محاضرة في عدن تستعرض أسس تصميم السدود وأهمية مشروع سد حسّان بأبين مجلس القضاء الأعلى يقر تغطية الشواغر في محاكم ونيابات محافظتي تعز وحضرموت تدشين حملة التحصين ضد الحصبة بالحديدة واجتماع يناقش الوضع الصحي بالمحافظة الوزير الوصابي والمحافظ بن ماضي والسفير الكوري يدشنان بالمكلا معمل وقسم الطاقة المتجددة شركة بترومسيلة تُعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير زيت الوقود الثقيل (المازوت) وفد اليمن في مؤتمر المناخ يبحث مع نائب وزير الصحة الاذربيجاني تعزيز أوجه التعاون المستشار العسكري للمبعوث الأممي يطلع على نشاط مشروع مسام بمأرب اللواء ثوابة: المليشيات الحوثية تهدم أي مبادرات لإنهاء الحرب وإحلال السلام قوات الجيش تفشل هجوم لميليشيا الحوثي على قطاع الكدحة غرب تعز الأغذية العالمي: نحتاج الى 16.9 مليار دولار لمعالجة أزمة الجوع العالمية
وفـــاة 143 شخصــاٍ بينهــم 34 أنثـى العـام الماضـي
■
الحيرة سيطرت على الوجوه.. الخوف والقلق خيم على سماء المنطقة.. الرهبة والصمت استحوذا الموقف لأهالي الحي.. فالسد المائي الذي تم بناؤه بغرض الاستفادة منه في خدمات الري واستصلاح الأراضي الزراعية.. تحول إلى سد للموت.. وشبحاٍ يلتهم أبناء القرية وبناتها ومن قدم إليه بغرض التنزه.. فلم يعد يكتفي بضحية واحدة في حادثة الغرق وإنما ارتفعت حالات الغرق فيه حتى وصل إلى حد غرق أسر بأكملها.. أهالي الحي.. كل منهم يحلق بعينيه في الآخر.. همس أحدهم في أذن صديق بجواره.. ” لم يكن المراد من إنشاء السد قتل الأبناء.. كان المؤمل منه أن يساعدنا في ري مزروعاتنا أيام القحط.. فلماذا خالف القوانين وانتهج طريقاٍ غير المطلوب منه.. لماذا أغرق خمس فتيات من أسرة واحدة..”
كانت الحادثة أكثر مأساوية وحزناٍ شهدتها محافظة الضالع مديرية دمت خلال منتصف فبراير الماضي حيث كان عدد ضحايا هذه الحادثة يفوق المعتاد والحوادث السابقة.. كانت خمس فتيات في عمر الزهور.. تتراوح أعمارهن مابين 11إلى 16 عاماٍ.. جميعهن من أسرة واحدة.. حوادث الغرق في السدود والحواجز المائية ترتفع نسبة وقوعها وضحاياها من عام إلى آخر ومع ذلك تتعدد الروايات والأحاديث عن أسباب الغرق في تلك البرك المائية.. خلال هذا التحقيق نتعرف عن الأسباب وما هي الحلول الفعالة للحفاظ على أرواح عشاق السباحة والتنزه.. خصوصاٍ وبلادنا تعيش هذه الأيام فصل الصيف الذي تهطل فيه الأمطار الغزيرة وامتلاء الحواجز والسدود بالمياه مما يغري الكثير من الأسر والشباب للاستماع بتلك المياه. وزارة الداخلية قبل أيام أعلنت وقوع حالة غرق راح ضحيتها شخصين.. وليس هذه الحادثة وسابقتها هما الوحيدتان اللتان حدثتا خلال الأشهر الماضية من العام الحالي.. فهناك الكثير من حالات الغرق إلا أن الداخلية لم تعلن عن إحصائيات حوادث الغرق بعد.. العام الماضي 2013م , وبحسب التقرير السنوي الصادر عن وزارة الداخلية, فقد بلغ عدد حوادث الغرق نحو “131” حادثة غرق بنسبة أرتفاع عن العام 2012م (24,8%) نتج عنها وفاة 143 شخصاٍ منهم 34 أنثى.. وقال التقرير إن هذه الحوادث وقعت في 20 محافظة بينما محافظتي الجوف وريمة فلم تسجل أي حالة غرق.. التقرير الأمني لم يوضح أو يفصل عدد حالات الغرق التي حدثت في السدود والحواجز المائية عن تلك التي تشهدها الشواطئ في المناطق الساحلية.. إلا أن وكيل مصلحة الدفاع المدني العميد/ عبد الكريم معياد أكد أن أغلبية حوادث الغرق تقع في السدود من خلال البلاغات التي تصلهم. ومن خلال الحوادث المتعددة.. يتضح لنا أن كل حادث له أسبابه وعوامله ودوافعه.. وذلك يعود للوقت والموقع والظروف وغيرها من الأسباب.. وكيل مصلحة الدفاع المدني يرجع أسباب وقوع حوادث الغرق في السدود والعوامل التي ساعدت وساهم غيابها بشكل كبير في ارتفاع وتكرار حوادث الغرق إلى ضعف الوعي لدى المواطن بخطورة السباحة في السدود وانعدام اللوحات التحذيرية والإرشادية على أسطح تلك الحواجز.. ويؤكد العميد معياد الأقاويل والأحاديث التي تراوحت وتناقلتها وسائل الإعلام العام الماضي عن أسباب وقوع حوادث الغرق.. كان من تلك الأسباب ” أن المياه ثقيلة ومليئة بالأتربة “طمي” أو “الطمر” ويصعب