الرئيسية - قضايا وناس - مشاهد مما يجري في المعهد الفني والتدريب المهني بأمانة العاصمة
مشاهد مما يجري في المعهد الفني والتدريب المهني بأمانة العاصمة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لا شيء يوقف الفساد.. أنهِ السيل الجارف.. وكرة الثلج المتدحرجة.. فحين يتسلل الفساد إلى المعاهد والمراكز الفنية والمهنية التي يلجأ إليها الطلاب العاجزين عن الإلتحاق بالجامعات الحكومية والأهلية بسبب الظروف المادية.. تحل عليه لعنة الجميع, فلم يكتفي “الفساد” في وزارة ما أو مؤسسة وإنما توجه نحو المعهد الفني والمهني, حيث وجد هناك البيئة المناسبة للعيش والتغلغل في ممارسة مهامه. وتعتبر المعاهد والمراكز الفنية والمهنية البديل الوحيد أمام الطلاب الذين لم يتمكنوا من الإلتحاق بالجامعات والمعاهد العلمية الرسمية بسبب انخفاض معدلاتهم وكذلك من لم تسمح لهم الظروف الاقتصادية بالانضمام إلى الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الخاصة.. إذ يتوجه هؤلاء نحو المعاهد المهنية لكسب مهارات وحرف في مختلف مجالات العمل, ليتمكنوا من خلال المهنة المكتسبة على فتح مشاريع صغيرة بسوق العمل تساعدهم على العيش هم وأسرهم بكرامة وعزة. ما نتحدث عنه هنا.. هي قضية فساد كبيرة وخطيرة.. مرتكبيها تجاوزوا القوانين وتناسوا الجهات الرقابية والمشرفة على المعهد.. وليس المعهد التقني والمهني الكائن بشارع بغداد بأمانة العاصمة من تغلغل فيه الفساد فحسب, وإنما هناك معاهد كثيرة وبمحافظات مختلفة قضى الفساد فيها على كل جميل. قضية المعهد التقني والمهني أثارتها صحيفة “الثورة” على صفحات “قضايا وناس” منتصف ديسمبر من العام المنصرم.. حيث كشفت ما يحدث من فساد وتجاوزات داخل المعهد, داعمة معلوماتها بوثائق رسمية وتقرير الجهات الرقابية .. الموضوع الذي نشرته “الثورة” كان حول الفساد المالي المتعلق بتغذية الطلاب وكيف يتم شرائها بطريقة مخالفة للقانون المالي رقم (8) لسنة 1990م ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما وكذا قانون المناقصات والمشتريات رقم (23) لسنة 2007م ولائحته التنفيذية وقانون السلطة المحلية المتعلقة بهذا الشأن. تفاعل النائب العام الدكتور/ علي أحمد الأعوش معا ما نشرته “الثورة” منتصف ديسمبر من العام الماضي ووجه مذكرة لمحامي عام نيابات الأموال العامة بالتأكد من صحة ما نشر في الصحيفة والاطلاع واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.. بدوره محامي عام نيابات الأموال العامة وجه وكيل نيابة الأموال العامة الابتدائية الثانية بالاطلاع على القضية والتنسيق مع الهيئة لجمع البيانات والمعلومات ومحاضر جمع الاستدلالات عما نشر بالصحيفة وإحالة ما يرقى بالإحالة إلى النيابة للتصرف طبقاٍ للقانون. وفيما تزال النيابة تحقق في القضية, حصلت “الثورة” على وثائق وتقارير رسمية جديدة, تكشف سلسلة من مسلسل الفساد المالي والإداري بالمعهد التقني والمهني, إذ أشار التقرير الحديث إلى أن هناك مخالفات قانونية في شأن التعيينات وأقامت الدورات التدريبية, وهي كالتالي: أولاٍ.. كل من تم تعيينهم بداية بعميد المعهد ونائبة وحتى رؤساء الأقسام كان بطريقة مخالفة للقانون و التوصيف الوظيفي, بحسب مذكرة المركز الوطني للرقابة وتعزيز الشفافية والنزاهة التي رفعها للنائب العام والذي أكد فيها على أن كل المعينين بالمعهد لا يملكون سوى شهادة الثانوية العامة وما أدناها .. حيث يؤكد الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة ومركز معلومات الخدمة أن الوظائف التي يشغلها قيادة المعهد ورؤساء الأقسام فيه مخالفة للقانون حيث لا يشغل منصب العميد و نائبه و الوكلاء إلا من يحملون شهادات الدكتوراه أو ما يعادلها º وكذا رؤساء الأقسام أن يكونوا على أقل تقدير من حملات الشهادة الجامعية .. معتبراٍ ذلك فساداٍ مالي وإداري يخل بالسلم التعليمي وبقيم التعليم والمعايير الخاصة لشغل الوظيفة التعليمة العامة والعليا. مؤكداٍ على أن هذه المعلومات لم تأتي من محض خيال وإنما من مركز تكنولوجيا المعلومات بوزارة الخدمة المدنية