الرئيسية - قضايا وناس - كسر العسيب (غمد الجنبية) علامة للدوشان عند بعض القبائل
كسر العسيب (غمد الجنبية) علامة للدوشان عند بعض القبائل
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

المجتمع ظلمنا والدولة توفر الحماية لفئات وتحرم أخرى

مواطنون: لكل منطقة أو أسرة دوشان يحضر أعراسهم وفقا للأعراف

لا فرق بيننا ومن يتسولون في الشوارع

منظمات المجتمع المدني تبحث عن قضايا تدر المال ولا تدافع عن حقوق الإنسان

تحقيق / معاذ القرشي ثمة عادات وتقاليد وأعراف قبلية حولت البعض من أبناء اليمن إلى ضحايا ينظر المجتمع نحوهم نظرة دونية وهؤلاء يزيدون كل يوم قادمين من مخرجات مجتمع لا يرحم ويظلون قابعين في الجانب المهمل من المجتمع هؤلاء من يطلق عليهم المجتمع تسمية (دواشين) وهي مهنة معروفة في المجتمع اليمني لكن مقابلها سفك لكرامة الإنسان على قارعة الطريق في مجتمع كثيرا ما يسهب في الحديث عن الرحمة الموصوف بها. “الثورة” اقتربت من الظاهرة وأبرز أسبابها ودور منظمات المجتمع المدني في التصدي للعديد من الأعراف التي لا تزال تصنع مزيدا من الحواجز بين أبناء المجتمع ودور القانون في هذا الجانب من خلال الحصيلة التالية:

البداية كانت على مقربة من واحدة من صالات الأعراس مع واحد ممن يطلق عليهم المجتمع الدواشين كان عائدا من المكان الذي يمارس فيه هذه المهنة استوقفته على الطريق ومع أنه كان في عجلة من أمره إلا أني أقنعته بالحديث عن هذه المهنة فقال: اسمي علي القملي من منطقة سريح محافظة عمران أعمل في هذه المهنة منذ 12 عاما وكانت مهنة أبي من قبل التي ظل يمارسها لأكثر من 70 عاما (دوشان). وأضاف القملي: الدواشين أمثاله يكثرون في الأرياف ويقلون في المدن بسبب التقاليد القبلية في الأرياف ويقتصر عمل أي دوشان على الزامل بكلمات ترحب بالضيوف أو الشيخ أو العريس أو في مناسبات الأعياد ونحصل مقابل ذلك على مبلغ بسيط يوفر مصروفك ليوم أو يومين. وأردف القملي: في القديم كانت هذه المهنة إجبارية من قبل شيخ المحل لكن الآن اندثرت هذه العادة وأصبحت مهنة يمارسها من يريد وهم قلة من الفقراء أمثالي.. سألته عن تعامل المجتمع معهم فقال: المجتمع اليمني فيه الذي يقدر عملنا ويعتبر ما نمارسه من عمل جزءاٍ من تكوين المجتمع وفيه أيضا من لا يرحم أمثالنا نحن بالنسبة للبعض زيادة وعبء عليهم وهؤلاء الذين يعتبرونك عبئا لا يعطونك حتى ما يسد جوعك. وأشار القملي إلى “أن هناك فرقا بين دوشان ودوشان آخر وهذا يعود لمدى تمسك المناطق بالأعراف والعادات المعروفة ولا فرق بيننا وبين من يتسولون في الشوارع إلا في السبب الذي جاء بنا إلى الشارع وفي كوننا نحصل على المقابل بكلمات المدح التي نطلقها من جوع وليس لدواعي فرح فالمتسولون يسدون جوعا أما نحن فنمارس عادة قبلية جعلتنا نصل إلى الشارع فماذا نفعل! لا يوجد بديل.. إذا توفر البديل سنترك هذه المهنة فلا أحد يرضى لنفسه المهانة”.. بعدما أكمل حديثه معي طلبت أن آخذ له صورة فتحرك ماشيا لم يلتفت أحسست حينها أنني جرحت كرامته التي لطالما ظلت مجروحة. من جهته أوضح عبدالله صالح علي حماد -من أبناء أرحب- أن الدواشين يتواجدون في أرحب ويمارسون مهن مختلفة إضافة إلى عملهم كدواشين والبعض منهم يمتلك محلات تجارية ويمارسون حياتهم في إطار المنطقة بشكل عادي ولا يوجد أي خلاف بينهم وقال حماد: إن الدواشين أشخاص توجد أعراف تنظم تعاملاتهم وخدمتهم لأبناء المنطقة حيث يكون لكل أسرة دوشان يحضر في الأعراس والمناسبات المختلفة ولا يحق له ممارسة نفس العمل مع شخص آخرمن أبناء المنطقة بل يمارسه دوشان آخر بحسب العرف المتعارف والذي ينظم العمل الذي يقومون به في إطار المنطقة والمشاكل التي قد تحدث بين الدواشين أو مع باقي السكان ينظر فيها شيخ المحل ولهم حقوق يجب عدم المساس بها أهمها حريتهم الشخصية حيث لا تفرض عليهم هذه المهنة بل يمارسونها بحسب الاعتياد. وأضاف حماد أن الفارق الوحيد هو رفض القبائل مصاهرتهم في إطار الأعراف القبلية الموروثة أما ما عدا ذلك فالجميع يتعامل معهم معاملة طيبة وهم أشخاص لم يسبق أن قاموا بعمل يعتبر مخالف للشرع والعرف. ويختلف معه في وجهة النظر محسن صالح حيث يرى أن الدواشين ظاهرة مجتمعية يمارسون مهنة يجدون من خلالها مصدرا للرزق وهم أشخاص متقبلون لكل ما يأتي من المجتمع من الألفاظ والمجتمع قد اعتاد على التعامل معهم ويحتاج لهم في كثير من المناسبات إما عملية تحسين أوضاعهم فمسألة تعود للدواشين أنفسهم في اختيار أي مهنة أخرى لكن مسألة تواجدهم وممارستهم لمهنة الدوشنة تعود للماضي.

