الرئيسية - قضايا وناس - سجناء اليمن يطالبون القضاء بسرعة محاكمتهم
سجناء اليمن يطالبون القضاء بسرعة محاكمتهم
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

استطلاع/ وائل شرحة –

700 قاضي هم من يحكمون ويفصلون في مشاكل 25 مليون مواطن يمني

إضرابات واعتصامات تشهدها الكثير من السجون المركزية بالجمهورية بين الحين والآخر من قبل النزلاء فيها يرجع أسبابها السجناء إلى عدم بت القضاء والنيابة في قضاياهم المطروحة أمامهما. أعوام عديدة مرت على هؤلاء النزلاء وهم بين حيطان السجن وحيطان وأقفاص الاتهام والمحاكم. وفي ظل تزايد الإضرابات التي تشهدها السجون المركزية حرصت «الثورة» من خلال هذا الاستطلاع على الاقتراب من هؤلاء السجناء وطرح هذه الظاهرة على المسئولين والجهات ذات العلاقة لمعرفة مكامن القصور والوقوف على أسبابها وإمكانية الحد منها أو حلها فإلى حصيلة الاستطلاع التالي:

في البداية أرجع رئيس محكمة جنوب غرب الأمانة القاضي عبد العزيز نجم الدين أسباب تأخير بت القضاء في القضايا إلى عدم وجود بنية تحتية مؤهلة لمباني القضاء «المحاكم» والنيابات, حيث أن أكثر مباني القضاء»حسب قوله» مستأجرة وغير متسعة بالإضافة إلى العدد الغير الكافي من الكادر البشري «القضاة» نتيجة لإغلاق المعهد العالي لتأهيل القضاة الذي استمر إغلاقه أكثر من سبع سنوات خلال الفترة الماضية.. منوهاٍ بأن الفترة التي يحددها القاضي مابين الجلسة والأخرى تصل بعض الأوقات إلى أكثر من شهر وذلك للعدد الهائل من القضايا المطروحة أمام القضاء.

طرق غير مؤهلة رجال الأمن مساهمون في تأخير الفصل بين المتخاصمين «حسب قول القاضي عبد العزيز» وذلك بجمعهم محاضر التحقيقات والاستدلالات بطرق غير مؤهلة علمياٍ ولا تشمل كل البيانات حول القضية خاصة الطب الشرعي الذي يملك إمكانيات بسيطة لم تواكب التقنيات الحديثة للطب الحديث في جمع الاستدلالات.. مشيراٍ إلى أن محاضر الاستدلالات لا تخلوا من قصور المعلومات والبيانات التي لا تساعد القضاة في الكشف عن المتهم الحقيقي في إي قضية وهذا ما يجعل القضاة عادةٍ يدرسون القضية من جديد.

700 قاضي لسكان اليمن بينما يرى قاضي محكمة بني الحارث رضوان العميسي بأن أسباب تطويل إجراءات التقاضي يعود إلى قلة الكادر القضائي في المحاكم مقارنةٍ بالقضايا المطروحة أمامهما.. مضيفاٍ «لا يوجد سوى (700)قاضي حكم لعدد خمسة وعشرين مليون مواطن يمني ما يعني أن لكل (35714) مواطناٍ قاض واحد وهذا لا يتطابق مع المعايير الدولية التي تفترض قاضياٍ واحداٍ لكل (8000)مواطن على الأكثر» وهذا يعني أننا بحاجة إلى أربعة أضعاف العدد الموجود. وأشار العميسي إلى أن عدد الكادر الإداري مساهم بشكل كبير في عملية تأخير الفصل في القضايا « يوجد في الغالب أمين سر واحد للقاضي يقوم بكافة الأعمال من كتابة محاضر الجلسات وتنزيل السجلات وتحرير الإعلانات والمذكرات بالإضافة إلى تصوير المحاضر والملفات للخصوم ناهيك عن تحصيل الأحكام, وهذا كله عمل مضني يحتاج على الأقل إلى ثلاثة موظفين إداريين» قد يحتاجهم كل قاضي.

يضاعف من المشكلة انعدام التأهيل المستمر للقضاة والإداريين يضاعف من المشكلة «حسب قول العميسي» إذ أن الكثير من القضاة لم يلتحقوا بدورات تأهيلية منذ التحاقهم بالعمل القضائي ومثلهم الإداريين.. منوهاٍ بأن القضاة بحاجة إلى صقل مواهبهم من خلال الدورات التدريبية المستمرة .

