الرئيسية - قضايا وناس - الكلب .. ورائحة الزوجة المفقودة الحلقة الثالثة والأخيرة
الكلب .. ورائحة الزوجة المفقودة الحلقة الثالثة والأخيرة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

ملخص ما نشر في الحلقتين الماضيتين وصل البلاغ من الزوج إلى شرطة المنطقة عن اختفاء زوجته مفيداٍ: أنها ذهبت إلى حفلة عروسة بطرف المنطقة ولم تعد.. ثم في اليوم السادس من هذا البلاغ وصل إلى أمن المنطقة شقيق المرأة المختفية قائلاٍ: إن صهرهم الزوج اتصل بهم إلى المنزل قبل يومين وأبلغهم عن فقدانها وأنه جاء أي الأخ للسؤال عما توصلوا إليه بشأن اختفاء أخته وكان هذا الأخ شابا ويعمل محامياٍ تحت التدريب كونه تخرج حديثا في مكتب محاماة بمدينة المحافظة المجاورة والتي هو منها.. وأفادوه أمن أمانة المنطقة بأنهم لم يتوصلوا لشيء بعد ولكنهم سيبذلون قصارى جهدهم في التحري والبحث عنها.. وتولى مهمة متابعة القضية من شرطة المنطقة مسئول التحريات بمكتب البحث الجنائي والذي كان من الضباط النشطين والنزيهين ذاتياٍ.. حيث قام هذا بالانتقال إلى منطقة الزوج للتحري أكثر من مرة واستعان خلال ذلك بشيخ المنطقة وببعض النساء عن طريق سؤال نساء الأهالي والجيران وتوصل من ذلك إلى ما يفيد: أن المرأة المختفية لم تذهب إلى حفلة العروسة التي سبق وذكر الزوج في بلاغه أنها سارت إليها ولم تشاهدها أي من النساء تحضر هذه الحفلة كما أفادت إحدى نساء الجيران أن المرأة المفقودة كانت صديقة مقربة لها وأنها حكت لها أكثر من مرة بأن زوجها يشك فيها: وثمة مشادات وخلافات تحدث بينها لسبب وبدون سبب. في حين ذكر جار آخر وهو صاحب المنزل المقابل لزوج المرأة المختفية أنه شاهد كلباٍ أو صافه “كذا وكذا” أتى بعد ظهر يوم أمس ودخل إلى حوش بيت الزوج ووقف أمام باب البيت وهو ينبح للحظات ثم مضى يلف في الحوش حتى انتهى إلى جوار الشجرة التي بالركن وهناك وقف يحفر بيديه وينبح وكرر نفس الحركة للمرة الثانية بذات النهار كما كررها للمرة الثالثة في صباح هذا اليوم فسار الضابط ومن معه على ضوء الإفادة نحو حوش بيت الزوج للتأكد مما حفر فيه الكلب المشار إليه ولكن بالمصادفة وعلى غير ما كان متوقعا عند اقترابهم من سور الحوش وقبل وصولهم إلى مدخله رأوا الكلب الذي سبق وأفاد به الجار قد أقبل ودخل للحوش واتجه للحفر والنباح بذات المكان الآنف الذكر فدخلوا وراءه وقاموا بنبش التراب بالمكان ووجدوا جثة المرأة المفقودة كانت بداخل كيسين وهي مقطعة وعبارة عن وصلات لحم والرأس في أحد الكيسين و.. وها هي بقية الوقائع ومع أحداث الحلقة الثالثة والأخيرة. على إثر ظهور واكتشاف جثة المرأة مدفونة بداخل كيسين في الحفرة كان من البديهي أن تتحول مجريات البحث والإجراءات في القضية من قبل الضابط إلى منحى آخر ومغاير شكلاٍ ومضمونا.. فالمسألة لم تعد مجرد بلاغ عن زوجة مختفية من زوجها ولكنها أضحت جريمة قتل مرئية للعين وكاملة الأركان ولها من الغرابة والفظاعة ما يجعلها تختلف وتمس الوتر الحساس الذي يكون تأثيره أشد إيلاما على من يتعامل مع مثل نوعيتها وبمحاذير لها خطوط حمراء تتطلب المجازفة والدقة في التحرك وعدم التهاون تحت أي مبرر.. كون جسم الجريمة والمتمثل بالجثة ووحشية صورتها التي ظهرت عليها لا يخلو