قائد محور البيضاء يكرم خريجي الدفعة الـ12 تأهيل ضباط من منتسبي المحور واللواء ١١٧ مشاة الأهلي يتفوق على الفيحاء في الدوري السعودي للمحترفين وقفة بمأرب للتضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم الصهيونية في غزة المنتخب الوطني لكرة القدم يبدأ معسكره الخارجي بماليزيا استعداداً لخليجي 26 الأمم المتحدة: حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة على المحك الارياني: تشويه القيادي الحوثي الاهنومي لتاريخ اليمن عقيدة ونهج وسلوك للمليشيات الاجرامية اليمن تشارك في اجتماعات مجلس محافظى وكالة الطاقة الذرية محافظ الحديدة يدعو المنظمات إلى تنفيذ مشاريع مستدامة تخدم المواطنين مركز الملك سلمان ينفذ مشروعاً لمعالجة مشكلة نقص المياه في مديرية ذوباب بتعز اختتام ورشة العمل الخاصة بالعنف القائم على الفتيات بعدن
كتبت / بلقيس الحنش – أن ترى الضوء بملء عينك حلم قد يصاحبك لفترات طويلة وقد تعتقد أنك لن ترى النور من جديد هذا إذا كنت مكان جمال الظفيري الذي اعتقل في رمضان 2011م أحد شباب الثورة لقد عاش فترات صعبت عليه نفسه واضطر في لحظات أن يقول لشدة التعذيب الذي آلمه أنه مستعد أن يبصم لأي كلام يرضي معذبيه
رحلة جمال بدأت عندما جاء مجموعة من الرجال (الملثمين) برمضان وهو عائد إلى منزله قرابة أذان المغرب بصحبة ابنه الذي يبلغ من العمر تسع سنوات أمام جامع عذبان بعد أن انتهوا من زيارة والدته المتعبة وأمام مرأى ومسمع من كان متأهبا لدخول الجامع جاؤوا من خلفه وقالوا له:(أنت جمال لا تحاول أن تقاوم فالسلاح موضوع بظهرك) يشير إلى أنه صمت وكان باله يدور عند ابنه الذي دوى صراخه في قلبه ودوى صداه الشارع بأكمله فالصراخ هو الحل بالنسبة لطفل يريد استعادة والده من مجهولين أخذته تلك المجموعة و بعد أن ساروا مسافة 200متر تقريبا أÿخذواÿ يلبسونه غطاء -باللهجة الدارجة (طربال)- ووضعوه تحت أقدامهم ووضع أحدهم أعقاب البندق على وجهه إلى أن وصلوا به إلى زنزانة انفرادية …كان التعذيب باللطم والركل بالأقدام أخف أدواتهم فقد أخذوا يعلقونه بسلاسل ويداه وقدماه مكبلات وعيونه مغطاة بنظارة كانوا طالبين منه اعترافاٍ وهو لا يعرف ما هو الاعتراف الذي يريدونه يتحدث جمال عن الواقعة ويتذكر عصارة الأوقات بألم وعينه ممتلئة بالدموع تمنع خروجها شدة الوجع وحياؤه مني يصمت قليلا ليعود فيقول: “كانوا يسألوني أين السيارة (الشاص) وأنا كنت أرد أي سيارة.. لم يكن معي لحظة اعتقالي سوى 2000 ريال وتلفوني المحمول ويدي ممسكة بابني” في ذلك اليوم أخذوه إلى سجن انفرادي وقدموا له الفطور لكنه لم يتذوق شيئا كيف له أن يأكل وهو لا يعرف سبب اعتقاله وأخذه بتلك الصورة محدثا نفسه كيف أتذوق شيئا وأنا لا أعلم مصير ولدي وحالة أمي التي عدت من زيارتها في ذلك اليوم قلقاٍ فقد كانت منهكة ناهيك عن أنها تعاني مرض القلب والسكر فكيف لا يخاف عليها وعلى أسرته بأكملها فهم لا يعرفون عنه شيئاٍ والعكس. محطة أمل في ذلك المعتقل كان التعذيب يبدأ من بعد صلاة التراويح إلى قبيل أذان المغرب فكان همه أن يركز على الأصوات التي تصاحب المبنى الذي كان فيه فقد سمع تسابيح قبل أذان الفجر فراودته الشكوك أنه قد يكون بصنعاء القديمة هي نفسها تلك التسابيح والطريقة التي يؤذن فيها الأذان إنها صنعاء القديمة “إذن أنا في الأمن القومي” هكذا كان يتمتم جمال مع نفسه لكنه يعود ويتذكر تلك الأدوات التي تم تعذيبه بها لا يكفي أن يعلق على باب الزنزانة أو أن تغطى عينيه بنظارة سميكة تحجب عنه كل شيء كي لا يرى من يحقق معه بل أيضا كان العطش والشعور بالظمأ إحدى تلك الأدوات