على السابح الصعود منها أو تحريك جسده بينها خاصة من لم يتمكن أو يمتلك قدرات ومهارات السباحة بعد.. بالإضافة إلى تواجد أشجار أسفل هذه السدود والتي يشتبك فيها السابح مما يمنع صعوده إلى أعلى المياه نتيجة أيضاٍ لزوجة تلك الأتربة الناعمة.. الشيء الآخر والذي أثار جدلاٍ كبيراٍ هو وجود ثعابين مائية وسط هذه السدود لاسيما سد كمران”. ويضيف العميد معياد ” عدم إنشاء السدود وإقامتها بمواصفات ومقاييس معترف بها دولياٍ وكذا انعدام وسائل الأمن والسلامة وعدم تنظيفها وإزالت الأتربة والشجيرات المتراكمة في قاع الحواجز تعتبر أيضاٍ من أسباب وقوع حوادث الغرق”. أكثر حوادث الغرق التي أثارت جدلاٍ في العام الماضي.. وأحزنت العديد.. وكانت بمثابة رادع غير مباشر لعشاق السباحة من المخاطرة بالسباحة في الحواجز المائية.. ذلك الحادث الذي أراد القدر أن يؤرخ ويوثق نهاية زوجين في شهر عسلهما وهما يصارعان الموت ويبحثان عن شيء به لينجوان من الموت.. حادث أبكى الجميع.. وتناقلته معظم القنوات الإخبارية المحلية والإقليمية والدولية وكذا مواقع التواصل الاجتماعي… الحادث شهده سد كمران الكائن جنوب أمانة العاصمة “بيت بوس”.. لزوج كان يغرق فحاولت زوجته إنقاذه لكنها فشلت, بينما زوجها اصطحبها معه إلى قاع البحيرة كمحطة انتظار لقطار السماء.. ذلك الوقت قال شهود عيان ويبض غواصي القوات الخاصة التي كانت تستعين بهم مصلحة الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية للنزول إلى أسفل الحواجز المائية للبحث عن جثث الغرقى.. إنهم رأوا ثعباناٍ مائياٍ داخل السد يبلغ طوله ما بين مترين إلى ثلاثة أمتار.. اهتمت وسائل الإعلام بذلك الأمر.. لكن البعض اعتبره شائعة ولم يصدقوا وجود ثعابين بالسدود ولم يتأكدوا إلا بعد أن وجه وزير الداخلية السابق اللواء الدكتور/ عبد القادر قحطان القوات الخاصة بالقبض على الثعبان وإخراجه من المياه وهو ما حصل. وحول عدم بناء تلك السدود بحسب مواصفات ومقاييس دولية قال الوكيل المساعد بوزارة الأشغال توفيق الأسطى: إن جميع السدود الموجودة تم بناؤها بحسب مقاييس ومواصفات يمنية وأن الوزارة حالياٍ تدرس عدداٍ من المواصفات والمقاييس لأكثر من دولة للخروج برؤية وبمقاييس ومواصفات أكثر دقة لإنشاء السدود. وأشار الأسطى إلى أن الوزارة لا تستلم السد من المقاول المنفذ إلا بعد التأكد من تنفيذه وإنجازه بحسب العقد المتفق عليه والمخطط الموقع عليه.. لافتاٍ إلى أن الإشارات واللوحات الإرشادية والتحذيرية موجودة في أغلب السدود وأنه إذا صادف انعدامها في بعض الحواجز فذلك لتعرضها للاعتداء من قبل بعض المواطنين الذين يجهلون أهمية وجودها وبقائها. وبالنسبة لتنظيفها وإزالة الأتربة والأشجار المتراكم بأسفلها فقد أكد وكيل وزارة الزراعة لقطاع الري الخدمات الزراعية الدكتور/ محمد الغشم على أن تنظيف السدود يقع على عاتق المجالس المحلية.. وحذر بدوره المواطنين من السباحة في السدود حفاظاٍ سلامتهم وأطفالهم. حاولنا التواصل مع وكيل وزارة الزراعة لقطاع الري واستصلاح الأراضي الزراعية عبدالواحد الحمدي لمعرفة إن كان من واجبهم تلك المهمة نحو السدود.. لكن بدون أي فائدة.. وبالنسبة لرفع الوعي لدى المواطنين بمخاطر السباحة في السدود فهي ليست صعبة ومستحيلة ولكن تحقيقها يتطلب جهوداٍ كبيرة وتعاوناٍ مشتركاٍ من قبل كل الجهات والمؤسسات ذات العلاقة على رأسها وسائل الإعلام المختلفة.. وكذا المجتمع فيما بينهم. لو كان عدد الضحايا التي أوردها تقرير الداخلية.. في بلد ما غير اليمن.. لحرم المواطنون الذهاب إلى تلك السدود والحواجز المائية.. وربما قاطعوا الشوارع المجاورة لها.. ولو شهدت بلد آخر تلك الحوادث الذي شهدها وطننا العام الماضي.. لأصبحت السدود والحواجز عن تلك المجتمعات كابوساٍ.. عدو الإنسانية.. قاتل.. ويجب إعدامه.. كان قد امتلأت ساحات الثورات وميادين المظاهرات والاحتجاجات بالمواطنين.. كان قد رفعوا شعارات تطالب بدفن هذه الحفر المائية والمميتة.. بإلغائها من أوطانهم.. لن يسمحوا لها بالبقاء.. أولئك الذين هم ضد أيْ شيء يسلب ويقتل سر ابتسامة طفل أو طفلة أو يغتال طموح شاب.. فما بالك بعريسين في شهر عسلهما..