من الإيحاء لمن يرى بشاعة المنظر ودمويته بأن الدافع لارتكاب الجريمة ربما يتعلق بالأسرة والعرض والإصابة بعدوى الشك وسوء الظن في الحياة الزوجية وما شابه ذلك وهذا ما تراءى للضابط جلياٍ ومال لتصوره وللاعتقاد فيه من خلال خبرته وتعامله مع عديد من القضايا الجنائية التي تولاها واشترك فيها من قبل. وكان أول إجراء للضابط في المكان آنذاك هو تغطية الحفرة وبداخلها كيسي الجثة والابتعاد عن المكان إلى خارج الحوش والانتظار في الساحة بالخارج لمجيء الزوج وعودته من مشواره الذي ذهب إليه بطرف المنطقة ليتم القبض عليه لأنه صار المشتبه الأول بالنسبة للضابط أو الأقرب لتوجيه الاتهام إليه باعتبار واقع الحال يفرض ذلك في الوقت الذي حرص أي الضابط على تنبيه من معه بكتمان الخبر عن اكتشاف جثة الزوجة المقطعة والمدفونة وعدم ذكر أية كلمة بشأن ذلك حتى لا يتسرب السر قبل عملية القبض على الزوج ولذلك بادر الضابط إلى الاتصال بإدارة أمن المنطقة والعمليات وطلب حضور مختصي الأدلة الجنائية مع إرسال بعض رجال شرطة ومباحث المنطقة لعمل الإجراءات الأولية وليكن حضورهم بسرعة ممكنة. ثم بقي الضابط ومن معه منتظرين بالساحة وأعينهم على الحوش ومدخله ويترقبون عودة الرجل الزوج من مشواره لتتم مباغتته وضبطه وذلك حتى مرور ما يقارب ربع الساعة وحينها رأوا الرجل قد ظهر ووصل فمكث الضابط في مكانه ولم يتحرك أو يتصرف بشيء مما يثير لفت النظر إلى أن اقترب الرجل منه ووصل إليه فسارع لوضع قبضته عليه قائلاٍ له: لقد وجدنا أمرأتك المفقودة وتم اكتشاف سر احتفائها الدفين… وفي هذه الأثناء وصل طقم المنطقة وعليه عدد من رجال البحث والأمن وفرع الأدلة الجنائية والذين باشروا مهمتهم في المكان كل حسب اختصاصه حال حضورهم حيث تم التحفظ على المشتبه به الزوج داخل سيارة الطقم ووضع فردين مسلحين لحراسته بجانبه بينما اتجه الآخرون للدخول للحوش وقاموا بإجراءاتهم المتبعة والمتمثلة بمعاينة المكان والجثة المدفونة وتصويرهما ورفع الآثار في المحيط الذي يشمل موقع الدفن للجثة وما يمتد من المكان إلى أرض الحوش وكذلك إلى باب المنزل وغرف المنزل من الداخل وقد طلبوا من الرجل الزوج المقبوض عليه فتح باب المنزل للدخول إليه ومعاينته وتفتيشه بحضوره وحضور شيخ المنطقة لشكهم أنهم ربما يعثرون على شيء يتعلق بالجريمة في داخله .. غير أنهم عند دخولهم للمنزل بعد فتح بابه من قبل الزوج بالمفتاح الذي لديه لم يعثروا على شيء يثير فضولهم ووجدوا كل الغرف كانت مقتنياتها وأفرشتها مرتبة وطبيعية جداٍ. ثم وبعد الانتهاء من هذه الإجراءات وغيرها في نطاق المكان قاموا بنقل الجثة وهي بداخل الكيسين لإيداعها بثلاجة المستشفى المركزي بمدينة المحافظة للتحفظ عليها مؤقتا كما أقتادوا المشتبه به الزوج بمعيتهم إلى مقر مكتب البحث بأمن المنطقة لمباشرة استنطاقه وطرح الأسئلة عليه حول جثة زوجته المعثور عليها وواقعة مقتلها وملابساتها في ذات اليوم.. وكان منذ لحظة القبض عليه بمنطقته وقبل إيصاله إلى مقر شرطة المنطقة قد بقي صامتاٍ ومتكتماٍ لم يرض أن يفصح بكلمة عن الواقعة رغم سئوالهم له هناك وخلال الطريق عن ذلك شفويا وكأنه بهذا التكتم والصمت يوحي بأنه صدم بعثورهم على الجثة وبالحال البشع الذي ظهرت عليه