والتأمينات وكذلك من سجلات المعهد. ثانياٍ.. إقامة دورة تدريبية لعدد (30) شخص من اللاجئين الصوماليين تم توزيعهم بالتساوي على ثلاثة برامج تدريبية لمدة ساعتين متزامنتين في اليوم للبرنامج الواحد, تم ذلك في ظل عدم وجود أي مسوغ قانوني أو لائحة تجيز للمعهد بإقامة دورات تدريبية لغير اليمنيين, بحسب تقرير رسمي صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة, والذي أشار إلى أن المعهد حصل مبلغ (4,800,000) ريال تكاليف أجور للدورة التدريبية التي أقامها المعهد للصوماليين.. وهذا ما أشار إليه أمين العاصمة الأستاذ عبد القادر هلال 10|11|2013م في مذكرة وجهها إلى عمداء المعاهد و التي أكد فيها عدم تنفيذ أي دورات أو أنشطة تعليمية واستشارية مهما كان نوعها أو الجهة المستفيدة منها إلا بعد التنسيق مع مكتب الأمانة . وذكر تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة التجاوزات التي حصلت في عملية الصرف نختصرها في الأتي: 1ـ قيام عميد المعهد بإصدار قرار إداري قضى بتكليف عدد (13) شخصاٍ للقيام على دورة تدريبية من مدربين ومشرفين, محدداٍ فيها المبالغ المالية المستحقة والتي بلغت “2,491,000” ريال لكل من شملهم التكليف خلال فترة التدريب التي وصلت نحو “24” أسبوعاٍ, دون احتساب أيام الإجازات والعطل الرسمية. 2ـ ظهور أسماء عدد “8” من خدمات المعهد ضمن كشوفات الصرف الخاصة بالمشرفين والقائمين على الدورة التدريبية, حيث صرف لهم مبلغ “42,000” ريال, بالرغم أن هذه الأسماء لم يشملها قرار التكليف. 3ـ صرف مبلغ “264,000” ريال مقابل بدل مواصلات لمعظم من سبق لهم الصرف من المشرفين على الدورة التدريبية. 4ـ صرف مبلغ “90,000”ريال بدل مواصلات لعدد “5” أشخاص من خارج المعهد مقابل بدل إشراف خارجي على الدورة التدريبية, وبالرغم أن هؤلاء لم يكونوا ضمن المكلفين رسمياٍ بالإشراف على الدورة. 5ـ عدم إتباع الإجراءات والضوابط المنظمة لعملية الصرف, حيث تم شراء طلبات للموظفين بمبلغ “140,857” ريال دون وجود طلبات مسبقة للموافقة وتحديد الغرض من شرائها. 6ـ عدم تقيد المختص في المعهد بالعمل وفقا لأحكام المادة (10) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية رقم (23) لسنة 2007م, حيث تم صرف العديد من المبالغ بموجب فواتير بلغ إجمالي قيمتها (412,770) ريال مقابل شراء مواد كهرباء ومستلزمات مكتبية وغيرها دون إرفاق ما يؤكد توريدها وصرفها بإذونات مخزنيه, بالإضافة إلى قيام المختص بالمعهد بتجزئة المشتريات.. تقرير الجهاز المركزي الصادر بتاريخ 6|3|2014م الذي يزيد عن 50 صفحة و 769 وثيقة و مستند جمعها خلال نزوله إلى المعهد لفحص و مراجعة تلك الوثائق التي تؤكد حجم العبث بالمال العام و المصروفات و الكسب الشخصي لمبالغ طائلة و أرقام فلكية تم الاستحواذ عليها وفقا للكشوفات و الوثائق التي حصلنا عليها إلى جانب تقرير الجهاز .. رسالة القاضي أبو بكر حسين السقاف رئيس الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة المرسلة إلى محامي عام نيابات الأموال العامة و المرفقة بالتقرير التفصيلي و الوثائق أكد في ختامها على أمله في الإطلاع و الإحالة إلى النيابة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال هذه القضية و موافاة الجهاز بالنتائج أولاٍ بأول . ما ورد في الأعلى كان جزء بسيط مما ذكره تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.. وهذا نموذج من الفساد المعشعش بالمعهد الفني والتدريب المهني الواقع بشارع بغداد أمانة العاصمة ولكم أن تتخيلوا الفساد بالمعاهد الأخرى في ظل استمرار الجهات الرقابية والإشرافية بالتستر على أمثال هؤلاء وتفويت مثل هذه القضية عبر تمديد التحقيق منها وإرسال وتبادل المذكرات مع الجهات الأخرى. بدورنا نشكر تفاعل النائب العام والإصرار والعزيمة التي تسكن شخصه الكريم المحب لوطنه الرافض لممارسة الفساد بالرغم من الصعوبات التي يواجهها في مواجهة ظاهرة الفساد في أجهزة الدولة ونشد عليه بإكمال مشواره ومسيرته التي ستخلد أسمه في قلوب أبناء اليمن وسيذكرها التاريخ في كل مجلدات المرحلة.