%80 مباني إيجار وعن عدم وجود البنية التحتية الكافية التي تستوعب جلسات القضاة على مدار الأسبوع والمكاتب الإدارية اللازمة قال العميسي» أكثر من80% من مباني المحاكم إيجار وتعتبر مباني سكنية لا تصلح لمحاكم أو لجلسات قضائية وهذا يسهم بشكل كبير في تأخير فصل القضايا لأن القضاة يضطرون من خلال هذه المباني إلى عقد الجلسات في ثلاثة أيام من الأسبوع وذلك تناوباٍ على القاعات من قبل القضاة».. مشيراٍ إلى أن العدد الكبير من القضايا الواردة إلى المحاكم مع قلة عدد القضاة وعدم توفر القاعات الكافية تجبر الحاكم على تحديد زمناٍ قد يصل إلى شهرين بين الجلسة والأخرى. ويعتقد العميسي «أن كثرة العطل في المناسبات الدينية والوطنية وإضرابات القضاة بالإضافة للإجازة السنوية التي تمتد لشهريين متتابعين خلافاٍ للمعمول به عند الآخرين من الأسباب الرئيسية في تأخير الفصل بين المتخاصمين إذا يصل عدد هذه الإجازات إلى ما يقارب 180 يوماٍ في السنة أي نصفها.. مشدداٍ على ضرورة إعادة النظر في هذا الجانب من قبل الجهات المختصة. وعن الأسباب القانونية يقول العميسي «الأسباب القانونية أكثر من الواقعية ولا يسع المجال هنا لذكرها» ومن هذه القوانين نذكر» بشأن وجوب الفصل في الدفوع المتعلقة بالنظام العام قبل الخوض في موضوع الدعوى وما يترتب على ذلك من استئناف القرار ثم الطعن فيه أمام المحكمة العليا, لتعود القضية مجدداٍ إلى الابتدائية بعد أن يكون قد مر عليها سنة إلى سنتين ولم يتم الرد على الدعوى بعد.. بالإضافة إلى مانص عليه القانون بشأن الإعلانات لثلاث مرات وكذا المدد القانونية للطعن على القرارات والأحكام…وغيرها».

الخصوم هم السبب من جانب آخر يؤكد رئيس الرابطة القضائية ـ عضو نيابة جنوب غرب الأمانة القاضي/ عبد الكريم محبوب أن الخصوم هم السبب الرئيسي في تطويل القضية وذلك لانعدام المصداقية والشفافية فيما بينهم»المتخاصمين» حول القضية بالإضافة إلى عدم إلمام المحامين بالقضايا التي يدافعون عنها حتى يستطيعوا طرح لب القضية أمام المحكمة.. مؤكداٍ أن النيابة أكثر الأجهزة القضائية التي تعمل على تطبيق القانون لما وضع عليها من رقابة من التفتيش القضائي. ويعتقد محبوب أن الحل الأساسي لكل العوامل المؤدية في تأخير البت في القضايا هو إصلاح السلطة القضائية من الرأس ممثلة بمجلس القضاء الأعلى, إذ أن أكثر أعضاء المجلس»حسب قوله» ولاءاتهم سياسية وحزبية.. مؤكداٍ على أهمية تغيير المجلس الأعلى القضائي بعناصر فاعلة وذو كفاءة عالية يشهد لها بالقوة والنزاهة. ووجه محبوب رسالة في نهاية حديثه لرئيس الجمهورية والحكومة مفادها أن يدركوا أهمية القضاء الذي قامت من أجل تحقيقه ثورات راح ضحاياها الكثير من شباب اليمن في ضل البحث عن تحقيق العدل والمساوة . وفي نفس السياق يعتبر رئيس مركز إسناد لتعزيز استقلال القضاء وسيادة القانون المحامي فيصل المجيدي عدم تدريب وتأهيل القضاة بشكل مستمر احد الأسباب الرئيسية في عدم بت القضايا المطروحة أمامهم.. منوهاٍ أن هناك الكثير من القضاة وخاصة من هم في المناطق الريفية لا يعلمون بالتعديلات الحديثة لبعض القوانين من قبل الجهات المختصة .

عدم التعامل بجدية مع القضايا عدم تعامل بعض القضاة مع القضايا بجدية وإعطائها حقها من الاهتمام وعدم سرعة البت في القضايا التي لا تستحق التأخير خاصة وأن المتهمين بها يسكنون السجون دون إي دليل أدى إلى حدوث الإضرابات والاعتصامات داخل السجون وهذا ما أكده المجيدي.. لافتاٍ إلى انعدام الإرادة الحقيقية للدولة بإصلاح القضاء وإعطائه استقلالية حقيقية بالإضافة إلى استمرار المشائخ والمتنفذين من رجال السلطة في التدخل بعمل القضاء يؤثر على سمعة ونزهة القضاة ويسهم في تأخير الفصل بين المتخاصمين أيضاٍ. التأثيرات والمماحكات بين المتخاصمين لا يعتبرها القاضي المجيدي سبب في عدم البت في القضايا لأنه حسب قوله «القاضي وحده صاحب القرار وهو شوكة الميزان بين الحق والباطل». أما القاضي فهيم عبدالله الحضراني يقول « موضوع تأخير الفصل في القضايا أمرا يشترك فيه جميع الإطراف منه ما يعود سببه للخصوم ومنه ما يعود للجهات الإدارية المعنية بتوضيح الرؤية للمحكمة» .

أخيراٍ قد تكون هذه الأسباب مجتمعة هي من تقف وراء تزايد .. والاحتجاج للسجناء في سجن عدن وصنعاء وحجة وإب وذمار وغيرها خاصة وأن هناك من السجناء من سجنوا دون قضية أو على أشياء تافهة ولم يتم البت فيها والفصل مما أدى إلى تراكم القضايا أمام المحاكم وارتفاع أعداد السجناء في السجون.