بداخل كيسين مقطعة ومدفونة جوار ركن البيت تحت الشجرة وأن الصدمة كانت شديدة عليه ومؤثرة كثيراٍ بحيث جعلته يفقد القدرة على الاستيعاب والكلام.. غير أن هذا كان مجرد تظاهر أو إيحاء لفرض الاعتقاد بما ليس حقيقيا وذلك ما اتضح فيما بعد استنطاقه وفتح محضر جمع الاستدلالات معه بمكتب البحث في المنطقة حاول هو الاستمرار بالتمثيل أو التظاهر بتأثير الصدمة عليه وعدم الكلام أول الأمر ثم من خلال إيهامه بأنه لم يزل بالنسبة لهم في وضع المشتبه وليس المتهم الجاني ويريدون منه فقط الإفصاح بالحقيقة وأنه ولي الدم الأول باعتباره زوج المرأة القتيلة والقانون في صفه ويحميه نظراٍ لذلك من خلال الأسلوب هذا معه بدأ يخرج من صمته وتدرج في النطق بالكلام وكان رده في البداية هو الإنكار بما يفيد أنه لا يعرف شيئا عن الواقعة وليست له علاقة بالجريمة وأنه فوجئ مثلهم بالعثور على الجثة ولا يستطيع التصديق أن زوجته قتلت وقطعت جثتها بالصورة الشنيعة التي وجدت بها وكرر محاولته بالعزف على هذا الوتر ولكن لبعض الوقت وبعد ذلك وجد نفسه محاصرا بتكالب أسئلة المحققين الثلاثة التي انهالت عليه سؤالاٍ وراء الآخر ونهار ووضع كفيه على وجهه منفجرا بالبكاء وهو يقول: “لقد فعلتها.. نعم أنا من قتلها وقطعت جثتها ودفنتها ولكن ذلك كان لسبب بل لأسباب” ثم بمرور بضع دقائق وبعد أن توقف عن البكاء وهدأ وبدأ يسرد اعترافه الكامل ويفصح بأحداث الواقعة والقصة من أولها قائلا: من قبل الواقعة بفترة ليست بالقليلة وأنا احترق كشمعة تذوب وتتلاشى من الداخل .. كبركان منصهر على وشك أن ينفجر ويتحول إلى حمم متطايرة سائلة تذيب كل ما لدي من مشاعر ورجولة في أعماقي أنني رجل وزوج وفي نظر الناس أب لطلفة عمرها أربع سنوات أو أكثر ولطفل آخر كانت المرأة حاملا به وفي الأشهر الأولى لكني في ساعات أو دقائق نسيت كل ذلك وغدوت لا أتذكر إلا أنني طعنت في ظهري تلقيت صفعة غادرة جعلتني أدور حول نفسي وأفقدتني صوابي وتشبثي بالحياة صرت لم أعد أتذكر عدا أنني أحببتها ووثقت بها فغدرت هي بي وجرحتني في الصميم أسابيع وأشهر مضت وأنا أعيش الألم بكل ألوانه واتجرع عذاب الجحيم بمختلف نيرانه أصبحت أكره الدنيا وما فيها واحقد على نفسي وعلى من هم أحن إلى قلبي تغلغلت الكراهية في كياني وتعمقت رغبة الانتقام في ثنايا وجداني وصلت إلى حالة من اليأس التام وأمسيت لم أعد أفكر إلا بالثأر لرجولتي ممن أحببتها وخانت حبي هذا لها وهي المرأة (زوجتي) المجني عليها لقد تزوجتها بينما كانت امرأة مطلقة وذلك عن طريق شخص صديق لي له معرفة بأحد أقربائها الذي دل عليها وتوسط في اتقارني بها ومنذ الليلة الأولى للزفاف ودخولي عليها أحببتها وتعلق بها قلبي وتزايد حبي هذا لها يوما بعد يوم حتى صرت مع تتابع الأيام أشعر بأني لا أقدر على الاستغناء عنها وروحي تعلقت بها اكثر وأكثر وكان حملها بالطفلة في السنة الأولى من زواجنا ثم ذات ليلة ونحن بغرفة النوم نشب بيني وإياها سوء تفاهم بالكلام تفاقم إلى الصراخ واللعن اللاذع ودفعتني خلال ذلك بشتمها إلى أن ركلتها وأوجعتها في مكان حساس لها فردت علي غاضبة وهي تصيح أنا غلطانة لأني صابرة عليك من يوم زواجي بك ولعلمك أنني أكرهك ولم أكن أريدك يوما وكان زواجي بك غصبا عني وبدون