الرئيسية - قضايا وناس - سجناء خلف القضبان إجباريا
سجناء خلف القضبان إجباريا
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق/ وائل شرحة – مصلحة السجون تنفي وجود مثل هؤلاء في أصلاحياتها.. وأهالي النزلاء يؤكدون بوثائق رسمية أربعيني قضى ثلثي عمره, وآخر أربعة أضعاف محكوميته في السجن

رغم صدور أربعة أحكام قضائية وقرار جمهوري وقرار لجنة المعسرين بالإفراج عنه وإطلاق سراحه, إلا أنهْ ما يزال يقبع في إصلاحية صنعاء “السجن المركزي سابقاٍ” منذ يوليو 1984م. النزيل نبيل علي محمد حسين الزبيدي يمكث في مركزي صنعاء منذ أكثر من ثلاثين عاماٍ بتهمة ارتكاب جريمة القتل وهو في السادسة عشرة من عمره, أي أثناء الحروب الوسطى. تنازل أولياء الدم عن القضية وسامحوا الزبيدي وصدر رابع حكم قضائي عام 2009م يؤكد براءته ,وقراران أحدهما جمهوري والآخر من اللجنة المكلفة بالمعسرين خلال شهر رمضان الماضي.. إلا أن تلك الأحكام والقرارات لم تفك قيوده وتطلق حريته بعد أن قضى في السجن ضعف المدة التي عاشها خارج أسواره.

وأرجع أحد أقارب السجين ” السبب الرئيسي في إهمال قضية الزبيدي وبقائه في السجن هو الطابع السياسي والوقت الذي وقعت فيه الحادثة, أي أيام الحرب الوسطى” وأطلق النزيل الزبيدي صرخة استغاثة عبر صحيفة الثورة إلى الجهات المعنية ممثلة بالنائب العام ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان مفادها ” النظر إلى قضيته وإنفاذ أحكام القضاء وتوجيهات رئيس الجمهورية ولجنة المعسرين والتي نصت على الإفراج عنه” نموذج آخر في سجن إب المركزي لمن لا يزالون قيد الحرية رغم صدور أحكام نصت على براءتهم والإفراج عنهم. السجينان ” وضاح محمد عبدالله الأسد وصلاح عبده ناجي الفقيه” نزلاء في إصلاحية إب المركزية منذ ثلاثة سنوات رغم صدور حكم قضائي من محكمة السدة الابتدائية يؤكد براءتهم ويشدد في أحد فقراته على الإفراج عنهم وإعدام شخص آخر متهم بالقتل. وبحسب وثائق حصلنا عليها من أهل المتهم, فإن نيابة مديرية السدة رفضت تنفيذ ما جاء في الحكم القضائي وكذا توجيهات النائب العام التي شددت على تنفيذ ما ورد في الحكم القضائي والمتمثل بإطلاق سراح السجينان. مصلحة الإصلاح والتأهيل “السجون سابقاٍ” تنفي وجود مثل هؤلاء داخل أصلاحياتها. يقول مدير الشؤون الداخلية بمصلحة التأهيل والإصلاح العقيد/ محمد علي اليهري ” ليس هناك نزلاء قد أصدرت في حقهم أحكام قضائية تقضي بالإفراج عنهم, لأن من أثبتت براءته أو انتهت مدة محكوميته, يفرج عنه فورا توجيه النيابة المختصة”. شخص آخر في الأربعينيات من عمره, أحد أبناء محافظة ذمار, تم الاعتداء عليه من قبل مواطن, وتم حجزه مع خصومه في أحد أقسام الشرطة, وفصلت القضية بالصلح القبلي عبر التحكيم وتم الإفراج عن المعتدى عليه علي المحجري والمتهمان أيضاٍ.. إلا أن المعتدين وبعد مرور عام اشتكوا بالمحجري في أحد أقسام الشرطة بتهمة خيانة الأمانة وتم ترحيل القضية إلى النيابة المختصة حتى وصلت إلى محكمة همدان التي قامت بدورها وفصلت القضية وحكمت على المحجري بالسجن لمدة شهر واحد فقط. مر عام كامل والمحجري ما يزال سجيناٍ في إصلاحية صنعاء, أصيب خلالها بحالة نفسية كونه قضى كل هذه المدة في السجن دون وجه حق, وباعتباره وحيداٍ في صنعاء وليس لديه من يتابع النيابة التي لم تلتفت إليه أو تتابع النزلاء المسجونين على ذمة قضايا منظورة أمامها. حول هذه القضية يقول مدير الشؤون الداخلية لمصلحة التأهيل والإصلاح ” وجدت اسم المحجري خلال نزولي الميداني إلى مركزي الأمانة للتفتيش, وتواصلت من نيابة السجون وتم الإفراج عنه بنفس الوقت”. وهذا يؤكد أن خلف أسوار السجون يقبع الكثير من المظلومين والذين قضوا محكوميتهم دون الإفراج عنهم. عبده أحمد سعيد سالم أحد نزلاء السجن المركزي بمحافظة تعز منذ عام 2009م, قضى حكم محكمة استئناف تعز ببراءته من التهمة المنسوبة إليه وحبسه سنة من تاريخ القبض عليه, إلا أنه ما يزال في السجن منذ خمس سنوات. وبحسب وثائق قدم بها أهالي النزيل عبده أحمد إلى مقر الصحيفة فإن نيابة استئناف تعز رفضت تنفيذ حكم القضاء وكذا توجيه النائب العام الذي شدد على إنفاذ حكم المحكمة والإفراج