتك !! العلامة إبراهيم العلفي أوضح من جهته أن سبب تفشي هذه الظاهرة الخطيرة هي بسبب ضعف الوازع الديني في نفوس الآباء الذين لم يراعوا حق أبوتهم في أمانتهم التربوية فنبينا الأسمى يضرب لنا أروع الأمثلة والقيم التربوية التي لا بد من إحيائها اليوم في التعامل مع الأطفال بكل يسر ولين وحب وحنان. وقال العلفي مستشهداٍ بموقف النبي الكريم : إنه إذا صلى رسول الله وهو في عبادة مع الله وسجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا رفع رأسه أخذهما من خلفه أخذٍا رفيقٍا ووضعهما على الأرض فإذا عاد إلى السجود عادا إلى ظهره حتى قضى صلاته ثم أقعد أحدهما على فخذيه. وتابع قائلاٍ: جاء الأقرع بن حابس إلى رسول الله فرأه يقبل الحسن بن علي فقال الأقرع : أتقبلون صبيانكم ¿! فقال رسول الله : ((نعم)) فقال الأقرع : إن لي عشرةٍ من الولد ما قبلت واحدٍا منهم قط فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من لا يرحم لا يرحم)) وهذا معاوية عندما غضب على ابنه يزيد فهجره فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم سماء ظليلة وأرض ذليلة فإن غضبوا فارضهم وإن سألوا فاعطهم ولا تكن عليهم قفلاٍ º فيملوا حياتك ويتمنوا موتك وهي بالمقابل رسالة لكل الآباء فمثلما لكم حق على أبنائكم لأبنائكم حق عليكم فإن خنتم أمانة الله فيهم أو أديتموها فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وتداعيات ذلك أنتم من تتحملونها أمام الله وقانون البشر .