فقد كان يضطر إلى أن يلعق قطرات العرق التي كانت تخرج من وجهه وفضلات الأنف كي يبل ريقه من شدة العطش يستنجد بمن يمسك علبة الماء فيأتيه الرد أن علبة الماء خسارة فيه فيطلب منهم ماء من الحمام لكنهم لم يسعفوه ولو بقطرة واحدة الألم جعله يتحدث بكل شيء عن ذهابه إلى الساحة أوقات فراغه وعن المحل الذي يملكه وعن صلاته في الستين كل جمعة “ماذا تريدون أعطوني ورقة وأنا أبصم عليها فقط ارحموني من هذا العذاب” …هكذا كانت كلماته لكنها لم تف بالغرض المطلوب سؤال غريب يسألونه لماذا خرجتم إلى الساحة فيجيبهم: الشعب كله خرج إليها إضراب يقول جمال إنهم في إحدى المرات التي حققوا معه أخذوه دون أن يغلقوا عينيه بتلك النظارة التي تجعل العالم كله أسود وأعطوه بعض الصور ليتعرف عليها لحظتها نظر إلى النافذة ورأى شمس النهار وانتهز الفرصة ليدقق أين يكمن المبنى وما نوع المباني التي تجاوره فقد كانت (الستارة) مفتوحة لكن الأمر لم يدم طويلا فقد تم إغلاق النافذة والقماش لكنه تأكد أنه أمام مبان قديمة ساعتها أدرك أنه في الأمن القومي استمروا بتعذيبه حتى عيد عرفة حيث تم نقله إلى الأمن المركزي الذي كان أشبه باستراحة من التعذيب عدا الأيدي والأقدام كانت مكبلة فجلس هناك هو والمعتقلين الذين نقلوا معه مايقارب الشهرين بعدها عادوا إلى الأمن القومي فقام مجموعة من المعتقلين بالإضراب عن الأكل فتم نقلهم إلى الأمن السياسي الذي يعد محطة أمل كما وصفها جمال فقد ظلوا فيه ما يقارب الشهر والنصف ثم تم عرضهم على النيابة للتحقيق. يذكر جمال أن الخلفية القانونية البسيطة جعلته يصر أن يحضْر محامُ لحظة التحقيق برغم أن هناك عدداٍ من الشباب تم التحقيق معهم دون محام فقد كانوا يقولون لهم أن المحامي يحتاج من مليون إلى مليونين لكن جمال أصر فقد رد على عضو النيابة أنه يمتلك بيتاٍ وإخوته مستعدون لبيعه مقابل براءته وخروجه من السجن كان على ثقة مما يقوله وفعلا جاء المحامي عبدالرحمن برمان بتوكيل من أسرته دون أن يعلم لكن بمجرد أن طلب محامياٍ حضر برمان وسار التحقيق وفي نهاية التحقيق أشار عضو النيابة أن الأمر ليس بيده فلا يوجد أي دليل على ارتكابه جريمة حادثة النهدين التي تفاجأ باتهامه بها أثناء التحقيق لكن الأمر كان سياسيا أكثر منه جنائي. هذه الكلمات التي سمعها جمال من عضو النيابة كانت التي جعلته ينتكس بعد الأمل الذي امتلأ به صداقة المعتقل يقول جمال بابتسامة هادئة أن إبراهيم الحمادي أحد المعتقلين لم يكن يعرفه لكن التعذيب بالأمن القومي عرفته به فقد قدموا له صورة إبراهيم لكي يتعرف عليه وكانت إجابته أنه لا يعرفه أبدا ولم يشاهده وهذه حقيقة لكنهم أصروا بأن هناك علاقة بين الاثنين من خلال التواصل عبر الهاتف كانت ثقته تقول لهم أخرجوا هذه الأرقام التي تؤكد تواصلي مع إبراهيم أربعة أيام من التعذيب وفي آخر يوم قال له أحد الضباط لماذا في هاتفك اسم الحمادي¿ أجابهم لدي عامل اسمه عبدالله الحمادي وهو يعمل لدي فأنا أملك محلاٍ لكني أختصر اسمه في الهاتف وأكتب الحمادي اتصلوا له وسترون أو اذهبوا وتأكدوا.. كانت هذه هي كلماته التي أنقذته من التعذيب بسبب شخص لا يعرفه اتصلوا أمامه بعبدالله الحمادي وتأكدوا أنه ليس إبراهيم هذه الواقعة أكدت لجمال أن من يعمل بهذا السلك أناس في قمة الغباء الأمني خاصة تلك الأسئلة التي كانت تقول له لماذا تتواصل معه في كل وقت وكان يجيبهم تخيلوا عاملاٍ لدي لابد وأن أتأكد أنه فتح المحل أو أن المحل محتاج لشراء بعض الأدوات فضروري أن أتواصل معه في اليوم أكثر من مرة في المقابل ظلوا يعذبون إبراهيم بحجة أنه يعرف جمال بنفس الأدوات والأسلوب