عن النزيل. في السياق ذاته ينفي وكيل نيابة السجن المركزي بصنعاء القاضي خالد هزاع وجود سجناء أصدرت في حقهم أحكام قضائية بالإفراج عنهم وقد أمضوا فترة محكوميتهم في السجون إلا من كان باقُ على ذمة حقوق خاصة أو تكون قضيته جسيمة كالقتل والمتاجرة بالمخدرات أو الحرابة والقطاعات. ويضيف القاضي هزاع ” هناك سجناء أصدرت أحكام ببراءتهم من المحاكم الابتدائية , إلا أن النيابة استأنفت قضاياهم أمام النيابات الاستئنافية, أو أن النزلاء لم يتمكنوا من إحضار ضمان إلى حين المثول أمام المحكمة”. مؤسسة السجين الوطنية التي تم إشهارها في الثامن من يوليو العام الماضي أكدت أنها في طور دراسة هذه القضايا خلال الأسبوع القادم. المدير التنفيذي لمؤسسة السجين الوطنية فضل محرز أشار إلى أن عدداٍ من السجناء رفعوا إلى المؤسسة شكاوى بأنهم قد قضوا فترة محكوميتهم وبعضهم صدر في حقهم أحكام قضائية تؤكد براءتهم إلى أنه لم يتم الإفراج عنهم.. منهوهاٍ بأن قسم المجال الحقوقي بالمؤسسة ما يزال يدرس هذه القضايا وملفاتها بالإضافة إلى النزول الميداني إلى كافة الإصلاحيات المركزية للتأكد من صحة الشكاوى. وأضاف ” ستدافع المؤسسة على من ثبت أنه قد قضى فترة محكوميته أو براءته, وسترفع دعاوى إلى النائب العام والنيابات حتى يتم الإفراج عنهم وإطلاق سراحهم”. القانون يلزم الجهات المعنية على رأسها القضاء بالإفراج الفوري على كل من إنهاء فترة العقوبة المحكومة عليه أو أثبتت براءته من التهمة المنسبة إليه أو في حال الإعفاء عنه من قبل الخصوم, بحسب نقيب المحاميين عبدالله راجح. وأضاف راجح ” للأسف الشديد أن المحاكم والنيابات لا تطلق سراح أولئك السجناء الا بعد متابعة وعناء ومشقة يبذلها أهالي النزلاء في متابعة النيابات المختصة “ وبحسب نقيب المحامين, فإن بقاء السجين داخل السجن بعد انتهاء مدة محكوميته يؤثر سلبياٍ على السجين وأسرته سواء اجتماعياٍ أو اقتصادياٍ أو نفسياٍ.. بالإضافة إلى أنه يساهم في انتشار واتساع ارتكاب الجرائم. وشدد راجح على ضرورة تطبيق القانون من قبل الدولة عامة والجهاز القضائي على وجه الخصوص ومراعاة المسؤولية الملقاة على كاهلهم والشعور بواجبهم أمام الله والمواطنين. قاضي الأحوال الشخصية بمحكمة بني الحارث رضوان العميسي لا يرى سبباٍ لبقاء من قضوا محكوميتهم أو ثبت براءتهم خلف القضبان سوى ارتباط قضاياهم بقضايا سياسية لا سيما ذات الرأي العام. ويؤكد القاضي العميسي بأن السجين يصاب باليأس والإحباط من العدالة لدى المجتمع خاصة حين يرى المتهم الحقيقي يتجول بكامل الحرية خارج السجن.. منوهاٍ بأن هؤلاء هم أكثر السجناء افتعالاٍ للمشاكل داخل الإصلاحيات بسبب شعورهم بقسوة الظلم عليهم وتضحية الساسة بهم بالإضافة إلى الأعباء المالية التي يتحملونها. ومن جانب القانون يقول القاضي العميسي ” نص القانون على تعويض أي شخص يتم احتجازه ب 100 ريال عن كل يوم, في حين إن جبال اليمن ذهباٍ لا تعادل تقييد حرية الإنسان لساعة واحدة فقط ناهيك عن سنوات”. ويضيف “يعتبر القانون ذلك من الجرائم التي نص الدستور على أنها لا تسقط بالتقادم بمعنى يستطيع من وقع تحت تلك الجرائم أخذ حقه ولو بعد مائة عام أو أكثر إذا وجدت دولة النظام والقانون”. ويرى القاضي العميسي بأن الانتقال من دولة اللانظام واللاقانون إلى دولة النظام والقانون التي يكون ضامنها الوحيد وحامي حرياتها وحافظ حقوقها “القضاء المستقل القوي العادل” وذلك هو الحل الوحيد والرئيسي لمعالجة هذه المشكلة. وطالب وكيل نيابة السجن المركزي بصنعاء خالد هزاع النيابات بالعمل على ما ورد في تعميم النائب العام والذي شدد على كل النيابات التي لديها سجناء مودعين بالسجون أن توافي نيابات السجون المركزي بإحصائيات حركة السجناء التابعين لها شهرياٍ وبشكل دوري ومنتظم, كون بعض النيابات لم تلتزم بالعمل على ما ورد في تعميم النائب العام والذي يعتبر من أهم حلول القضية. وفي حال نفي النيابات وجود مثل هؤلاء ومناشدة أهالي السجناء وبالوثائق الرسمية.. يفترض أن تشكل لجنة من قبل النائب العام للنزول والمسح الميداني إلى كافة السجون المركزية للتأكد من صحة ما إذا كان هناك نزلاء مسجونين خلافاٍ للقانون.