إرادتي وقلبي لم يحب ولم يسكن فيه سوى شخص واحد وهو زوجي الأول أبن عمي. فكانت كلماتها هذه في تلك الليلة كمن عرتني وجعلتني أعرف قدر نفسي أمامها وأنني لا شيء بالنسبة لها وأن روحها ومشاعرها ونبضات قلبها كامرأة وزوجة هي مع ابن عمها طليقها وليست معي أو ملكي فبدأت من حينها أحس بالغيرة وأشك فيها وذهبت أتذكر أنها كانت ومنذ السنة الأولى لزواجنا تطلب أن آخذها لزيارة أهلها أمها وأبيها وإخوانها فتقعد هناك عندهم أكثر من مرة ليومين وثلاثة وأسبوع ولا تعود إلا بعد أن أروح انا لأخذها فكان هذا مما جعلني أشك بأن تلك الزيارات لأهلها وبقائها لديهم ما هي إلا مبرر لكي ترى أبن عمها الطليق وتلتقي به وتعاظم لدي الشك بها حتى غدوت ارتاب بأن الطفلة التي أنجبتها ليست ابنتي ولا من صلبي وإنما هي على الطليق ابن عمها وكذلك الحمل الذي ظهر عليها في الآونة الأخيرة فقررت مواجهتها بذلك وجها لوجه وكان موعد هذه المواجهة لي معها في ذلك اليوم “يوم الواقعة” ثم في هذا اليوم بعد الغداء قلت لها أنني أريد أن نجلس لوحدنا بالبيت كزوج وزوجة وسوف آخذ البنت الطفلة لتلعب مع بنات الجيران لكي نأخذ حريتنا وأذهب لإعادتها قبل المغرب. فأجابت المرأة أنها لا ترغب في ذلك وتحس بالتعب ثم لما وجدتني مصرا على طلبي وافقت على مضض وبعد ذلك قمت أنا والوقت قبل العصر وأخذت الطفلة إلى بيت الجيران لتلعب مع بناتهم قائلا: بأن أمها سوف تذهب عند حفلة العروسة بطرف المنطقة وأنا سأخرج لمشوار وسيعود أحدنا لأخذها في المغرب أو بعده.. ثم عدت للبيت وأغلقت الباب من الداخل وبعد دخولي جلست والزوجة المجني عليها وصارحتها بشكي نحوها وطلبت منها ان تخبرني بصدق وأمانة وتجيب على سؤالي لها هل البنت والجنين الذي في بطنها هما مني أم من غيري وأقصد به ابن عمها..¿ فثارت هي صارخة عندما وجهت لها هذا السؤال كأنها صدمت ولم تكن تتوقع سماعه وقالت لي وهي تمد يدها تريد لطمي أنك حقير خسيس ألا تستحي أن تقول ذلك. فأمسكت يدها وقلت لها أنت خائنة وأنا أعرف بكل شيء فقامت وهي تقول سوف تندم ولن أبقى في هذا البيت بعد اليوم بل إن أهلي وأولاد عمي سيقتلونك ويدفنوك حيا حينما أخبرهم بما قلته.. وأرادت لحظتها مغادرة الغرفة والبيت حانقة ثائرة ولكني سارعت إليها وأوقعتها على الأرض ولففت بيدي الاثنتين على رقبتها وضغطتهما بقوة بعد ان جثمت بجسمي على صدرها ورجلي فوق فخذيها ومكثت اضغط واشد على رقبتها حتى تخاذلت وسكنت حركتها وفاضت روحها ميتة.. وبعد أن رأيتها بين يدي صارت جثة هامدة قمت فسحبت جثتها إلى داخل الحمام ولبثت أفكر كيف أتصرف وأتخلص منها ثم خطرت لي فكرة أن أقوم بفصل الرأس وتقطيع الجثة ووضعها بداخل الكيسين ودفنهما بأي مكان ثم ذهبت إلى المطبخ وأحضرت سكينا من هناك قمت بذبح الرأس أولاٍ وفصله وانتقلت إلى تقطيع الجثة إلى أن انتهيت منها وبعد ذلك أحضرت الكيسين وأدخلت قطع الجثة فيهما وربطت فتحتيهما وأخرجتهما ووضعتهما على باب البيت من الداخل ثم عدت لغسل بقع الدماء بالماء والصابون حتى أزلتها تماما ولم يعد لها أثر وكذلك تخلصت من الآثار الأخرى وخرجت بعدها لحفر الحفرة تحت الشجرة في الحوش وانتظرت إلى وقت قرب المغرب ثم أخرجت الكيسين ودفنتهما في الحفرة المشار إليها وهكذا كانت الواقعة.