يتذكر جمال لحظات لقائه بإبراهيم وكان عندما نقلوا كل المعتقلين إلى الأمن السياسي الذي جمعوا تحت عنبر واحد بإصرار منهم في هذه المحطة التي أعدناه إلى الوراء إلى اللحظات التي جعلته يتذكرها وعيناه محمرتان كانت عدسته غارقة بالدموع يقول: لحظة ما جمعونا بعنبر واحد رأيت إبراهيم قلت له أنت إبراهيم¿ وهو يرد علي أنت جمال¿ تعانقا الاثنين بل كل المعتقلين رأوا انفسهم يبكون ويتعانقون فالحقيقة الوحيدة التي جمعتهم أنهم اعتقلوا فقط لأنهم من شباب الساحة وكانت التهمة التي حاولوا إلصاقها بشباب الساحة جريمة حادثة النهدين تعانقت الأيدي والتقت المشاعر وكأن كل شخص وجد أحد أفراد عائلته التي غاب عنها منذ ما يقارب العام (لحظات لم أجد نفسي غير دموع مكبوتة بين ضلوعي مثلما حاول جمال اخفاءها أنا أيضا حاولت إنكارها) تحركت قليلا ونظرت إلى زوجته التي أجابتني بهدوء عندما سألتها ما كان أول عمل قمت به عندما أدركت أن زوجك معتقل أو تم اختطافه تشير زوجته إلى أن ابنها عاد إلى منزل جدته وأعمامه أعادوه إليها كان الصبي في حالة هستيرية يصرخ ويتشنج لم تعرف ولم تستوعب أي شيء أخذت العباءة وعادت إلى جامع عذبان وبحثت عن زوجها آملة أن تراه ملقى هنا أو هناك لكن الأمل لم يدم فقد أدركت أنه اختطف ولن يعود في نفس اليوم بحثت عنه في وزارة حقوق الإنسان علها تجد طريقه ذهبت إلى المنظمات الحقوقية ومنها إلى منظمة هود وتم توكيل المحامي برمان السجن المركزي رصيد للشباب محطة الأمن السياسي كانت إشراقة الأمل الذي اجتاح قلب جمال وغيره من الشباب المعتقلين ففي الأمن السياسي تمت الزيارات واطمأن جمال على أسرته وكانت المعاملة أفضل وأكثر إنسانية مما تجرعه في الأمن القومي في 25/ 12/2012م تم نقل المعتقلين إلى السجن المركزي وهي محطة أخرى تضيف إلى رصيد شباب الثورة السعي لبناء الدولة الحديثة وإلى الآمال التي خرجوا من أجلها في السجن المركزي كانت فاتحة لأن يخرج كل معتقل طاقاته فقد نسوا أنهم مسجونون بدافع القبول والرضوخ للأمر الواقع.. أنهم معتقلون لقضية شائكة وكبيرة اتفق الشباب الـ(26) أن يمارسوا ما يجيدونه داخل السجن فمنهم من درب النزلاء على التعامل مع الكمبيوتر ومنهم من عمل حلقات قرآنية وثقافية ومنهم من علم النزلاء أبجديات اللغة الإنجليزية كان هذا بتعاون من مدير السجن الذي انصدم لما عمله هؤلاء الشباب وترك المجال أمامهم أما جمال فقد كان يحب الرياضة وأقام دورياٍ لعدد من أنواع الرياضة فقد أشار إلى أنه علم بعض النزلاء كرة الطائرة والتنس والقدم التي لعبها مع الجميع وأقام دوريا ويقول: خرجت قبل أن أكمل معهم الدوري الذي بدأته لكني وعدتهم أن أعود لمشاهدتهم لأرى أي الفرق التي ستحصد المراكز الأولى هؤلاء هم شباب الثورة الذين خرجوا لأجل أهداف وطنية خالصة هم من نادوا للدولة المدنية .. للمواطنة المتساوية.. للقضاء العادل.. للدستور الذي يضمن الحريات والحقوق هؤلاء هم أنفسهم من يخدمون الوطن سواء كانوا بالساحات أو نزلاء ومعتقلين بالسجون يختتم جمال حديثه معي بآمال ومناشدات إلى النائب العام لينظر إلى قضية المعتقلين بمنظار القانون بأن تتم محاكمتهم بشكل عادل لا أن يظلوا بين القضبان دون محاكمة للتهم الكبيرة التي اتهموا بها … أن يحاكموا وليثبتوا أي دليل على ارتكابهم هذا الجرم فشباب الثورة مع القانون ولم يكونوا في يوما ضده ويشير بكلمات خرجت من صميم قلبه بقوله: فليحاكم المعتقلون أو يتم الإفراج عنهم بالبراءة فلا يكفينا أن نسمع من البعض أن النائب العام أفرج عن مجرمين نحن لسنا مجرمين ولم نرتكب أية جريمة … كانت هذه كلماته الأخيرة في لقائنا معه .