قائد محور البيضاء يكرم خريجي الدفعة الـ12 تأهيل ضباط من منتسبي المحور واللواء ١١٧ مشاة الأهلي يتفوق على الفيحاء في الدوري السعودي للمحترفين وقفة بمأرب للتضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم الصهيونية في غزة المنتخب الوطني لكرة القدم يبدأ معسكره الخارجي بماليزيا استعداداً لخليجي 26 الأمم المتحدة: حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة على المحك الارياني: تشويه القيادي الحوثي الاهنومي لتاريخ اليمن عقيدة ونهج وسلوك للمليشيات الاجرامية اليمن تشارك في اجتماعات مجلس محافظى وكالة الطاقة الذرية محافظ الحديدة يدعو المنظمات إلى تنفيذ مشاريع مستدامة تخدم المواطنين مركز الملك سلمان ينفذ مشروعاً لمعالجة مشكلة نقص المياه في مديرية ذوباب بتعز اختتام ورشة العمل الخاصة بالعنف القائم على الفتيات بعدن
جمال الظاهري – (لو كان الفقر رجلاٍ لقتلته) بهذه الأربع الكلمات لخص الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ثقل وخطورة الفقر وتبعاته الجسيمة على الإنسان وما يمكن أن يجلبه عليه من الهموم والمحن. الفقر عدو غاشم مقترن بالهم الإنساني يْذلك نهاراٍ ويؤرق منامك ليلاٍ ويقودك الإنسان إلى ارتكاب ما تنكره الأخلاق والقيم ولأن الفقر آفة خطيرة على المجتمعات ناهيك عن الأفراد فإنه مع تزايد الإدراك بخطورة هذه المشكلة من قبل الدول والمجتمعات فإنها توليها حيزاٍ كبيراٍ من الاهتمام في خططها واستراتيجياتها المرحلية بهدف الحد أو ازالة هذه الصفة عن أفراد مجتمعها إن أمكن ومكافحة ظاهرة الفقر أو محاربته نالت نصيباٍ كبيراٍ في التشريعات السماوية المتعددة وحتى المعتقدات غير السماوية أولتها اهتماماٍ كبيراٍ في أدبياتها ونصوصها المكتوبة وغير المكتوبة. قد يظن البعض أن موضوع الفقر يرتبط فقط بالموضوع المالي وبصورة أوضح بالشأن الاقتصادي الذي حدده علماء الاقتصاد بقدرة الفرد الشرائية التي تحدد من هو الفقير ومن لا ينطبق عليه هذا الوصف وهذه نظرة قاصرة لأن الفقر مفهوم أوسع وأشمل من هذا التحديد فهناك فقر أخلاقي وقيمي وفقر في الفضيلة وفقر في الإحساس بالآخر يعرفها من يدقق في المشاهدات اليومية لسلوك الآخرين. وفي هذا المقال المقتضب سأعرض على النوع المستتر من الفقر الذي لا نوليه اهتماماٍ في المعالجة سواءٍ كأفراد أو حكومات ومجتمعات فهو أوسع وأكثر خطورة من الفقر المعروف بالحاجة الشخصية لتلبية بعض متطلبات العيش وكي تكون الصورة أكثر وضوحاٍ ودقة فإني سأستعين بتجربة شخصية حدثت لي قبل أيام أرجو من خلالها أن تتجلى هذه الأنواع من الفقر الذي استشرى خلال السنوات الأخيرة في بلادنا مع التعريض البسيط على بواعث مثل هذه الانواع من الفقر. المدينة صنعاء وأحداث القصة بدأت في منطقة دارس – خط المطار- الساعة الحادية عشرة والربع كنت عائداٍ من عملي إلى البيت توقفت في سوق دارس لشراء بعض الأغراض المنزلية وبعد أن ابتعت ما تحتاجه أسرتي كانت هناك سيارة أجرة – تاكسي – متوقفة أمام البقالة التي تبضعت منها نزل منها شاب عشريني وسيم وممتلئ تظهر عليه ملامح النعمة أنيق في ملبسه ونظيف في مظهره استوقفته وطلبت منه أن يوصلني إلى المنزل وافق وفتح خانة التاكسي كي أحمل الأغراض التي ابتعتها وهو يبتسم .. ركبنا التاكسي وانطلقنا باتجاه الحي الذي أقطنه وفي الطريق تذكرت أني بحاجة لشراء بعض الخضار وطلبت منه التوقف أمام إحدى البسطات فوافق وأوقف السيارة على جانب الطريق بالقرب من (بسطة) تبيع الخضار والفواكه نزلت من السيارة