ويضيف محسن: الدواشين وممارستهم لهذه المهنة ظاهرة في طريقها للاندثار والدليل على ذلك عدم وجود هذه الظاهرة إلا في بعض المناطق البعيدة من التطور والحداثة ومع التعليم والانتقال من الريف إلى المدينة بحثا عن الرزق يقل عدد الدواشين من خلال ذوبانهم في مجتمع المدينة الذي لا يدقق في شخصيات الناس وما يمارسونه من أعمال. أما وهيب القباطي فأكد أن تعامل البعض مع الدواشين يجرح كرامتهم لكن المشكلة في عدم وجود حلول من قبل المجتمع ولا من قبل الدولة لما يعانونه وأعتقد أن هذه الظاهرة ستظل مستمرة حتى توجد الدولة القوية التي تزيل الفوارق بين جميع طبقات المجتمع وليس الدواشين فقط. من جهته أوضح المحامي عبدالغني الخزان أن الدواشين في المجتمع اليمني ظاهرة تعود إلى الأعراف والعادات القبلية لكن للأسف المجتمع يعتبرهم عبئا عليه في ظل قانون لم يشر مجرد إشارة إلى أي نوع من أنواع الحماية القانونية تجاه الدواشين ولدى أبناء المجتمع اليمني اعتقاد خاطئ أنهم أشخاص أشرار مع أنهم أناس لا يمارسون أي سلوك خارج عن القانون. ويضيف المحامي عبدالغني الخزان قائلا: سبق أن ترافعت في قضية كان الشهود فيها من الدواشين ومن صلب العدالة أن يتمتع هؤلاء بكامل حقوقهم القانونية باعتبارهم مواطنين فالعادات والأعراف لا يمكن أن تكون مانعا من ممارسة الحقوق العامة والخاصة التي كفلها الدستور والقانون للمواطنين وقبل كل ذلك كفلتها الشرائع السماوية ومبادئ العدالة. وأردف الخزان: أطالب المشرع أن ينظر إلى ما يعانيه الدواشين في المجتمع ويعمل على وضع نصوص تحميهم من الاستغلال فهناك في كثير من البلدان أقرت قوانين الحماية القانونية لأشخاص مثل الشواذ فكيف يحرم من هذه الحماية إنسان سوي بكل المعايير التي يقرها المجتمع. وأشار الخزان إلى أهمية أن تقوم منظمات المجتمع المدني بدورها في هذا الجانب من خلال تتبع هذه الظاهرة وحصر ضحاياها وعمل البرامج التي تدمجهم أكثر في المجتمع بحيث تزول تلك النظرة الدونية التي تمارس ضدهم دون ذنب إلا أنهم يمارسون مهنة يحصلون منها على لقمة عيشهم مهنة مارسوها بسبب الأعراف والعادات ولم يختاروها. وقال الخزان: إن الدواشين لا يمكن اعتبارهم من المهمشين والسبب يعود إلى أن المهمشين لهم كيان ويوجد كيانات نقابية تطالب بحقوقهم إما الدواشين فلا يوجد لهم كيان يمثلهم ويطالب بحقوقهم. منظمات المجتمع المدني كان لها رأي في ظاهرة الدواشين حيث أكد عبدالمللك العصار رئيس منظمة كفاح لمناهضة العنف والإرهاب أن ظاهرة الدواشين في المجتمع اليمني ظاهرة موجودة لا يمكن إنكارها وترجع إلى أسباب مجتمعية وأعراف قبلية قديمة لكن لا يمكن التغاضي عما تعانيه هذه الفئة المهمشة من قبل المجتمع فعلى سبيل المثال لا يجرأ بعض الدواشين في خولان على لبس العسيب إلا إذا كان مكسورا كعلامة على كونه دوشان وهذا استخفاف بحرية الآخرين وهي الحرية التي أقرتها الشرائع السماوية والقوانين الإنسانية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأضاف العصار: نحن في منظمة كفاح لمناهضة العنف والإرهاب نعتبر معاناة الدواشين والفئات المهمشة عبارة عن عنف مجتمعي يجب القضاء عليه من خلال برامج طويلة الأمد لكن للأسف منظمات المجتمع المدني مقصرة في هذا الجانب لا تهتم إلا بالقضايا التي توجد منظمات خارجية تهتم بها لهذا سيبقى دور منظمات المجتمع المدني بعيدا عن معاناة الكثيرين. وأردف رئيس منظمة كفاح لمناهضة العنف والإرهاب قائلا: سنعمل في منظمة كفاح على أن تكون قضايا الدواشين ضمن نشاطاتنا المستقبلية مع أننا لم يسبق أن تلقينا شكوى من هذه الفئة من المجتمع حول تعرضها لأي انتهاك لكن لا يعني هذا قبولها عن ما نعرفه من انتهاكات تمارس ضدهم فيبقى هدفنا إنهاء العنف وفي مقدمته العنف المجتمعي وأدعو في هذا الجانب كل منظمات المجتمع المدني للتعاون والتنسيق معنا من أجل تحقيق نتائج في الواقع في القضاء على الظاهرة وإيصال الحماية القانونية لمن يطلبها.