لشراء ما أحتاجه وماهي إلا خطوات لا تتعدى العشر وإذا بي أسمع صوت محرك التاكسي التفت صوبها لأراها وهي تغادر المكان مسرعة باتجاه المطار مع أغراضي ولكم أن تتخيلوا المفاجأة التي صدمتني حينها. تنتهي حكايتي مع صاحب التاكسي الهارب وتبدأ حكاية أخرى مع من كان حاضراٍ ساعتها وشاهد الحادث طلبت من أصحاب السيارات المتواجدة في المكان مساعدتي وعرضت عليهم إيجارات مغرية مقابل اللحاق باللص الشاب (الجنتل) فلم يلتفت ولم يقدر الموقف أحد فتركت المكان وتوجهت إلى إحدى النقاط الأمنية القريبة كي يساعدوني فبدأوا بمساءلتي بأمور كثيرة – من أنت وماذا حدث ومن صاحب التاكسي وهل أخذت رقمه ومتى حدث الأمر وأسئلة كثيرة أخرى. تجمع حولي أفراد الشرطة بعضهم أظهر بعض التعاطف والبعض الآخر بدت على وجهه السخرية المهم كانت النتيجة مخيبة لملمت الشتات الذي أصاب تفكيري وفوضت أمري لله وعدت إلى منزلي خالي الوفاض إلا من الكثير من اللوم لنفسي والحسرة على الحال الذي وصلت إليه قيم وأخلاقيات الناس وأسف شديد على النخوة والحمية التي لطالما تحلى بها مجتمعنا اليمني. عقدت العزم على أن أكون إيجابياٍ رغم كل الإحباطات بأن أتوجه إلى مركز الشرطة في منطقة بني حوات لتقديم بلاغ في الحادثة رغم عدم اقتناعي بالمعلومات التي سأقدمها لهم عن التاكسي خاصة أني لم أستطع تسجيل رقم لوحة السيارة فقط مواصفات صاحبها التي ستظل منطبعة في ذاكرتي إلى ما شاء الله. وصلت إلى الحي الذي يوجد فيه مركز الشرطة لأبدأ رحلة جديدة من التعاسة لأني بقيت حوالي الساعة والنصف أبحث عن هذا المركز في الحارات الداخلية للحي وحين وصلت وشاهدت حالة المركز والعاملين فيه وما يعمه من فوضى وافتقار لأدنى مقومات المراكز الأمنية ازددت يقيناٍ بأني أشبه ما أكون بغريق في بئر عميق ومظلم يصرخ طالباٍ من الريح نجدته ومع ذلك آثرت أن أكمل ما عزمت عليه وبعد أن شرحت قصتي لضباط وأفراد الشرطة الذين التقيتهم في حوش المركز طلب مني المختص بتدوين البلاغات قلماٍ وبياضاٍ لتدوين المحضر خرجت الى أقرب دكان واشتريت ما طلب مني ومن ثم عدت سألتهم عن مكتب المختص الذي سيباشر في تدوين بلاغي فأشاروا إلى إحدى الغرف توجهت الى تلك الحجرة ليزداد يقيني بالنتيجة المخيبة وتسيطر علي حسرة كبيرة على الحال الذي تعيش فيه مرافقنا الحكومية لأن تلك الغرفة لا تحوي أكثر من بقايا مكتب وكرسي مهلهل ويحيط بالمكتب بعض حبات البلك يجلس عليها المراجعون أثناء أخذ إفاداتهم. كتبت بلاغي وما تيسر لي من مواصفات اللص الهارب باغراضي وسلمتها للمختص الذي لم يكلف نفسه الرؤية لوجهي أخذ الإفادة وهو منكس رأسه ورماها في أحد أدراج مكتبه وأشار إلي أن (خلاص) غادر المركز تركته مغادراٍ وعيني تتفحص المكان ومن فيه وأذني تستمع الشكاوى والتذمر من قبل المراجعين ومن قبل أفراد المركز. ربما يكون الفقر (الحاجة) هي ما تدفع البعض للسرقة والقتل والتقطع ولكن الفقر الأكبر غير ذلك فقر المسئولية وفقر القيم وفقر السلطة (الدولة) فصاحبنا (الحرامي) صاحب التاكسي لم يكن مضطراٍ للسرقة ومظهره يدل على ذلك ولأنه يمتلك وسيلة دخل ومبنى مركز الشرطة وأفراد الأمن ليسوا ترفاٍ حتى يكون هذا وضعهم كما أن الجريمة والمجرم ليس بحاجة الى أن يكون معوزاٍ لأخذ ما هو لغيره بقدر ما هو بحاجة إلى بيئة تشجعه على ارتكاب جرائمه ومجتمع مفكك بعيد عن هويته وحضارته وتاريخه وقيمه هذه تجربتي وهذا ما خلصت إليه وتغيب الدولة عن واقع المجتمع وبالأخص في الشق الأمني محفز قوي للعبث وانتشار الجريمة فهل من مجيب¿.